التعادل او الخصمان اللدودان
انكلترا وفرنسا
دعه فانه انكليزي.... ليس هناك من عبارة تصف حقيقة ما يضمره كل فريق لأخر مثل تلك التي اطلقها احدهم في غرفة المراقبة الفرنسية على الكوميدي الانكليزي الأشهر مستر بين وهو يجوب شوارع باريس ويعرقل السير.
لكن هل حقا هذا هو واقع الحال؟.لا احد يدري غير ان مشاهير الكتاب يتندرون كلما سنحت لهم الفرصة في اظهار بعض ما يخيفه الاعلام من حقيقة الخصومة بين الانكليز والفرنسيين . حتى دان براون بكل دبلوماسيته لم يفته هذا . فعدما ملأت شرطة لندن المطار محيطة بالطائرة الخاصة لأحد ابطال قصته شيفرة دافنشي الإنكليزي سير لاتيبينغ بحثا عن العالم المتهم بالقتل لانغدون .. علق بعد نجاح خطته بإخفائهم.
(( لا يمكن الوثوق بالفرنسيين )) . وترجم ذلك في الرواية بذهاب بين الحين والأخر للعلاج بوطنه الأم انكلترا لأنه لا يأمن لأطباء فرنسا.
أيا كان الأمر فيبدو بان هذا العداء بين بلدين اوربيين يشاركان في رسم سياسة العالم له جذور عميقة بالتاريخ ،ولا احد يمكنه التكهن بنهايته هذا اذا ما كان له نهاية.
في كرة القدم تحديدا بطولة امم اوربا الأخيرة تقاسم فريقا البلدين نفس المصير صعدا معا للدور ربع النهائي وخسرا فيه وعادا الى بلدانهما. كأنهما يذكروننا ـ الانكليز والفرنسيون ـ بأقدارهم المتشابهه التي يمكنهم التندر بها. فبعدما دوت فضيحة رئيس وزراء بريطانيا توني بلير عراب غزو العراق . وكذبة اسلحة الدمار الشامل التي اقصته عن منصبه ، ودفعته لمواجهة لقضاء الذي ظل يلاحقه على سوء ادائه وتوريط البلاد في حرب لا ضرورة لها.
بينما نأت فرنسا بنفسها من الانزلاق في تلك الحرب. كان ذلك هدفا سدده شـيراك ,ورئيس وزراءه وقتها الشاعر دومنيك دوفيلبان .. في شباك الاعتداء واستخدام القوة الغاشم للغزو. غير ان نيكولاي ساركوزي لم يدع الفرنسيين يهنئون بهذا الفوز فسارع الى ارتكاب خطأ شنيع عندما قاد بضراوة قوات الناتو لغزو ليبيا. وقبل ان يسدل الستار على فصل معمر القذافي في ليبيا اصابه بمقتل عندما فضح الاخير ساركوزي وعيره بأمواله التي اغدقها على تمويل حملته الانتخابية. عمل الرئيس الفرنسي كل ما بوسعه لدرء التهمة عنه لكن هيهات.قد يكذب بعض الحكام العرب الفاسدين بكل شيء الا بتبديد المال العام لأغراض شخصية وأهداف لا تصب لصالح شعوبهم !!.
البلدان الاوربية تتحسس من مثل هذه الروائح الكريهة من الرشاوى ، ولا تقبل بحكم من تفوح منه. فأقصته من الحكم مفضلة رئيسا جديدا. رغم ان قوات الناتو حقق مهامه على افضل وجه في ليبيا.
ومن جديد تعادل الفريقان في الفضائح السياسية وفي تسجيل اهداف الخسارة في مرمى كل منهما.
عادا لنفس النتيجة في بطولة امم اوربا الاخيرة . لعبا فازا وخسرا وخرجا عائدين الى بلادهما . دون تغيير يذكر في نتيجة المنافسة الأزلية بينهما.
-الصدارة -
هولندا الفريق الثاني او كما يسمى الوصيف الأول لبطولة كأس العالم الماضية ،لكنها خسرت كل مباراتها التأهيلية ،وخرجت تجر اذيال الهزائم .
كثيرة هي مفارقات الحياة عندما تدفع البعض الذي لا يستحق للصدارة. يصيب الشعوب بسببها الانكسار والقنوط ظنا منها بسطوة القدر.
مع الايام تتكشف لها الامور ، وتنقشع غيوم تسلط هؤلاء وتنهض الشعوب والنخب القادرة على التغيير لتزيحها عن اماكنها التي سطت عليها بدون وجه حق.
- سلة البيض -
حماسة الألمان بتحقيقهم على الدوام نتائج طيبة في مباراتهم الدولية. حضورهم بكل المحافل الرياضية لمختلف الالعاب والبطولات مع ذلك يمارسون حياتهم اليومية بانسيابية.
لا ينقسمون الى احزاب وجماعات وكتل تتناحر من اجل هذا الفريق او ذاك . على الأغلب هذا ما عليه بالنسبة للعديد من الشرائح الاجتماعية. قد تظهر بعض المواقف من هذه الكتلة الشبابية او تلك لكن الحياة لا تغير قوانينها من اجل الكرة. حتى لو كان فريقهم من ضمن الفرق المتفوقة.
زامن بطولة أمم اوربا قرار حكومي مهم يقضي بملاحقة الفرق والتجمعات السلفية ، ومصادرة حواسيبهم ، وإغلاق مكاتبهم ومنعهم من ممارسة نشاطاتهم التي اتفق القضاء والدولة على خطورتها ، وتعارضها مع قيم المجتمع الديمقراطي التعددي الذي تعيشه المانيا.
