------------ --------
Share |

الكتابة تأخذنا للمدنية




الكتابة هي سلاح ممتهنيها ، وهي وسيلتهم وغايتهم في الحياة . لطالما تقاذفت الكاتب قبل القارئ اسئلة تتناول جدواها وسبلها طرقها ضوحها وغموضها. قوتها وضعفها. وفي كل انواعها من مقالة الى دراسة الى شعر أو نثر .. وغيرها من انواع الكتابة.كم منا قرأ كتبا وما ان اتمها حتى تسائل ماذا اراد الكاتب ان يقول لم اعرف. او قرأ مقالا او دراسة في اي حقل معرفي ولم يلتقي مع كاتبها فيما خلص لقوله. بعضهم يكتب الغازا ،والاخر يكتب على حبال الاحداث دون ان يقفز الى اي منها .والاخر على العكس منه يصرخ ويتوعد ،ويزمجر فتتركه وتذهب وقد صم أذانك بما لم تفهم منه شيئاً لا بل من المكرر الذي لا يريد ان يغيره.
ولأن القارئ ينسى في خضم انشغاله بموضوع الكتابة بان الكاتب مثله انسان يخاف،ويخشى ويتعاطى مع المواضيع بحساسية وحسابات فانه لا يلتفت الى خلفية الكاتب ويعتبر ان ما يكتبه واقع حال عليه التعامل معه وينسى الكاتب. بعض الكتاب يسيرون ومعهم شرطة الحذر من ان يفقدهم ما يكتبونه مصادر رزقهم. والبعض الاخر يخاف بشدة سطوة المتشددين التي راحت تشتد وتقوى على حساب أمن واستقرار شعوب الارض،وفريق اخر يكتب ليكسب بكتابته مجدا بالرمزية التي لا يمكنك فك طلاسمها في اي حالة من الاحوال. فهو قد فرغ لتوه من قراءة كتاب اكثر استغراقا بالرمزية من كتاباته واراد ان يستعرضه عليك. هل تستغرب بعد ذلك عزوف الناس عن القراءة وابتعادهم عنها . وانشغالهم بالطرب حيناً والتدين حيناً اخر !!. لان الخطاب هناك واضح الاول بسيط ساذج لا مشقة به يثير غرائزهم ،ويحلقون في دنيا الاحلام والنجوم ،والثاني يثير مخاوفهم ومشاعرهم الدفينة من النهاية فيحلقون في احلام الفردوس الذي بالمناسبة حدثنا عنه الكاتب شامل عبد العزيز في مقاله..
()http://www.ahewar.org//debat/show.art.asp?t=0&aid=208911

وكيف ان الفردوس ستكون المسكن الاهدء والاريح والدائم لهم. فما شأنهم والغاز الكتاب واحاجيهم وهم قادرون على ضمان الجنة والتحليق ايضا مع النجوم.

الادهى هذا التعالي الذي تلمحه اذا ما استرقيت السمع خلف الكواليس من قبل بعض الكتبة على الاخرين وكانهم لايشبهون احد ، وسخريتهم من بعضهم البعض وبدلاً من احترام كتابات الاخرين والتعامل معها ومع ما تقدمه باحترام تجدهم يحلقون بدورهم في فلك النجوم كانهم الكواكب المتفردة في فن الكتابة والتي لا يقترب منها احد ولا يضاهيها احد في الروعةوالابداع.

