------------ --------
Share |

عار التعددية الروسية -2

في المقال السابق عن التعددية تم التطرق الى القانون الذي يريد النائب الروسي ان يقره مجلس الدوما . وكيف ان القانون اذا ما اقر سيكون كارثة حقيقية , فبلد مثل روسيا يعاني عشرات المشاكل وهو يحنجل بين الشيوعية التي تفتت وبين التبني الجديد للسياسة الغربية والرأسمالية الجديدة التي فرضتها الطفرة التي طرأت على حياة بعض الروس من جزاء اكتشاف النفط وعائداته الخيالية التي خلفت طبقة من الاثرياء الذين صاروا مصدر قلق حتى لجارات روسيا من الدول الاوربية بما تؤثر به استثماراتهم من مخاطر على اقتصادياتها وعلى اسقلال قرارها السياسي.

لم تحقق هذه الطفرة الاقتصادية الروسية الرخاء للشعب الروسي كما يعتقد البعض لان نتائج مثل تلك التغيرات تنعكس كالمعتاد على بعض الافراد وترفعهم الى طبقة اخرى وتبقي المجتمع وشرائحه الاخرى تعاني ما تعانية ، ولا تلتفت لأوجاعه ومشاكله.
ظلت فئات عديدة من المجتمع الروسي تعاني ويطحنها التغيير الجديد ، ويخذلها تخلي الدولة عنها وعن ضمان حقوقها كما كان عليه الحال زمن الاشتراكية التي كانت تضمن على الاقل للفرد كرامته وراحته في حياته الخاصة وتضمن له خريفا" هادئا" وامنا" . الكثير من الروس اليوم لا يستطيعون ان يتطببوا بسبب غياب الضمان الصحي الذي كانت تكفله الدولة ، ولم يعد بالامكان لذوي المشاكل الصحية المستعصية ان يجروا العمليات التي تتطلب مبالغ كبيرة لا يدفعها لهم احد بعد ان تم هجرهم وتركهم لمواجهة نهايتهم في غرف منعزلة حقيرة يندبون فيها حظهم ، وهم يتذكرون سالف الايام من تاريخ امبراطوريتهم الضائعة.
اليوم وروسيا تحاول ان تصحح ما خلفته اخطاء التفكك تقع فريسة أولئك الذين يريدون سحبها الى مجاهل معتمة ظنا" منهم عن قصد او غير قصد بانها الحلول الناجعة لمعضلات المجتمع الروسي. فمنذ متى كانت تعالج الكارثة بكارثة اقسى منها. ومنذ متى كان الفقر دواءه فقر . وفي اي زمان رممت الامم الملكومة بالمصاعب والخطوب تصدعاتها بالكبوات والاخفاقات.
من قال بان التعددية قد حققت اي من النتائج التي كذب المتشدقين بها ، وانقذت واقعا" مريضا" ولم تزد الطين بلة. اذا كانت روسيا تعاني من مشاكل في اعداد المواليد فليس مفاده بان النساء لا يجدن ازواجا" او رجالا" بل لان الفقر لا يشجع على الانجاب . العازة هي السبب وليس قلة الرجال وماذا سيجني تشريع مثل هذا القانون غير كوارث مادية وانسانية واجتماعية لا تحمد عقباها.
هل تريد روسيا ان تنتج جيشا" عرمرم من الشحاذين والمعدمين ببطاقات نسب لاتغني من جوع في مواجهة ظاهرة اللقطاء ، وهل ستمنع الاجهاض غندما ترمي النساء العزباوات في احضان رجال لا يمكون من المال ما يكفي لإعانة عائلة واسرة واحدة فكيف الحال بإسرتين.
هل ستكون الحكومة مرتاحة لما سيخلفه ذلك القانون من ترهل في المجتمع بسبب تفرغ النساء للانجاب فحسب على حساب مساهمتهن في النهوض بالمجتمع.
لماذا لم يتم دراسة عشرات الحقب التاريخية من المجتمعات الشرقية الاسلامية تحديدا" والتي شرعت هذا القانون ومازالت تشرعه وترى ماهي نتائجه وكيف تم التعامل معه ،واي من العوائد والفوائد عادت على مجتمعاته.