امتعض الكثير من المسلمين. كثير منهم اعتبر الموضوع شخصيا. بعضهم اطلق عقيرته للسب والشتم ، والتذكير باليهود ولما لا يعاملون بنفس معاملة الاسلام. لما العداء للإسلام. لما محاربته. سوف ..وسوف .. توعد وويل وثبور.
الالمان يتابعون الفرق الإسلامية التي باتت تشكل خطرا حقيقيا لهوية الدولة. كثير منهم ابناء البلد . وجنسيتهم المانية لا يمكن ترحيلهم لأي بلد اخر. يتقنون اللغة ونالوا تعليما عاليا . الفرق بينهم وبين السلطات . ثنائية اللغة للسلفيين وأحاديتها للألمان. هم يعرفون كيفية الولوج لأي مفصل من مفاصل الدولة وقوانيها. بينما الدولة تجهل الكثير من توجهات السلفيين الذين يلغون الأخر حتى لو كان على دينهم . معتبرين كل من يخالفهم باطل. يبيحون في ادبياتهم القتل والتنكيل بخصومهم. وإعلان الحرب عليهم. من هنا حسمت الدولة رأيها بالمنع تماما مثلما فعلت بالنازيين الجدد.
القرار لم يغضب الألمان ولم يثير حفيظتهم كما فعل مع اولئك المسلمين الذين تبنوا مظلومية السلفيين . لماذا؟.
لان المسلمين اعتادوا دوما على احادية الفكر والقرار . اما مع او ضد .المساس بأي طائفة ام مجموعة يعني اهانة الجميع.
يعتبرونه نذير شؤم لمزيد من التشدد والمضايقة والتضييق على الإسلام والمسلمين. رغم كل الدراسات والندوات والتوضيحات التي يقدمها متخصصون يعلنون بان فئة السلفيين لا تشكل اكثر من 5% من المسلمين والنسبة الباقية هم مسلمون معتدلون لا شأن لهم بالدين السياسي ، او المسلح الذي يجيز القتل للوصول للهدف.
لما لا يريد المسلمون الاقتناع بذلك . لأنهم اعتادوا على وضع كل بيضهم بسلة واحدة وعلى الدوام. في كل محفل . في كل مناسبة. لأي هدف او غرض. هكذا ؟. لا يوجد هناك حلول اخرى يمكن مناقشتها. تفاصيل معضلة يجب معالجتها.
فمن اين لك كي تقنعهم بإمكانية تقسم البيض في سلال متفرقة ، والحياة مناسبات عدة . عليهم التعامل معها بعقلانية وحكمة.
- لا ناقة ولا جمل -
فهو حدث من ضمن الاحداث وليس الجنون الاعم الذي يتعطل بسببه المجتمع عن اداء وظائفه.
لا تستغرب من الذي يذهب للنوم مبكرا مكتفيا ببضع دقائق من المباراة . او بمعلق يعلق على مباراة بلده كأنه يقرأ في قصة مشوقة بنفس الوتيرة والنبرة بلا حماسة زائدة وبعبارات مبتسرة خالية من المبالغة والألقاب والتشدق والوعود قريبة من الحيادية في التطرق لفريق بلاده مع الفريق الخصم. علها من شروط اختياره عدم التحيز والتهويل والتحزب لفريق بلاده وإطلاق اشارات عنصرية قد تكلفه وظيفته.
قارن كل ذلك بما يحصل في البلدان العربية . فالمشجعون محاربون اشاوس مدججون بكل انواع الاسلحة وهو في طريقهم للملاعب.
المعلقون ـ باستثناءات قليلة ـ حدث ولا حرج. اطلق العنان لخيالك لكل الأوصاف والألقاب التي يمكنك نعتهم بها. فهم ابواق حروب لا تهدأ . من الطرائف التي مرت بي تعليق احدهم . ومن لهجته تبين لي أنه من دول المغرب العربي راح يعلق على ضربات جزاء بين فريقين اوربيين . ظل يردح بشعر حماسي لا معنى له. ربما سجع . وكأننا في احدى الغزوات التي مرت بالتاريخ القديم .
معلق اخر من المشرق العربي وصف ذات يوم غش وتحايل فريق اوربي في احدى مباراته قائلا : مدرسة جديدة وعصر جديد وفتح جديد بكرة القدم !!!. وأخر وأخر... لو تأملت عزيزي القارئ لبعض الوقت تأثير هؤلاء للاحت امامك اسباب هزيمة المنتخبات العربية . هذا الكم الهائل من بؤس وضحالة وسطحية التعليقات التي تشعر السامع والمتابع العربي بالدونية وتعمق الهوة بينه وبين ما يحدث هناك. فتحسسه بأنه ابعد ما يكون عن مقارعة مثل هذه الفرق.
هذا الكم الهائل من الحماسة والطاقة والدعاية لفرق كروية أوربية لا ناقة للمعلقين العرب فيها ولا جمل في ارباحهم ،وخسارتهم. افراحهم وأتراحهم.
بينما قرأت لتوك عزيزي القارئ كيف يعلقون هم على مباراتهم .
المتعجرف ـ انكليزي ـ
كلنا يعرف بان الانكليز هم من اوجدوا لعبة كرة القدم في اواخر القرن الثامن عشر ،وكلنا يعرف بان الانكليز لم يحققوا نتائج وبطولات عالمية وانتصارات باهرة في هذه اللعبة مثلما حققتها فرق وصلتها الكرة متأخرة واستطاعت ان تضيف لها الكثير مثل دول امريكا اللاتينية وفي مقدمتها البرازيل .
