------------ --------
Share |

طار الغراب مصطفى





اذا لم تكن عراقيا او عربيا ،فسيكون من العبث الحديث عن حرائق الصيف ولظاه هناك..  خصوصا في الظهاري كما يحبون تسميتها حيث تتخاذل اعتى المقايس عن تسجيل درجة الحرارة الحقيقية  فتقاس في الظل.



في احد ايام الصيف طال الحديث في حضرة شاعر القرنين ، وهو من اعتاد وألف حلقات الأدب والشعر التي يتقاسم بها مع المع نجوم الفكر والأدب العراقيين احاديث متواصلة ونقاشات ماعرفت  الملل لا تتوقف الا بأحدهم وقد فطن لانتهاء الدوام الرسمي .


ـ اين طريقك سأل كبير الشعراء

ـ بنهاية شارع حيفا

ـ اصعدي لأوصلك

لطالما فعلها مع الكثير فهو لا يمل  من الصحبة التي لا تمل منه. وله على قمة كل جبل في الأدب والفكر والفن سارية ، حكاية .. طرفة . قصة. وصور يطبعها بالمجان في ذاكرة  الجيل الجديد تعلمهم كيف يفكر الكبار ، ولما هم كبار.


لم تطل المسافة بسيارته التيوتو البيضاء  اكثر من عشر دقائق رغم الزحام!.

ولم تجد بدا واحتراما الا دعوته لكأس ماء بارد ،وهو الذي اوصلها تواضعا وادبأ وتفضلا.

في بيت اختها كانت المفاجأة الحلوة .. كانت الصحفية تستمتع منذ اعطاها كتبه للأطفال بتعليم بنت اختها بعض قصائده البديعة.

ـ نظرت الصغيرة للرجل الاشيب . فهي لم تعرف لها جدا من الاب والام ظلت تراقبه بفضول الصغار.

فتقدمت خالتها وسألتها بحنان ـ ميسم .. هل مازلت تحفظين طار غراب مصطفى؟

سالتها وهي تعرف ان هذا السؤال مفتاح سحري لعقيرة الصغيرة التي راحت تنشد بحرارة ومرح ...

طار غراب مصطفى

نعم طار

والنسر طار واختفى

نعم طار

والماء والبساتين ما طارت....


وتتسع حدقتا شاعر العرب الاكبر..الى اقصى مداها. كأنهم يعلقون على صدره اعلى الأوسمة ،أوهو يحظى بأرفع الجوائز.


تلعثم ..تعثرت الكلمات في حلقه. لم يعلق حمل وسام فخره بان شعره ينشد في مكان وزمان لم يتوقعه. وتلك القصائد البالغة الروعة والجمال ليست من المقررات المدرسية. وميسم لم تكن سوى طفلة في الرابعة من عمرها !!.

في وجه يصعب تفسير انفعالاته. غادر شاكرا وهو المتفضل. فرحا وواثقا بأنه  ذلك الشاعر الذي لا يقارع في نفوس وذاكرة العامة من الناس  وفوق كل الالقاب له قصة وحكاية  تضاف لألف ليلة وليلة جديدة ي

سجلها عظماء وكبار وخالدي العراق العظيم.أمثاله كل في مكانه واختصاصه.


غفى لتوه منذ ايام لكن عريض تراثه لن يغفو. صوته وصوره وقصائده حية تقلق اعدائه وهم اعداء العراق وتبهج احباءه وهم ابناء العراق والعالم العربي.


نم قرير العين كنت وما زلت كبيرا

لترفرف فوق رأسك حمائم الأرض سلام لك وعليك يامن احتفت وتحتفي بك كل اشجار النخيل التي ما فتئت تغازلها بجميل شعرك

نم ايها  الكبير  الخالد  ... يا ابا خالد. 

100ثانية.. ضوء خافت لنهايتك








بفاطمة النجار ووصيتها  بدأت رحلة امتدت لساعتين من الزمن. قدم خلالها  اعضاء المسرح الالماني مسرحيتهم الاخيرة 100 ثانية.




ما هي الثيمة  الرئيسية لهذا العمل غير التقليدي ، والذي هزني في هذه الظروف المأساوية للتشرد، والتشرذم والضياع التي يعاني منه العراقيون والسوريون.


