------------ --------
Share |

نواعم من فولاذ






في ملازمتي للفراش بسبب مرضي رحت اقلب القنوات علي ابحث عما يعزيني او يلهيني عن الوجع الذي يفتك بي.فوصلت الى مرسى نواعم

كل مافيه نواعم.. انعمهن السيدة فوزية فهي اروع ناعمة على شاشات التلفاز العربية وربما العالمية .. تجلس على الدوام بهيبة امينة رزق ، وتذكرك بكل فخر على الدوام بسنها .. انا الاكبر هنا ..ربما أمك تقول لمحدثها او اكبر من أمك .. وتتابع. والثلاث الاخريات رقيقات مهذبات ومعهن دائما ما هو جديد عن المرأة من فرحها وترحها. حزنها وسعادتها.. فقبل حلقة كن يستعرض صورة تمزق القلب عن فتاة سعودية بلا اوراق زوجها ابوها للخلاص منها وبعد ان عانت الامرين من عذاب زوجة الاب ،وكانت من نصيب زوج قاس عذبها وتريد ان تتخلص منه لكنها تخاف من ان تتلاقفها امواج الضياع والتشرد في وطنها لانها الى يومنا بلا اوراق هوية مدنية! هذا الكلام في السعودية وليس في جزيرة واق واق..وهي اعتيادية بالنسبة الى قصص مأساوية في هذا البلد العربي الغني الاعجوبة في اوجه عديدة وابرزها مكانة المرأة وماهو مشرع لها !
لكن في الحلقة الاخيرة ليوم السبت المصادف 27-3-2010كانت المواضيع المعروضة من نكهة اخرى. فقد نثروا وروداً انيقة احاطت جلستهن الناعمة . وهن يستدعن في عيد الام بعض من اروع النواعم العرب. ام لستة رجال يحملون لقب دكتور.. بعضهم في الطب والبعض الاخر في الفلك كعلماء في ناسا والاخرين في الفيزياء وصنوف العلم.. كلهم اولاد رائعون لتونسية شديدة الطيبة والهدوء خرجت لنا لتشرح كيف ربت اولادها . وكيف عاملت زوجها الراحل وكيف بادرت بمناداته بالسيد وهي سي بالدارج التونسي فبادرها باللاله وهي بالتأكيد تشبه عندنا الخاتون او الخانم او الست حسب مناطقنا ولهجاتنا المختلفة والتي تعني السيدة . وكيف كانت في بيتها السيدة وكيف ادارت شؤون اسرتها وربت اولادها فصاروا يملأون الارض بنجاحاتهم وتسابقت الدول على احتوائهم من امريكا الى اوربا.
وسيدة عربية اخرى تنسيك كل همومك حتى المرضية لمن مثلي وتجعل طلتها على الشاشة نعمة تتمنى ان تغدق عليك ثانية عندما تراها وهي مقعدة ومصنفة مع المقعدين وهي ام لاولاد شباب وبنت شابة. وبطلة عالمية في العاب القوى في رمي الرمح والقرص وغيرها. ثم مصممة ازياء وطباخة وموظفة وحاصدة لمداليات عالمية في الرياضة. وكل هذا وتضحك من كل قلبها .. حلقت بقلبي يومها في سماء الحبور وهي تطلق النكات البديعة حيث قصت علينا كيف اجابت أمرأة سألتها متعجبة وهي تراها على كرسي المعاقين هل انت حامل .. كيف حملت !!؟ . فاطلقت ضحكة وهي تسترسل.... قلت لها انا حرمة وانت حرمة كيف ما انت تحملين انا احمل ! .. ياحليلها كما يقال بالخليجي .. شفافة وقلبها عامر بكل الحب والقوة والتحدي . امرأة من المأس وارادة من فولاذ.
واخرى تركها الزوج في لجة البحر وحيدة مع حفنة من الاطفال في خضم صعوبات الحياة في غزة ورحل عن عالمنا ، ولكنها فلسطينية وهولاء النسوة لا يعرفن معنى الهزيمة .. واخرى من لبنان بجمال الارز ،وبرقة حسون ضياعها كانت مغنية النواعم وهي باسمة .. رقيقة وناعمة ، وعذبة تعيد الشباب لفيروز لبنان الذي مازال يقاسم صباحاتنا مع فنجان القهوة. الى جانبها ابنتها يغنيان بروعة وتعكس صورة المرأة العصرية وصورة الفنانة الملتزمة التي تحترم نفسها وجمهورها . وتصدح في قلوبنا فتنبري أذاننا لتردد صدى ذلك الصوت العذب.
تحدثت النسوة بكل بساطة وتلقائية وحضارية .. واختفت مسحة الحزن الا من اصداف غزة . لكن كل هذا دفعني للتفكير في الرجل في حياة هولاء النسوة الرائعات والناجحات .. كم كانوا منسجمين مع انفسهم . كم كانوا شديدي الثقة بالنفس .. وكم اثروا في اسرهم وكانوا روادا ليكونوا ازواجا ورفقاء درب لنساء بهذه الروعة والامتياز . كل هذا يدفعنا الى الامل بان النماذج الرائعة موجودة وانها تشكل في مجتمعاتنا حصة لا يستهان بها .واذا ما طفت على السطح جعجعة التحجر والتطرف والتخلف .. والاستهانة بالمرأة والصورة السلفية البليدة .. فهذا لا يعني انها بقادرة على قهر صور تقدم المرأة وصور عزوف الاصحاء من رجالنا العرب من الانضواء تحت لواء البدوية والقبلية في التعامل مع الحياة ومعطياتها الجديدة. يومها خفق قلبي احتراما لكل الازواج وشركاء اولئك النسوة . وتركت السيدة التي انتصرت على عوقها وسجلت لنا انتصارات في المحافل الدولية واتت بمداليات تركت لي ضحكتها المجلجلة فسحة امل راحت تكبر وتكبر بان الغد سيكون لمثيلاتها من النساء العظيمات والرائدات.



د. شـــذى احمد



شذى احمد
shathaah@maktoob.com
العدد: 2958 - 2010 / 3 / 28
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

-----
Share |
------