مع هذا تجد العجرفة الانكليزية واضحة الى يومنا هذا . في مباراة انكلترا وايطاليا علل المحللون نتيجتها بسعي انكلترا الحثيث للتعادل والرغبة بالفوز بضربات الجزاء الترجيحية. مع هذا خسرت. من راقب المباراة لم يستغرب العجرفة الانكليزية التي اعاروها بالكامل لحارس المرمى وهو يلوح بيده وبحركات و تعابير وجهه. يبدو بان الطبع غلب التطبع. ولا يمكن ابدا فصل الإنكليز عن احساسهم بالتفوق والتعالي حتى لو خسروا على الدوام !.
المتعجرف ـ حكم مباراة اوكرانيا ـ
تقاسمت اوكرانيا مع بولندا ضيافة العاب كأس امم اوربا لكرة القدم. قدم الاوكرانيون عروضا ممتعة على البساط الاخضر. وأمتع على بساط الذاكرة بما عكسوه من حسن سلوك .كياسة وكرم ضيافة قل نظيره. اخرجتهم انكلترا من البطولة، وعلى ارضهم تم الغاء هدف حقيقي سجله فريقهم حينما ابعده حارس مرمى خصمهم من منتصف الهدف ورآه العالم عدة مرات. لكن هل تحولوا الى وحوش ضارية. هل كسروا الملعب . هل ضربوا الضيوف على المدرجات. هل طار صواب اللاعبين والمدرب على حد سواء. لا اعترضوا لكن كان الحكم اصم مع سبق الاصرار والترصد. وعندما حاول احد اللاعبين الحديث معه بعد الانتهاء من المباراة ابتعد عنه بعصبية.وعجرفة قل نظيرها. خرج الانكليز من البطولة بعد ذلك ايضا . ولم ابحث عن اسم الحكم لأكرم عدائيته. لكن سأحتفظ مثلي مثل كل من يتعلم من كل شاردة وواردة في هذا العالم. سأحتفظ بهدف التعادل الاوكراني الذي وئد بلا حق ،وهدف الفوز الذي سجلته في تاريخ كرة القدم خلقا وأخلاقا وضيافة . احسنت اوكرانيا .سيبتسم كل من يلتقي اوكرانيُا في اي مكان وهو يعتقد انهم جميعا دمثي الاخلاق ..متسامحون وطيبو القلب كما عكسوا ذلك في مباراتهم الجميلة في بطولة كأس الامم الاوربية الاخيرة .
المتعجرف ـ برتغالي ـ
لا احد يعرف على وجه الخصوص لما يتألق بعض اللاعبين ويسطع نجمهم بينما يبقى الاخرون ليشكلوا باقي صورة نجاح الفريق خصوصا في لعبة كرة القدم.
سال حبر كثير وهو يكتب عن هذا النجم او ذاك. بيليه . بيكنباور. بلاتيني. سيب ماير. مارادونا . زيكو... هؤلاء من توجت به قائمة اللعبة حينما تصفحت بعض وثائقها. واليوم مثل الأمس لكن باسماء جديدة. كريستيانو رونالدو احد هذه الأسماء التي تعد الاغلى والأشهر . تسمع عنه الكثير و افضل تعليق جاء مؤخرا على لسان لاعب من احد الفرق المنافسة حين قال: انه ببساطة لاعب متكامل.لا يرتكب اخطاء بالملعب.
هل غفل البرتغال ـ زملائه أعضاء الفريق ـ هذه الحقيقة. ام تراهم راهنوا على عدم صحتها. في مباراة الفريق البرتغالي امام المانيا تجاهل اللاعبون البرتغال نجمهم ولم يتعاونوا معه ،فأضاعوا هجماته ولمحاته الفنية وخرجوا من المباراة مهزومين. لتنتزع المانيا نقاط الفوز الثمينة.
بعد مرارة الخسارة الموجعة ادرك البرتغال بان المقامرة لا تصلح في اللحظات المصيرية الحرجة.عليهم التنازل عن عجرفة الاستغناء عن نجمهم ،ووهم تحقيق النصر بدونه. عليهم النظر بجدية الى ارض الواقع. والعودة للعب بروح الفريق ومعاونة نجمهم على التألق والتلألؤ من جديد حتى على حساب عجرفتهم ، ومصالحهم الانانية الضيقة التي كانت تريد كسب الرهان باستغنائها عن خدماته ، او التقليل من أهميته.
عادوا ليكونوا فريقا متكاملا معه. لا بدونه. وحققوا نتائج طيبة وصولا الى الدور ربع النهائي قبل ان تطيح بهم اسبانيا.
الدرس الذي تقاسمته البرتغال مع العالم هو .... قد تتصرف بعجرفة وأنانية وحب الذات في بعض الاحيان . لكن افضل ما تقوم به لتصحيح خطأك هو التنازل عنها جميعا بعدما تهزمك بأمراضها القاتلة والحرص على تناول الاغذية الصحية التي تبعد شبح اصابتك بها من جديد والمتضمن جريك قدر ما تستطيع للتألق وتحقيق افضل النتائج دون محاولة تدمير احد ، او اصابة الحياة العامة بالشلل وتكبيد المجموعة للخسارة كما حصل مع البرتغال.