لمشاهدته بعد انقطاع عن متابعة المسرح  قارب ال 18 سنة.


فتأتي الاجابة مباشرة النهاية والبحث فيها .. نهاية كل انسان التي تعادل بدايته بل تتفوق عنها اهمية


  من اول لحظة ومن اول سرد للممثلة كاترينا ماتس (85 سنة) حيث بدأت تقص حكاية فاطمة النجار المعروفة للقاصي والداني منا، وظروف اختيارها لنهايتها ليعقبها فيما بعد سرد نهايات عديدة لا حصر لها لو كان الوقت ممتدا لما لا نهاية . لكنه حدد ب 48 حكاية ونهاية  موثقة بقناعة اصحابها من البشر ،وهم كما يصف العمل المسرحي المخلوق الوحيد الذي يبحث عن ذاته خلافا للمخلوقات الاخر التي تكتفي بالغذاء والتكاثر.




ذلك العمل الذي يحبس الانفاس لكثافة المشاهد ،وقهرها بزمن السرد حيث لا يترك لها متسع من الوقت للاستعارة والتزويق ، ام ادلجة المشاهد ، وتحزبه لهذه القصة ام تلك.




كان للإحداث الدموية التي شهدتها البلدان العربية منذ اضرام بائع الخضار محمد البوعزيزي النار في نفسه ،والتي يعتبرها الكثير الشرارة للثورات التي اطاحت بالعديد من الانظمة العربية  كانت من اوائل السرديات التي رويت بوجع واسى. ورغم ضغط الوقت صرخ  الراوي مايكل غولدبيرغ.. اضرم النار في نفسه من اجل عربةالخضار.. احترق لكنهم لم يعيدوا له عربته!!!.


وتوالت السرديات بسرد مكثف تلاحقه عقارب ساعة لاترحم للمراقب.


 رغم ايقاع السرد المحدد بالزمن الا انه مر بازمنة غابرة. غاص في اعماق الشخصيات والاحداث. والايدلوجيات الاديان اليهودية المسيحية الاسلام. اتباعها ، وطرق سياقتهم لنهاياتهم لتصدح بموتهم حناجر  مرددة .. انتم الضحايا الذين سيسطر الخلود تضحياتهم باشرف المداد  دمائكم!.




وكما الاديان تقنع الكثير من البشر  لاحتيار نهايتهم بخطاباتها المؤججة للمشاعر  كذلك الايدلوجيات الشيوعية ..الماركسية واللينية . الفاشية . وصولا لما يسمى بالارهاب والتطرف الديني.




فطالما هناك المغريات من 72 حورية تنظر على ابواب العالم الاخر. والجنة هناك من هو مستعد للموت في سبيلها!!


لكن بحث الانسان الدائم عن مغزى الحياة والغاية منه يبقى بلا اجابة واضحة ومحددة .لاي شعب وحضارة. هناك من يموت حبا. اخر بحثا عن تحقيق غاية. ولما رفعت الستار تم عرض حالات  احتضار مريع لانسان اخر قد يكون في أي مكان لكنه بالحقيقة  العصري الذي تسحقه الحياة اليومية اللاهث خلف متطلبات مزيفة ليتناغم مع المجتمع الجديد. المرأة وخرافة الجمال وعملياته والطب الذي تحول الى اداة لمسخ الانسانية.. تلهث بلا كلل  من عملية لاخرى.. لتبدو باحسن مظهر عملية وابر للانف والارداف والصدر اخفاق دائم واصرار على المواصلة حتى ينتهي الامر بها بعد عمليات البروفسور الدكتور الدكتور الدكتور تلك الالقاب التي لا تنتهي لشراء الزبائن .. انتهى الامر بها بان لم تعد تسمع خفقات القلب كما تنهدت فبكي مولنباور.... يا للأسى.






