------------ --------
Share |

الاول من ايار بين صنيع اليمين واليسار






ان تشريعات الاعياد والاحتفالات العالمية لها في اغلب الاحيان منطقها واسبابها الوجيهة التي

تجعلها تؤثر بالسياسة العامة ، وربما تكون مناسبة سانحة لحل الكثير من المشاكل بطرق سلمية عندما يتم مناقشتها وعرضها في ذلك اليوم او ابداء الاستياء من الاداء السياسي العام ،وانتقاده باظهار ذلك في المظاهرات والاحتجاجات والمسيرات الشعبية.
عيد العمال تلك الذكرى التي تعتز بها النظم الاشتراكية المتبقية في العالم والتي يعيد بها العالم كل سنة التأكيد على ضرورة صيانة حقوق العمال واحترام ساعات عملهم وتشريع قوانين عادلة توافق عطائهم وتخصيص اجور مناسبة وحمايتهم من العوز بعد التقاعد والعمل على سن قوانين تصون كرامتهم في خريف العمر ولا تعرضهم للاهانة.
لكن للأسف الشديد في اوربا المنشغلة بوسائل الكسب السريع .والمتغافلة لخطورة تركها لشبابها يسيرون الحياة على اهوائهم بحجة الحرية المطلقة والانفلات الذي ادى بدوره الى خروجهم عن كل قانون رغم تقديس اوربا للنظام والقوانين وحرصها على تطبيقها.
في هذه الذكرى التي يحيها الالمان خاصة وفي عاصمتهم برلين بتقليد مكرر سمج لا يتغير منذ سنوات طويلة رغم خطورته . حيث ينقسم الشباب فيها الى فئتين متناقضتين الاولى يسارية بتطرف والاخرى يمينية صرفة . هولاء ـ اليساريون ـ يقودون احتجاجات صاخبة لا تنظيم لها ولا هدف لها سوى نشر العبث والفوضى في ارجاء المناطق التي يتواجدون فيها وابرز تلك المناطق نويكولن ، مته ، وكرويسبيرك .. حيث يقومون بتحطيم واجهات المحلات وحرق السيارات ان تمكنوا من ذلك وكسر زجاج مواقف الحافلات العامة والاعتداء على الشرطة .. وذلك تعبيرا عن احتفالهم بهذه المناسبة ودفاعهم عن حقوق العمال !,
اما اليمينيون والذين يسمون بالنازيين الجدد فيخرجون موشحين بسوادهم ورؤوسهم الحليقة ونظراتهم العدائية التي لا تعبر باكثر مما يعتمل في سريرتهم من الحقد والكراهية لكل شيء باسم حب العرق الذي يعتقدون بان الاخرين من ابناء جلدتهم دنسوه بقوانين المساواة وحق الهجرة والقبول بالاخر وكل ما يتعلق بذلك من تشريعات تقود البلد الى الهاوية!.

تنشغل عشرات الفرق العسكرية وقوات الشرطة في هذا اليوم الذي تكون به في حالة طوارئ لكل الاحتمالات . اولها المواجهات الدامية بين اليمين واليسار والذي يصل في بعض الاحيان الى المصادمات العنيفة. حيث يتميز اليمين باستقطاب ذوي الاجسام الغليظة والعضلات المفتولة والطول الفارع وغيرها من صفات رجال العصابات لا التيارات الفكرية والنشاط ا لسياسي محاولة منها في بث روح الرعب والهلع في نفوس الاخرين وبالخصوص المستوطنين الجدد وحملهم جديا على المغادرة ، او في اول خطوة للاحساس بعدم الأمان والطمأنينة طالما هم موجودون في الساحة.

وتنشغل وسائل الاعلام بدورها في متابعة التطورات اولا باول وتسلط عدسات التصوير على تلك المظاهرات والمسيرات والاشتباكات وتصبح كل حركة وسكنة من كلا الطرفين مرصودة ..ولم يسجل تاريخ هذه المناسبة انه مر بسلام على الاقل في بعض المناطق التي ينشط بها ايا من الفريقين.

ترى هل فكرت الحركة العمالية التي ارادت من احتجاجاتها ورفضها للاستغلال المتعمد للقوى العاملة واضراباتها بان هذا ما سيؤول الحال اليه. هل هذا يرضيهم عندما يتأملون الى اين وصلت مسيرة نضالهم من اجل تحسين ظروف حياة العمال في المجتمعات كافة .
وان كان هناك من يقول بانها حالة صحية تلك التي تحصل حيث يثبت المجتمع بان هناك اليسار واليمين وان تطاحنا فانما ليثبت احدهما للاخر ضرورة الاصرار على موقفه نقول لما كل هذه العدائية والتخريب التي ستعود نتائجها الوخيمة على الناس البسطاء ودافعي الضرائب لاعادة ما دمر وتم اتلافه.
هل يعرف الجيل الجديد مخاطر العبث بمستقبله قبل مستقبل البلاد ام انها مثل المراهقة المتأخرة يمارسها الكثير منهم املا بان تشكل له ذكرى عزيزة في سنوات العمل الجاد القادمة ، وسكون سنوات النضج وانضباط الحياة حيث لا مغامرات ممكنة في مساحة وقت يضيق بالعمل الشاق للكسب .
كل امكانيات محتملة الا ان الأكيد الى اليوم ان الشباب اوجدوا هذا التقليد العنيف لاعادة احياء الذكرى ..وصارت مصدر قلق وازعاج الكثير يتوجس منه خيفة كلما اقترب الموعد في كل عام.
اســـــــــتودعكم و الى اللقاء



د.شذى احمد
shathaah@maktoob.com
العدد: 3001 - 2010 / 5 / 11
المحور: حقوق الانسان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

-----
Share |
------