هل يعي سياسيو البلاد العربية هذا الدرس. هل يتنازل السياسي الاقل موهبة وقدرة على القيادة لصالح الاصلح . هل يسمح للأحزاب ذات البرامج السياسية الهادفة ،والخطط النبيلة بتقديم خدماتها للمجتمع والعمل معها جنبا الى جنب ومحاولة اضافة الجديد للعملية السياسية وتطويرها. لا نسفها وإلغائها ،ومن ثم اغراق البلاد بالفوضى والجعبة خالية من اي خطط عمل بديلة.
ايهما افضل ؟. حبذا لو سمع بعض من السياسيين هذا . او على الاقل تابعوا خطوات الفريق البرتغالي .
يكاد الستار يسدل على بطولة امم اوربا الذي وجدته الكاتبة فرصة للكتابة عن موضوعات حياتية تخص المجتمع العربي في محاولة لشد الانتباه الى قضايا تحتاج الى الكثير من الاهتمام من قبل المسئولين والمواطنين على حد سواء في هذه البلدان.
لكن ما يبقى غصة بالقلب كون كرة القدم ليست معجزة كونية. او حكرا على مجموعة بشرية دون اخرى. نجوم المدرسة البرازيلية خرجوا من حارات وشوارع المدن الصغيرة والأحياء الفقيرة وصنعوا تاريخها في كل المحافل الدولية.
وفريق غانا جاء من قرى نائية لا تعرف العمران ، ولم تهنئ بطونهم برغيف خبز كامل وكادوا ان يحققوا مفاجأة العصر ويعودون بكأس العالم لبلادهم.
ترى اين تكمن مشاكل العرب؟.
في الاعداد . في الرعاية. في الاهتمام. في التهيئة النفسية والفكرية والبدنية. في الثقة بالنفس. في توفر الامكانيات المادية للفرق. في الخطط الناجعة للنهوض بها. ربما كل هذا وذاك.
علها في طريقة التفكير العربي . عندما تسمع معلقا رياضيا ، وتقريرا رياضيا تحس بانه يقدمه لسكان الغابات النائية. والكهوف بمعنى يضع بونا شاسعا بين المتلقي وصانع الحدث من الفرق العالمية.
الاعلام العربي اعلاما يشكو الاحساس بالنقص على كل الاصعدة. وفي كل المجالات وليست الرياضة بمنأى عنها. الالقاب التي يغدقونها على الفرق واللاعبين لا تسمعها في بلدانهم. والعبارات الرنانة. تهويل اداء اللاعبين العالمين والاستهانة بالمحلي.
العصبية القبلية التي تتحكم بنفوس المشجعين وكأنهم في غابر الأزمان . شاهدت مقطع فيديو على اليوتيوب ذات مرة لإحدى الممثلات المصريات وكنت من اشد المعجبات بتمثيلها فإذا بها تتفوه ببذاءات وهي تتحدث عن مباراة صارت وصمة عار في تاريخ كرة القدم العربية بين الفريق الجزائري والمصري. ولو اطلعت على كم البذاءات والعصبيات والكره الذي خلفته المباراة بين مشجعي هذين البلدين لتمنيت بأنك لم تلد عربيا . هذه احد الاسباب التي تؤخر الفرق العربية وتحد من تألق لاعبيها الذين قد يكونوا من المع نجوم العالم اذا ما مثلوا فرقا اوربية مثل زيدان وغيره.
ـ الفوز بلسم ـ
كانوا مشردين مثل الملايين من ابناء شعبهم. كانوا موجوعين بالاحتلال والدمار والتمزق والموت الذي يختطف علمائهم وخيرة مفكريهم وأعلامهم. وكان نظرائهم يعيشون رغد العيش في مجتمعات امنة ، وبلاد لا تعاني الدمار و التشرذم والتمزق والتهديد بالانهيار. مع هذا ازاحوا الاشواك من كعوبهم الدامية ،وانطلقوا ليمثلوا العراق ويهزموا كل فرق اسيا. في اخر المشوار كان المعلق صوت ضمير يبكي الم العراق ووجعه، وكان نظرائهم عرب مثلهم ترفعوا عن العصبية القبلية، ولعبوا بمهارة وندية. فاز العراق وكان من الممكن ان يكون الفوز من نصيب السعودية. لكن شاء القدر ان يكون نصير العراقيين فمنحهم بلسما لبعض جراحهم الغائرة .حملهم كأس البطولة الذي عادوا به لوطنهم المحتل الجريح.
http://www.youtube.com/watch?v=YdjQiH4FiVE
فاز العراقيون ببطولة اسيا مسلحين بالثقة بالنفس وهي اهم دعائم الفوز . فلماذا يصر الكثير على تهديدها والتشكيك بها في نفوس الفرق العربية على الدوام إعلاميا.
اريد اختتام المقالة بإحالة القارئ لأحد الافلام التسجيلية الرائعة لأفضل اهداف العالم . كي لا ينعتني احد بتحويلي كل المناسبات الى مأساة. كل منا سينحاز لهدف يراه الافضل عني اعتبر هدف البرازيلي روبرتو كارلوس في الدقيقة 1.45 من اجمل ما رأيت .. الكرة تذهب بعيدا ثم بأعجوبة تغير مسارها وتستقر بالهدف . كأنها تقول عندما تضحك لك فرصة النجاح لن يستطيع احد اسكاتها.
http://www.youtube.com/watch?v=9foCJDVTbYg&feature=related
دامت نجاحاتكم.
وأتمنى ان تقبل للبعض الذي لم يصادفه الحظ تماما مثلما اقبلت للبرازيلي في هدفه الخيالي . طابت اوقاتكم.