المسرحية تنازلت عن تقليديات العرض ومألوفه بحثا عن مصداقية الطرح  ما الجدوى من الحياة واي سبب وجيه للموت في سبيله.!! هذه القطعة المسرحية المميزة استغنت بدورها عن عريض الجمهور ، وفرشت خشبة المسرح بكراسي سمرتها بترتيب خاص وعرض ممثليها نصوصها من بين الحاضرين . وعندما توارت وجوه بعض الحاضرين عن رؤية حاضرنا وطرق نهايتنا. توقف العرض الذي استمر ساعتين بلا توقف




ساعتان والجمهور على خشبة المسرح ليتقدم مايكل غولدنبيرغ .ليصطحب اول اثنين  قائلا لهم : اختاروا الاماكن التي تروق لكم. وعاد وأبطال المسرحية ليحملوا باقي الحضور الذين اختاروا اماكنهم  بدورهم اما كراسيهم التي تركوها لتوهم على خشبة المسرح فقد اضيئت بشموع جميلة لتنتهي المسرحية كما ابتدأت بأنوار خافتة.. لاول مرة ترى بعرض مسرحي نهايتك .. يصحبك رفيق رقيق ومهذب لتختار مقعدك ومكانك  ..وهو بالحقيقة نهايتك.




مئات الاسئلة والاستفسارات تحملك اياها تلك القطعة الفنية المتقنة التي زينتها الموسيقى الهادئة للمثل  المبدع والموسيقى كامل جمال  والاستضافة الموفقة لرائعة فيروز .. لما بدا يتثنى طيلة فترة العرض. اسئلة تحمل جمهور المسرحية رسالة مهمة لنقلها لدوائرهم الانسانية الصغيرة منها والكبيرة. الرفيعة المستوى ام التي من عامة الناس .


ما المغزى من الحياة . وكيف نختار نهايتنا. وعن ماذا نحن مستعدون للموت  . وفي سبيل من  ؟


سؤال كبير. يستحق التفكير به جديا افضل من أي سؤال اخر. لانه باختصار نهاية الطريق. حيث لا نخلف بعده الا ضوء خافت قد ينير او لا ينير .

ذهب اخر ملوك اشور




العلامة الدكتور بهنام ابو الصوف





هو الذي رأى كل شيء فغني بذكره يا بلادي

وهو الذي عرف جميع الأشياء وأفاد من عبرها

وهو الحكيم العارف بكل شيء :

لقد أبصر الأسرار وكشف عن الخفايا المكتومة

وجاء بأنباء ما قبل الطوفان

لقد سلك طرقاً بعيدة متقلباً ما بين التعب والراحة

فنقش في نصب من الحجر كل ما عاناه وخبره

 
( من ملحمة كلكامش )

 





أتماسك .. وحدك ترى وأنت في مدى الخلود تشتتي.أسبوع مر بين ذهولي وحزني.. بين ادعائي الجلد وانهمار دموعي.

بين خوفي من الكلمات التي قد تخدش طريق الحرير الذي عبدته فينا. نحن أيها الملك القدير الجليل . تلامذتك . أبنائك . رعاياك... . وأتباعك المخلصين.

ما كان يجدر بي قول شيء الآن. لم تجعل في أعناقنا يوما ما الوفاء واجبا يؤدى بالكلمات بل زرعت فينا بذرة الأمل وقلت :هي كفيلة بإحضار كل ما ينقص واحتنا من كرامة الى عزة نفس. ثقة و تفاؤل... النظر بعين ثاقبة للغد، فتحدي الصعاب بأرض نقف عليها مزهوين بماضيها الذي لا يدانى مجدا... كي تخضر من جديد.



أيها الملك الأشوري الجليل يصعب علي بشدة قبول رحيلك .. صدقني حاولت كثيرا تجنب هذه العبارة فلم اقدر. يشق على نفسي قبول فكرة انقطاعي عن العراق وحرماني من الحديث عنه في حضرتك.

هاأنتذا ترى عجزي أمام فيضان دموعي. اشعر بأنك اقرب الى أصابعي من لوحة المفاتيح هذه. وترى سيولها تحيل بيني وبين قراءة ما اكتب. فكيف لي التسليم بسكوتك الأبدي... او على الأقل الى يوم رحيلي.

أيها الملك الأشوري الجليل

كنت خير الملوك وأبعدهم نظرا عشقت كل الممالك وعرفت بها . كنت أشوريا . و أكديا . سومريا وبابليا. ونكاية بكل الطامعين والحاقدين ومن أرادوا ويريدون تدمير العراق على الدوام كنت عربيا عاشقا للعروبة ومنحازا لها بلا وجل او خوف ..مدافعا عنها بصوتك المجلجل العميق، وثقافتك الرفيعة التي زينتها خبرتك الطويلة.