لم تخلف التعددية الا مزيد من الاولاد الاميين والاسر المفككة والسلطويةالذكورية والسلبية الانثوية ، والتطاحن والتناحر ، والنظرة الدونية الضيقة للمرأة وفق اسس علو شأن الرجل وانحطاط قدرها لانه قادر على ممارسة حق اضافي ان هي اقتربت منه اعد زنا وخروج عن ارادة السماء ، ووجب عليها فيه القصاص والعقاب والموت. هذا القانون الجائر بحق المرأة والذي راح يتصدى له كل رجل منصف سوي معتدل قبل ان تتصدى له النساء الواعيات الرائدات اللاتي اكدن ويؤكدن على الدوام من انه اجحاف واخفاق وظلم يقع على عابق المرأة ولم يحقق اي من الذرائع التي ادعاها مؤيديه وان كان قد حقق لكان اولى بنبي الاسلام الذي احتفظ بعشر نساء بعضهن تزوجهن وهن مازلن في عنفوان الصبا ومنجبات منهن ام سلمى والزينبات وغيرهن ولم تنجب له اي منهن حتى بنتا" عدا جاريته ماريا وما رافق قصة ولادتها من لغط لا مجال للخوض فيه هنا.. لو اسلمنا بان قرار انجاب الولد سماوي لم يسمح به كي لا يبقى من بعده نبي كما ادعوا. من هنا نرى ان قرار التعددية قرار اجوف لا يساهم باي شكل من الاشكال في مساعدة روسيا للنهوض باعداد مواطنيها . وهو لن يمنع النساء من الاجهاض لانهن لايجهضن خوفا" من احد بل خوفا" من الفاقة وعدم القدرة على النهوض باعباء ومسؤولية تربية الطفل.
على الدولة ان تنهض بمسؤلياتها بشكل صحيح وان تقر قوانين اجتماعية اكثر جدية لضمان حماية الفرد ومساندته عندها ستجد الروسية بان زواجها مضمون وفي امان فتنجب بطمأنينة وراحة!.
هناك اليوم بعض الروس الذي يشترون لوحات المشاهير من الرسامين بعشرات المليارات من الدولارات وابناء بلدهم لا يجدون ما يكفيهم قوت يومهم. ان تشجيع الاستثمار داخل روسيا ، وتعزيز انتماء الروسي لبلده لهما اهم وانجع من قرار عقيم كهذا . الحل ليس الاسلام في روسيا وقرار تعدد الزوجات التي يتفاخر به الاسلاميون المتشددون والمتطرفون على السواء بل الحل بالاستفادة من التجارب الاخرى التي نهضت بالمجتمع من كبوته في بلدان حققت تقدما" ورخاءا" تحسد عليه مثل السويد والمانيا وغيرها من الدول.
بقي ان تفكر روسيا بالاحتمالات الالف التي سيخلفها قرار مثل هذا . لا يجوز ان يكون هناك في العالم رجال يقاتلون ويصارعون كل المخلفات العقيمة البالية ويفندون حججها من اجل اثبات فشلها وبطلانها ،ويدفعون اثمانا" باهضة ثمنا" لها من حرياتهم وحياتهم وفي المقابل هناك بعض المغامرين الذين لا يقدرون الامور حق قدرها يريدون العودة بالمحاولات الى نقطة الصفر. ويعززون مواقف المتطرفين ويزيدون اضطراب العالم وارتباكه.
التعددية مطلب سام في تنوع اراء افراد المجتمعات ، يخلق حالة من المنافسة الشريفة التي تغذي المجتمع وتنهض به الى افق ارحب واوسع ، وتحرك المياه الراكدة من حكم منفرد لا يخلف الاقرارات رعناء .ودكتاتوريات بعيضة.
لكن ماذا يمكن للتعددية الزوجية ان تخلف غير اسر مفككة ورجال متسلطون لن ترضيهم التثنية مادام القانون قد سن لهم باثنين فهو قادر على سن الاكثر ، ونساء منهكات لا يتمتعن بالحقوق والمساواة لانهن لسن اكثر من اوعية جاهزة او تجهز للانجاب . بئس امم و قوانين تسن لاشباع شهوات ولا تقدر حقوق الافراد ولا تحترم المرأة التي انجبت الذكر والانثى على السواء.

د . شـــــــذى احمد

شذى احمد
shathaah@maktoob.com
الحوار المتمدن - العدد: 2931 - 2010 / 3 / 1
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

-----
Share |
------