انكلترا وفرنسا
دعه فانه انكليزي.... ليس هناك من عبارة تصف حقيقة ما يضمره كل فريق لأخر مثل تلك التي اطلقها احدهم في غرفة المراقبة الفرنسية على الكوميدي الانكليزي الأشهر مستر بين وهو يجوب شوارع باريس ويعرقل السير.
لكن هل حقا هذا هو واقع الحال؟.لا احد يدري غير ان مشاهير الكتاب يتندرون كلما سنحت لهم الفرصة في اظهار بعض ما يخيفه الاعلام من حقيقة الخصومة بين الانكليز والفرنسيين . حتى دان براون بكل دبلوماسيته لم يفته هذا . فعدما ملأت شرطة لندن المطار محيطة بالطائرة الخاصة لأحد ابطال قصته شيفرة دافنشي الإنكليزي سير لاتيبينغ بحثا عن العالم المتهم بالقتل لانغدون .. علق بعد نجاح خطته بإخفائهم.
(( لا يمكن الوثوق بالفرنسيين )) . وترجم ذلك في الرواية بذهاب بين الحين والأخر للعلاج بوطنه الأم انكلترا لأنه لا يأمن لأطباء فرنسا.
أيا كان الأمر فيبدو بان هذا العداء بين بلدين اوربيين يشاركان في رسم سياسة العالم له جذور عميقة بالتاريخ ،ولا احد يمكنه التكهن بنهايته هذا اذا ما كان له نهاية.
في كرة القدم تحديدا بطولة امم اوربا الأخيرة تقاسم فريقا البلدين نفس المصير صعدا معا للدور ربع النهائي وخسرا فيه وعادا الى بلدانهما. كأنهما يذكروننا ـ الانكليز والفرنسيون ـ بأقدارهم المتشابهه التي يمكنهم التندر بها. فبعدما دوت فضيحة رئيس وزراء بريطانيا توني بلير عراب غزو العراق . وكذبة اسلحة الدمار الشامل التي اقصته عن منصبه ، ودفعته لمواجهة لقضاء الذي ظل يلاحقه على سوء ادائه وتوريط البلاد في حرب لا ضرورة لها.
بينما نأت فرنسا بنفسها من الانزلاق في تلك الحرب. كان ذلك هدفا سدده شـيراك ,ورئيس وزراءه وقتها الشاعر دومنيك دوفيلبان .. في شباك الاعتداء واستخدام القوة الغاشم للغزو. غير ان نيكولاي ساركوزي لم يدع الفرنسيين يهنئون بهذا الفوز فسارع الى ارتكاب خطأ شنيع عندما قاد بضراوة قوات الناتو لغزو ليبيا. وقبل ان يسدل الستار على فصل معمر القذافي في ليبيا اصابه بمقتل عندما فضح الاخير ساركوزي وعيره بأمواله التي اغدقها على تمويل حملته الانتخابية. عمل الرئيس الفرنسي كل ما بوسعه لدرء التهمة عنه لكن هيهات.قد يكذب بعض الحكام العرب الفاسدين بكل شيء الا بتبديد المال العام لأغراض شخصية وأهداف لا تصب لصالح شعوبهم !!.
البلدان الاوربية تتحسس من مثل هذه الروائح الكريهة من الرشاوى ، ولا تقبل بحكم من تفوح منه. فأقصته من الحكم مفضلة رئيسا جديدا. رغم ان قوات الناتو حقق مهامه على افضل وجه في ليبيا.
ومن جديد تعادل الفريقان في الفضائح السياسية وفي تسجيل اهداف الخسارة في مرمى كل منهما.
عادا لنفس النتيجة في بطولة امم اوربا الاخيرة . لعبا فازا وخسرا وخرجا عائدين الى بلادهما . دون تغيير يذكر في نتيجة المنافسة الأزلية بينهما.
-الصدارة -
هولندا الفريق الثاني او كما يسمى الوصيف الأول لبطولة كأس العالم الماضية ،لكنها خسرت كل مباراتها التأهيلية ،وخرجت تجر اذيال الهزائم .
كثيرة هي مفارقات الحياة عندما تدفع البعض الذي لا يستحق للصدارة. يصيب الشعوب بسببها الانكسار والقنوط ظنا منها بسطوة القدر.
مع الايام تتكشف لها الامور ، وتنقشع غيوم تسلط هؤلاء وتنهض الشعوب والنخب القادرة على التغيير لتزيحها عن اماكنها التي سطت عليها بدون وجه حق.
- سلة البيض -
حماسة الألمان بتحقيقهم على الدوام نتائج طيبة في مباراتهم الدولية. حضورهم بكل المحافل الرياضية لمختلف الالعاب والبطولات مع ذلك يمارسون حياتهم اليومية بانسيابية.
لا ينقسمون الى احزاب وجماعات وكتل تتناحر من اجل هذا الفريق او ذاك . على الأغلب هذا ما عليه بالنسبة للعديد من الشرائح الاجتماعية. قد تظهر بعض المواقف من هذه الكتلة الشبابية او تلك لكن الحياة لا تغير قوانينها من اجل الكرة. حتى لو كان فريقهم من ضمن الفرق المتفوقة.
زامن بطولة أمم اوربا قرار حكومي مهم يقضي بملاحقة الفرق والتجمعات السلفية ، ومصادرة حواسيبهم ، وإغلاق مكاتبهم ومنعهم من ممارسة نشاطاتهم التي اتفق القضاء والدولة على خطورتها ، وتعارضها مع قيم المجتمع الديمقراطي التعددي الذي تعيشه المانيا.