منذ ملامستك لأول حفنة من ترابها لمعت عيون أجدادك، وتنهدوا بارتياح أخيرا جاء من يتحمل المسؤولية ويكن أمينا على حضاراتنا . بارا بها ...وفيا ومخلصا للتعريف بها في كل بقاع الأرض.

لا اعرف بأي الأسرار خصوك . لم ينجح احد في الولوج الى كهوفك ووديانك وتلالك كي يحل إلغازك . فيعرف سر قوتك .صوفيتك.... هدوءك الروحي ورباطة جأشك. لكنك كنت أخر ملوك أشور المعتدين والقاهرين للغزاة . هزمت حملة أستاذك السير ماكس ملوان الشرسة عند مناقشته لأطروحتك بالدكتوراه الفخار السومري ..رغم كل ما توصي به أبجديات الطريق الأفضل للحصول على الشهادة والعبارات المنمقة التي تعني انحني للمناقش واقبل ما يقول لأن بيده مصيرك . لكنك كنت اكبر من الدكتوراه .. اكبر من الانحناء لمستكشف جاء لوديانك ومملكتك يبحث فيها عن كسرة مجد يسد بها رمق جوعه للشهرة والنجاح. احتد ظنا منه بكسر همتك . لكنه لجهله بأسرار قوتك فشل. حدثه ملوك سلالتك العريقة بلسانك قائلين : اذا ما كان بين يديك دليل واحد. اثنان .ثلاثة فبين يدي أربعين بل يزيد لدحضها ... فصمت الانكليزي .



أدرت مملكة علمك آثارياَ هادئا لكن ثابت لا يهادن. عشت على كفاف الماديات مكتفيا ببعض الأسمال والمستلزمات الضرورية للحياة .. ربما يقال لغيرك عبارة .. لو رضيت بالمساومة .. لو قبلت بالعروض المشبوهة. لكن مكانتك العالية كأخر ملوك أشور. تحيل بينك وبين مثل هذه المقارنة!!. فمن يتأمل الوجوه الملونة المتقلبة بالعراق اليوم خصوصا والكثير من البلدان العربية يدفن وجهه بين راحتيه ويقول ليتني كنت نسيا منسيا. لكن من يسمع وسط ضجيجهم وخرابهم صوتك يعود فيشعر ببعض العزاء.



لم تجامل المحتل ولم تصفق للدمار. بل أشرت بأصابع الاتهام الى من نهب تراث العراق ومتحفه وقلت بلا وجل : إنها إسرائيل . جهاز الموساد احضر من قاموا بالنهب والسلب لسرقة اللفائف العبرية التي وجدت في الجفل بحثا عن نصوص التوراة القديمة.



تحدثني نفسي بعدم انقطاع الحديث بيننا. ربما لن اظفر بمكالمة هاتفية معك بعد اليوم على هاتفك الشخصي بعمان. لكنني اشعر بقربك وإمكانية الحديث معك مباشرة. اشعر بك تتطلع من فوق كتفي وتقرأ كلماتي وتربت على كتفي وتقول لي عبارتك الشهيرة : يا بنت .. لكنك تغير تكملة الجملة بدلا من كيف حالك يا بنت ؟. تقول : اهدئي يا بنت كل شيء سيكون على ما يرام. وأصدقك يا مولاي .فأنت لم تكذب أبدا حيث لا يليق الكذب بالملوك الأقوياء العظماء مثلك.



واستعير بين نوبات الحزن والنحيب بعض السكون كي اعد لمشاريعي البطيئة وهذه المرة ستكون من سماتها وحسناتها الهدوء لكي ألتقي بك من جديد وهذا عزائي ولو بعد حين .



تحاصرني جملك القصيرة منها والبليغة .أحاديثنا الهاتفية الأخيرة. رسائلي إليك وهديتك الثمينة التي بعثتها لي كتابك القيم .. التاريخ من باطن الأرض. كلمات الترحيب كلما تهاتفنا في بداية ونهاية كل مكالمة. اهتمامك بكل صغيرة وكبيرة. مواساتك لي بالغربة وتشجيعك لي وحثي على المواصلة كانت أخر الكلمات في كل مكالمة



AUF WIEDERSEHEN

ألان لا أريد استبدالها بـ

LEBEWOHL

اشعر بحضورك الطاغي هنا كأن روحك استحالت الى أثير ينتقل بين سموات من عرفك واحبك وعشق تراب العراق ومجده في كل مكان من خلال أبحاثك واستكشافاتك وكتبك ومحاضراتك ولقاءاتك. الست من كان ينصح ..... العراق حيثما يكون عراقي . العراقي لا يهزم يقع ربما لكنه ينهض وينفض عنه غبار الزمن ويصنع الحياة من جديد فالتاريخ الذي صنعه أجداده كفيل بتطبيبه، ودفعه للمواصلة والنجاح .