كل هذا خطر ببالي وانا اتذكر احد الكتاب العرب وهو يتحدث ذات مرة مع زميل له ،كنت استمع لكلامه، وقد ورد ذكر كتاب من بلدي فقال هكذا مرة واحدة بلا حياء ..من اين لهم كتاب.. يا اختصر تاريخ بلد بكامله لانه كاتب جيد بعبارة وقعها كالصاعقة .. اين ذهبت عشرات الكتب التي قرأها هذا الكاتب ،الم تعلمه بعضها ان لم تكن كلها معنى التواضع واحترام الاخرين . اي غرور واي تعالي ،واي رسالة قبل هذا وذاك سوف يوصلها لنا كاتب مغرور يتمايل خيلاء بنفسه مثله.
وكذلك الحال وهذا مقتل اخر مع كتابات المرأة وكيف ينظر لهاعلى انها محاولات ايصال الصوت الانثوي فحسب. رغم بروز الكثير من الكاتبات والاديبات اللامعات واللاتي اثبت كتاباتهن بانهن لا يقلن كفاءة عن كتاب وادباء اقران ..خذ شعرا مازال الجدال مستعرا من اتى بالحداثة للشعر العربي نازك الملائكة ام بدر شاكر السياب. وكذلك دورها ومشاركتها في الميادين الادبية الاخرى .لكن هل كل القراء يتلمسون ذلك الجهد ،ويقيمون تجربة المرأة في الكتابة بجدية وموضوعية مثلما يفعلون مع تجارب اقرانهم. وقد تكون المرأة اصدق في بث همومها ،والتحدث عن مصاعبها. فتقمع بان عليها ان لا تؤطر نفسها بادب او جنس ادبي يسمى نسوي .. يعني المقابل ليس جنسا ذكريا لينادي بالعدالة ،والخروج من الخصوصية الجنسية للكتابة !
ارى مثل هذه الدعوات بالمناسبة لؤما واضحا لتمويع شخصية المرأة والغاء خصوصية تجربتها ،فهل قيل لرجل مثلا عليك ان لا تكتب من واقع كونك رجل !!؟.. اعرف لما اتسعت عيناك دهشة ،واراك تقول لي : اذن من انا يابعد عين أمك!؟ . فلم التعالي على المرأة والنظر لكتاباتها وجلدها بمسح هوية ما تكتب. وبالنتيجة تواصلا مع موضوعنا الاول وهو الكتابة ينظر لها المتطرفون ابداعا على ان تجربتها في الكتابة ما زالت في البدايات !!. لااحد يعرف اي بدايات

الكتابة فن لا يعرف جنس ولا شكل او لون ..قد يكن حملة النياشين والجوائز العالمية التي هي ليست بالضرورة مقياساً للابداع ،ولكنه يعكس بعض مؤشراته قد يكن حملتها من الرجال اكثر ،ولكن هذا لايدل على ان الرجل افضل من المرأة بالكتابة وفنون الابداع بل اكثر حضورا.فهناك مليون سبب وسبب يعيق المرأة من غزارةالانتاج كما الرجل .

ثم ان الكتابة هي للتربية والتهذيب والتثقيف والتقدم بالانسان والاخذ به الى الحضارية والمدنية وليست للتعالي والتكبر والغاء الاخر مثل كاتبنا الذي الغى اقوام من الكتبة واطلق احكامه جزافاً بان البلد الذي اوجد الحرف بلا كتبه ...ربما لان مقاله الذي كتبه يومذاك كان قد اعجبه اكثر من اللازم .
لنا لقاء.

د . شــذى احمد

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=217444

shathaah@maktoob.com
العدد: 3020 - 2010 / 5 / 31
المحور: المجتمع المدني

هناك 3 تعليقات:

  1. تحياتي ومودتي .. حقا لقد خضت في جوهر مشكلة نعانيها نحن الصحفيون في صحفنا اليومية ويقيننا ان كتاباتنا سوف تنطوي خلسة مع انطواء صفحات تلك الصحف .. وقد يصل الياس بنا بان نفقد الحد الذي يوصلنا الى حقائق الاشياء ما دام قراؤنا بعيدين عن تلقف ما يكتب .. فقط النخب الثقافية والسياسية التي تعيش في واد غير واد المواطن العادي الذي راح يشغل نفسه بما اشرت اليه اضافة الى استغراق البعض في عالم الانترنت ولكن في المواقع البائسة من دردشة فارغة وتصفح للتفاهات .. مع شكري وتقديري

    ردحذف
  2. العزيزة شذى
    مبروك لك المدونة ومبروك لنا الاسطر الجميلة والكلمات المعبرة التي نقرأها فيها
    مع اطيب تمنياتي
    يونس حنون

    ردحذف
  3. غاليتي د شذى ..أسعدتني مدونتك ..فائق الشكر لجهودك الرائعه ..أتمنى أن تصبح صفحتك منتدى يتبادل فيه أصدقائك الرأي في ضيافتك الجميله ..بوركتِ صديقة ومبدعه عراقيه .. محبتي وتقديري لك ولأفكارك الحلوه .

    ردحذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

-----
Share |
------