امتعض الكثير من المسلمين. كثير منهم اعتبر الموضوع شخصيا. بعضهم اطلق عقيرته للسب والشتم ، والتذكير باليهود ولما لا يعاملون بنفس معاملة الاسلام. لما العداء للإسلام. لما محاربته. سوف ..وسوف .. توعد وويل وثبور.
الالمان يتابعون الفرق الإسلامية التي باتت تشكل خطرا حقيقيا لهوية الدولة. كثير منهم ابناء البلد . وجنسيتهم المانية لا يمكن ترحيلهم لأي بلد اخر. يتقنون اللغة ونالوا تعليما عاليا . الفرق بينهم وبين السلطات . ثنائية اللغة للسلفيين وأحاديتها للألمان. هم يعرفون كيفية الولوج لأي مفصل من مفاصل الدولة وقوانيها. بينما الدولة تجهل الكثير من توجهات السلفيين الذين يلغون الأخر حتى لو كان على دينهم . معتبرين كل من يخالفهم باطل. يبيحون في ادبياتهم القتل والتنكيل بخصومهم. وإعلان الحرب عليهم. من هنا حسمت الدولة رأيها بالمنع تماما مثلما فعلت بالنازيين الجدد.
القرار لم يغضب الألمان ولم يثير حفيظتهم كما فعل مع اولئك المسلمين الذين تبنوا مظلومية السلفيين . لماذا؟.
لان المسلمين اعتادوا دوما على احادية الفكر والقرار . اما مع او ضد .المساس بأي طائفة ام مجموعة يعني اهانة الجميع.
يعتبرونه نذير شؤم لمزيد من التشدد والمضايقة والتضييق على الإسلام والمسلمين. رغم كل الدراسات والندوات والتوضيحات التي يقدمها متخصصون يعلنون بان فئة السلفيين لا تشكل اكثر من 5% من المسلمين والنسبة الباقية هم مسلمون معتدلون لا شأن لهم بالدين السياسي ، او المسلح الذي يجيز القتل للوصول للهدف.
لما لا يريد المسلمون الاقتناع بذلك . لأنهم اعتادوا على وضع كل بيضهم بسلة واحدة وعلى الدوام. في كل محفل . في كل مناسبة. لأي هدف او غرض. هكذا ؟. لا يوجد هناك حلول اخرى يمكن مناقشتها. تفاصيل معضلة يجب معالجتها.
فمن اين لك كي تقنعهم بإمكانية تقسم البيض في سلال متفرقة ، والحياة مناسبات عدة . عليهم التعامل معها بعقلانية وحكمة.
- لا ناقة ولا جمل -
فهو حدث من ضمن الاحداث وليس الجنون الاعم الذي يتعطل بسببه المجتمع عن اداء وظائفه.
لا تستغرب من الذي يذهب للنوم مبكرا مكتفيا ببضع دقائق من المباراة . او بمعلق يعلق على مباراة بلده كأنه يقرأ في قصة مشوقة بنفس الوتيرة والنبرة بلا حماسة زائدة وبعبارات مبتسرة خالية من المبالغة والألقاب والتشدق والوعود قريبة من الحيادية في التطرق لفريق بلاده مع الفريق الخصم. علها من شروط اختياره عدم التحيز والتهويل والتحزب لفريق بلاده وإطلاق اشارات عنصرية قد تكلفه وظيفته.
قارن كل ذلك بما يحصل في البلدان العربية . فالمشجعون محاربون اشاوس مدججون بكل انواع الاسلحة وهو في طريقهم للملاعب.
المعلقون ـ باستثناءات قليلة ـ حدث ولا حرج. اطلق العنان لخيالك لكل الأوصاف والألقاب التي يمكنك نعتهم بها. فهم ابواق حروب لا تهدأ . من الطرائف التي مرت بي تعليق احدهم . ومن لهجته تبين لي أنه من دول المغرب العربي راح يعلق على ضربات جزاء بين فريقين اوربيين . ظل يردح بشعر حماسي لا معنى له. ربما سجع . وكأننا في احدى الغزوات التي مرت بالتاريخ القديم .
معلق اخر من المشرق العربي وصف ذات يوم غش وتحايل فريق اوربي في احدى مباراته قائلا : مدرسة جديدة وعصر جديد وفتح جديد بكرة القدم !!!. وأخر وأخر... لو تأملت عزيزي القارئ لبعض الوقت تأثير هؤلاء للاحت امامك اسباب هزيمة المنتخبات العربية . هذا الكم الهائل من بؤس وضحالة وسطحية التعليقات التي تشعر السامع والمتابع العربي بالدونية وتعمق الهوة بينه وبين ما يحدث هناك. فتحسسه بأنه ابعد ما يكون عن مقارعة مثل هذه الفرق.
هذا الكم الهائل من الحماسة والطاقة والدعاية لفرق كروية أوربية لا ناقة للمعلقين العرب فيها ولا جمل في ارباحهم ،وخسارتهم. افراحهم وأتراحهم.
بينما قرأت لتوك عزيزي القارئ كيف يعلقون هم على مباراتهم .
المتعجرف ـ انكليزي ـ
كلنا يعرف بان الانكليز هم من اوجدوا لعبة كرة القدم في اواخر القرن الثامن عشر ،وكلنا يعرف بان الانكليز لم يحققوا نتائج وبطولات عالمية وانتصارات باهرة في هذه اللعبة مثلما حققتها فرق وصلتها الكرة متأخرة واستطاعت ان تضيف لها الكثير مثل دول امريكا اللاتينية وفي مقدمتها البرازيل .