سأفتقد رغما عني الذكريات التي أعددتها لأحدثك عنها في عمان عند زيارتك.. لكن يبدو لي ان روحك كانت متلهفة لألق الخلود فلم تلتفت لأمنياتي ولم تعرها أهمية تذكر.



زرت مؤخرا منطقة أثرية يوليها الألمان أهمية خاصة . بنوا من اجل درع بسيط وضعت فوقه رسومات تدل على حركة الكواكب والشمس والقمر متحفا كبيرا كلف ملايين وصار مزارا فريدا يزوره كل عام الملايين من الألمان والأجانب. تذكرت حسرتك وحزنك وأنت ترى تل الصوان الذي اكتشفته مهملا والآثار الثمينة التي عثرت عليها بعثاتك التنقيبية و أفنيت في سبيلها زهرة شبابك بلا رعاية وعناية رغم أهميتها للعراق خاصة وللإنسانية عامة.

تذكرت حسرتك ، حماسك ، حروبك الى جانب زملائك الغيورين المخلصين للعراق لاستعادة الآثار المسروقة. وفشل محاولاتكم التي كانت ترد بالسخرية والتغطرس والاستعلاء وعبارة ... لما تريدون أثاركم التي عندنا ، ماذا فعلتم بالتي ما زالت عندكم؟ .. هل اهتممتم بها . هل أعرتموها العناية التي تستحق.



تذكرت مكابرتك على الجرح النازف وأنت ترى العراق يتشرذم بين فرقاء لا يعرفون قدره مثلما تفرقت ثرواته وكنوزه الأثرية بين فرنسا وانكلترا وألمانيا وتركيا والهند وأمريكا وغيرها من بلاد العالم .

تذكرت ذلك وعصرت قلبي الغصة عندما رأيت الألمان يعتنون بكل منتج حضاري قديم وحديث على جدران المدرسة التي تخرج منها بعض من خيرة أعلام ألمانيا وقعت عيني على اسم نيتشه .. ربما لكثرة اهتمام المتعلمين العرب به . وكونهم مهووسين بكل ما هو غربي فتذكرت عبارته التي أوجعتني ..



HAST DU EINE GROßE FREUDE AN ETWAS GEHABT, SO NIMM ABSCHIED NIE KOMMT ES ZUM ZWEITEN MALE.



لكنك كنت تردد دوما قدرة الإنسان على ابتكار الفرح والحياة وخلق عالم أفضل .لذا لن استسلم لمقولة نيتشه وسأظل وفية لكلماتك حتى لقائنا القادم.

الى اللقاء أيها العراقي الكبير بهنام ابو الصوف. يا من كنت عراقا اينما حللت ،وفي أي بقعة بالأرض زرت. الى اللقاء





اضحية العيد




اضحية العيد

يقال عن الدين والتراث ثم العبر المستخلصة منه والدروس بانها القيم الاخلاقية التي تحفظ للأمم صورتها الساطعة والمشرقة امام الاخريات اللاتي يتنافسن معها بعادات وتقاليد وطقوس وان كانت
مختلفة الا انها تهدف لارساء نفس المثل والمبادئ



...فريضة الحج واحدة من الاركان الاسلامية الخمس يتطلب ادائها
حج البيت من استطاع اليه سبيلا.... القيمة الاخلاقية والدينية للحج تعلم المساواة والاحساس بالاخر ،يليها مشقة البحث برحلة الحج عن تلك المعاني السامية التي تميز الجنس البشري عن غيره من المخلوقات التي نسميها غير العاقلة لتفوقنا عليها! .اليس كذلك