مع هذا تجد العجرفة الانكليزية واضحة الى يومنا هذا . في مباراة انكلترا وايطاليا علل المحللون نتيجتها بسعي انكلترا الحثيث للتعادل والرغبة بالفوز بضربات الجزاء الترجيحية. مع هذا خسرت. من راقب المباراة لم يستغرب العجرفة الانكليزية التي اعاروها بالكامل لحارس المرمى وهو يلوح بيده وبحركات و تعابير وجهه. يبدو بان الطبع غلب التطبع. ولا يمكن ابدا فصل الإنكليز عن احساسهم بالتفوق والتعالي حتى لو خسروا على الدوام !.
المتعجرف ـ حكم مباراة اوكرانيا ـ
تقاسمت اوكرانيا مع بولندا ضيافة العاب كأس امم اوربا لكرة القدم. قدم الاوكرانيون عروضا ممتعة على البساط الاخضر. وأمتع على بساط الذاكرة بما عكسوه من حسن سلوك .كياسة وكرم ضيافة قل نظيره. اخرجتهم انكلترا من البطولة، وعلى ارضهم تم الغاء هدف حقيقي سجله فريقهم حينما ابعده حارس مرمى خصمهم من منتصف الهدف ورآه العالم عدة مرات. لكن هل تحولوا الى وحوش ضارية. هل كسروا الملعب . هل ضربوا الضيوف على المدرجات. هل طار صواب اللاعبين والمدرب على حد سواء. لا اعترضوا لكن كان الحكم اصم مع سبق الاصرار والترصد. وعندما حاول احد اللاعبين الحديث معه بعد الانتهاء من المباراة ابتعد عنه بعصبية.وعجرفة قل نظيرها. خرج الانكليز من البطولة بعد ذلك ايضا . ولم ابحث عن اسم الحكم لأكرم عدائيته. لكن سأحتفظ مثلي مثل كل من يتعلم من كل شاردة وواردة في هذا العالم. سأحتفظ بهدف التعادل الاوكراني الذي وئد بلا حق ،وهدف الفوز الذي سجلته في تاريخ كرة القدم خلقا وأخلاقا وضيافة . احسنت اوكرانيا .سيبتسم كل من يلتقي اوكرانيُا في اي مكان وهو يعتقد انهم جميعا دمثي الاخلاق ..متسامحون وطيبو القلب كما عكسوا ذلك في مباراتهم الجميلة في بطولة كأس الامم الاوربية الاخيرة .
المتعجرف ـ برتغالي ـ
لا احد يعرف على وجه الخصوص لما يتألق بعض اللاعبين ويسطع نجمهم بينما يبقى الاخرون ليشكلوا باقي صورة نجاح الفريق خصوصا في لعبة كرة القدم.
سال حبر كثير وهو يكتب عن هذا النجم او ذاك. بيليه . بيكنباور. بلاتيني. سيب ماير. مارادونا . زيكو... هؤلاء من توجت به قائمة اللعبة حينما تصفحت بعض وثائقها. واليوم مثل الأمس لكن باسماء جديدة. كريستيانو رونالدو احد هذه الأسماء التي تعد الاغلى والأشهر . تسمع عنه الكثير و افضل تعليق جاء مؤخرا على لسان لاعب من احد الفرق المنافسة حين قال: انه ببساطة لاعب متكامل.لا يرتكب اخطاء بالملعب.
هل غفل البرتغال ـ زملائه أعضاء الفريق ـ هذه الحقيقة. ام تراهم راهنوا على عدم صحتها. في مباراة الفريق البرتغالي امام المانيا تجاهل اللاعبون البرتغال نجمهم ولم يتعاونوا معه ،فأضاعوا هجماته ولمحاته الفنية وخرجوا من المباراة مهزومين. لتنتزع المانيا نقاط الفوز الثمينة.
بعد مرارة الخسارة الموجعة ادرك البرتغال بان المقامرة لا تصلح في اللحظات المصيرية الحرجة.عليهم التنازل عن عجرفة الاستغناء عن نجمهم ،ووهم تحقيق النصر بدونه. عليهم النظر بجدية الى ارض الواقع. والعودة للعب بروح الفريق ومعاونة نجمهم على التألق والتلألؤ من جديد حتى على حساب عجرفتهم ، ومصالحهم الانانية الضيقة التي كانت تريد كسب الرهان باستغنائها عن خدماته ، او التقليل من أهميته.
عادوا ليكونوا فريقا متكاملا معه. لا بدونه. وحققوا نتائج طيبة وصولا الى الدور ربع النهائي قبل ان تطيح بهم اسبانيا.
الدرس الذي تقاسمته البرتغال مع العالم هو .... قد تتصرف بعجرفة وأنانية وحب الذات في بعض الاحيان . لكن افضل ما تقوم به لتصحيح خطأك هو التنازل عنها جميعا بعدما تهزمك بأمراضها القاتلة والحرص على تناول الاغذية الصحية التي تبعد شبح اصابتك بها من جديد والمتضمن جريك قدر ما تستطيع للتألق وتحقيق افضل النتائج دون محاولة تدمير احد ، او اصابة الحياة العامة بالشلل وتكبيد المجموعة للخسارة كما حصل مع البرتغال.