ومن الطقوس المصاحبة للحج هي ذبح اضحية العيد والمتخصصون بالدين اوسع اطلاعا عن فوائدها ،فترى بسبب توافد الحجاج كثرتها ونفوق تلك الاضحية في الطرقات ورميها بالنفايات امر لا يبرر من قريب او بعيد ما قيل عنها وعن اسباب وجودها كطقس . قرون ولا يجرؤ احد على مناقشة هذا الامر . فعلينا تنفيذ وتأدية كل شيء بمنتهى الخنوع ولا يرفع احد رأسه متسائلا كيف نحج واخوتنا في العراء. كيف نحج وبيوتهم مسبية من قبل رعاع الارض واراذلها ، اولئك الوافدين من كل حدب وصوب ، ابتغاء مرضاة غرورهم واشباع غرائزهم النهمة. واحلال شريعة الغاب باسم الدين. لما لم يستعمل مسلم او مسلمة هبة الله عقله ويتسائل ايحق لي الحج والاضحية من شعبي وناسي لا مواسم لها ،ولا مواصفات مترفة بعضها كبيرة واخرى صغيرة ثالثة تحبو ورابعة رضيعة لم تفطم. خامسة تتعلم سقاية الزرع النابت في اصص الشبابيك المهدمة. سادسة تلتهم اوراق كتابها التهاما قبل احتراقها بنيران حكومتها او تحالف لا يميز بين اخضر ويابس. وضحية سابعة تجذل ضفيرتها وتتطلع لمرأتها لأول مرة متحسسة انوثتها التي تناهض جشع تجار الموت والاسحلة والدمار. وثامنة عرف قلبها لحنا جديدا عجبت من تسلله لقلبها وسط ضجيج الاحزان.وتاسعة بينها وبين العسل قاب قوسين او ادنى. وعاشرة نحرت لعينيها النجلاويتين وفمها الذي ما زالت قطرات الحليب ترطبه. من من تلك الملايين التي يعلو وجوهها الخشوع والايمان ـ ولست اشك بذلك ـ من منها قال لا حج في عامنا هذا ، ولا اضحية تنحر بل ندخر المال والجهد لايواء اخواننا المسلمين المشردين في بقاء الارض. اولئك الذين تفترسهم اسماك البحر او ينحرون على اسوار اوربا العالية. من من الحجاج هزته صبية نحرها الغزاة باسم دين وشريعة احلوها بانفسهم فسال دمها الطاهر حارا راعفا، لكنه لم يحرك مشاعر ذوي الدماء الباردة. اولئك الحالمين بجنان طقوس لا مواقف. جنان مراءة لا جنان شجاعة. تنتظرهم في العالم الاخر


هذه اضحية العيد التي لا ايام محددة لنحرها ،واولئك هم المسلمين الذين يتخيلون عدالة بعلم الغيب ، وهي اقرب اليهم لو ارادوها. لكنهم عنها معرضون ،فهي تكلفهم غاليا. تكلفهم صدق ايمانهم وعقيدتهم باسباب الحج التي اقيمت من اجله هذه الشعائر. ليعيش من مثلهم من المسلمين بضياع وتشرد ،فلا يلتفوا اليه طالما هم في امان وسكينة ببيوتهم .

الغلاف السميك - الشاي الاخضر








الشوارع مليئة بالاعلانات المغرية
الحقائب مكتظة بالكثير من المسليات
الاجهزة واللعب وكل ما يخطر على البال في متناول اليد
والمال متوفر على الاغلب لاقتناء كل ما يريده الفرد او على الاقل الكثير مما يرغب في اقتناءه.
لكن رغم هذا يمكنك مشاهدة كل ذلك هناك



مشاهدة رقم -3-
لايبزك منتصف مارس 2015



كم يبذل علماء التغذية من مجهود مضني للتثقيف بالامور الصحية. لعل اصعب شريحة اجتماعية يصعب العمل على توعيتها هي فئة الشباب والمراهقين. هؤلاء الرافضين على الدوام لاي تدخل في امورهم الشخصية ، فكيف الحال بالطعام والشراب، والعادات الصحية الصحيحة الا تلك التي يتفقون عليها، فيمارسونها كتقليعة ام نوع من التسلية.