هل يعي سياسيو البلاد العربية هذا الدرس. هل يتنازل السياسي الاقل موهبة وقدرة على القيادة لصالح الاصلح . هل يسمح للأحزاب ذات البرامج السياسية الهادفة ،والخطط النبيلة بتقديم خدماتها للمجتمع والعمل معها جنبا الى جنب ومحاولة اضافة الجديد للعملية السياسية وتطويرها. لا نسفها وإلغائها ،ومن ثم اغراق البلاد بالفوضى والجعبة خالية من اي خطط عمل بديلة.
ايهما افضل ؟. حبذا لو سمع بعض من السياسيين هذا . او على الاقل تابعوا خطوات الفريق البرتغالي .
يكاد الستار يسدل على بطولة امم اوربا الذي وجدته الكاتبة فرصة للكتابة عن موضوعات حياتية تخص المجتمع العربي في محاولة لشد الانتباه الى قضايا تحتاج الى الكثير من الاهتمام من قبل المسئولين والمواطنين على حد سواء في هذه البلدان.
لكن ما يبقى غصة بالقلب كون كرة القدم ليست معجزة كونية. او حكرا على مجموعة بشرية دون اخرى. نجوم المدرسة البرازيلية خرجوا من حارات وشوارع المدن الصغيرة والأحياء الفقيرة وصنعوا تاريخها في كل المحافل الدولية.
وفريق غانا جاء من قرى نائية لا تعرف العمران ، ولم تهنئ بطونهم برغيف خبز كامل وكادوا ان يحققوا مفاجأة العصر ويعودون بكأس العالم لبلادهم.
ترى اين تكمن مشاكل العرب؟.
في الاعداد . في الرعاية. في الاهتمام. في التهيئة النفسية والفكرية والبدنية. في الثقة بالنفس. في توفر الامكانيات المادية للفرق. في الخطط الناجعة للنهوض بها. ربما كل هذا وذاك.
علها في طريقة التفكير العربي . عندما تسمع معلقا رياضيا ، وتقريرا رياضيا تحس بانه يقدمه لسكان الغابات النائية. والكهوف بمعنى يضع بونا شاسعا بين المتلقي وصانع الحدث من الفرق العالمية.
الاعلام العربي اعلاما يشكو الاحساس بالنقص على كل الاصعدة. وفي كل المجالات وليست الرياضة بمنأى عنها. الالقاب التي يغدقونها على الفرق واللاعبين لا تسمعها في بلدانهم. والعبارات الرنانة. تهويل اداء اللاعبين العالمين والاستهانة بالمحلي.
العصبية القبلية التي تتحكم بنفوس المشجعين وكأنهم في غابر الأزمان . شاهدت مقطع فيديو على اليوتيوب ذات مرة لإحدى الممثلات المصريات وكنت من اشد المعجبات بتمثيلها فإذا بها تتفوه ببذاءات وهي تتحدث عن مباراة صارت وصمة عار في تاريخ كرة القدم العربية بين الفريق الجزائري والمصري. ولو اطلعت على كم البذاءات والعصبيات والكره الذي خلفته المباراة بين مشجعي هذين البلدين لتمنيت بأنك لم تلد عربيا . هذه احد الاسباب التي تؤخر الفرق العربية وتحد من تألق لاعبيها الذين قد يكونوا من المع نجوم العالم اذا ما مثلوا فرقا اوربية مثل زيدان وغيره.
ـ الفوز بلسم ـ
كانوا مشردين مثل الملايين من ابناء شعبهم. كانوا موجوعين بالاحتلال والدمار والتمزق والموت الذي يختطف علمائهم وخيرة مفكريهم وأعلامهم. وكان نظرائهم يعيشون رغد العيش في مجتمعات امنة ، وبلاد لا تعاني الدمار و التشرذم والتمزق والتهديد بالانهيار. مع هذا ازاحوا الاشواك من كعوبهم الدامية ،وانطلقوا ليمثلوا العراق ويهزموا كل فرق اسيا. في اخر المشوار كان المعلق صوت ضمير يبكي الم العراق ووجعه، وكان نظرائهم عرب مثلهم ترفعوا عن العصبية القبلية، ولعبوا بمهارة وندية. فاز العراق وكان من الممكن ان يكون الفوز من نصيب السعودية. لكن شاء القدر ان يكون نصير العراقيين فمنحهم بلسما لبعض جراحهم الغائرة .حملهم كأس البطولة الذي عادوا به لوطنهم المحتل الجريح.
http://www.youtube.com/watch?v=YdjQiH4FiVE
فاز العراقيون ببطولة اسيا مسلحين بالثقة بالنفس وهي اهم دعائم الفوز . فلماذا يصر الكثير على تهديدها والتشكيك بها في نفوس الفرق العربية على الدوام إعلاميا.
اريد اختتام المقالة بإحالة القارئ لأحد الافلام التسجيلية الرائعة لأفضل اهداف العالم . كي لا ينعتني احد بتحويلي كل المناسبات الى مأساة. كل منا سينحاز لهدف يراه الافضل عني اعتبر هدف البرازيلي روبرتو كارلوس في الدقيقة 1.45 من اجمل ما رأيت .. الكرة تذهب بعيدا ثم بأعجوبة تغير مسارها وتستقر بالهدف . كأنها تقول عندما تضحك لك فرصة النجاح لن يستطيع احد اسكاتها.
http://www.youtube.com/watch?v=9foCJDVTbYg&feature=related
دامت نجاحاتكم.
وأتمنى ان تقبل للبعض الذي لم يصادفه الحظ تماما مثلما اقبلت للبرازيلي في هدفه الخيالي . طابت اوقاتكم.