في لايبزك ابتكر منظمو المعرض العالمي للكتاب طريقة غاية في البساطة والذكاء. اقتطعوا من قاعة الالعاب ومقتنيات الشباب ومعروضاتهم الملونة مساحة لا تزيد مساحتها عن غرفة استقبال بفندق بسيط . وصفوا على جوانبها المصاطب اليابانية واعدوها اعدادا بسيطا غير متكلف كما هو الحال في العادات والتقاليد الاسيوية , ووزعوا بعض المراوح والبامبو هنا وهناك . لتكن غرفة الشاي الاخضر الوحيدة في المعرض التي تقدم خدماتها مجانا للزائرين.

تاتي الافواج هنا للاستراحة ، او لطلب مشروب يطفئ الظمأ. ربما يدفعها الفضول لقضاء بعض الوقت للثرثرة عن التالي،وما قامو بشراءه أو اي سبب اخر. لكنهم يخرجون وطعم الشاي الاخضر لا يفارقهم. ورسالة المقيمين قرأت على افضل ما يرام . المعلومة وصلت. لا اعلانات . لا تكلفة اضافية. لا جهد ولا مبالغة بالاعداد.

الشاي الاخضر فوائده ، مزاياه. ضرورة استبداله بما اعتادوا شربه الى اليوم لينعموا بحياة افضل وبصحة.
مشهد من مشاهد لا تعد ولا تحصى لهذا الحدث الثقافي الكبير الذي يقام كل سنة.وفيه تأتي وفود وشركات ودور نشر من كل انحاء العالم. مما يدفعك ايا كان مذهبك ومشربك الثقافي والفكري العربي الى السؤال . اين نحن وفي اي القاعات تنصب دلالنا او مشروباتنا العشبية المفيدة، هل يضيف ممثلي الحضارة العربية زائري المعرض بمشروبات صحية ايضا اتوا بها من بلادنا العربية لتقديمها هنا. بفضول تتابع علك تحصل على الاجابة في القاعة التالية حيث جموع الوفود العربية وحضورها المميز.
و.. للحديث بقية.

إخشوشنوا وأنسوا الكهرباء





إخشوشنوا وأنسوا الكهرباء فإنها ترف يذكركم بحياة فانيه

لا تطمعوا بالكهرباء... فأنها

ترفٌ يذكركم بدنيا فانية!

فنبيّكم وآل بيته عاشوا حياتهم
في ضوء فانوس حياة راضية

لم يقتنوا في بيوتهم ثلاجة ولا

صحن دشٍ على سطوح عالية

لم يعرفوا التكييف في قيض الليالي



كانت مهافيفهم لذلك كافية

ماذا دهاكم هل نسيتم حيدراً

قضى نصف عمره ببطن خاوية

وخذوا من أبي ذر مثلا حين

يختار من خشن الثياب البالية

فإخشوشنوا حتى تدوم بعزة

نعمائكم ودعوا الحياة كما هي

المترفون سيصطلون بنارها

ومعدموها لهم جنان زاهية

لا تتركوا نسوانكم تظهر أعيناً

حورا لترشقنا سهاماً حامية

لغة العيون أشد فتكا بالورى

من كل أسلحة العدو الغازية

فالله ما خلق النساء لفتنة

بل خُلِقَت نساؤكم لغسل الآنية

لا تنشدوا التغيير فهو حماقة

فماذا جنيتم من زوال الطاغية؟

إذ راحً صدّام وجاء من بعده

تسعون معمما تحميهم المافية

قد بَدّلوا بنطالهم بعمامة

وكووا جباههم فكانت قاسية

لا تزعجوا حكامكم بمطالب

ناءت عنها الجبال الراسية

الغاز والبنزين شر مطلق

لم تستقم بها بلدان نامية

حيث التلوثُ قد يعمُ ديارَكم

وهواءَكم وكذا السماءَالصافية


أثقبوا الأوزون فالأرض التي

ترثونها أمٌ رؤوم حانية





ماضرّ أن تطأوا الحمير فأرضكم



ملأى بأصناف الحمير الغالية





من سادةٍ طبعَ الوقار وجوههم



فاقوا به حقاً وقار معاوية





وادعوا دعاءَ الافتتاح فأنهُ

سيزيدكم حتما غنى ورفاهية

وأتلو دعاءً للثمالى الذي

لولاه ما بقيت لكم من باقية

ودعاء كميلٍ قد يقيتُ جياعَكم

لو أنه يتلى بروح سامية

هيا ألطموا يا سادتي وتطيّروا

هيا أهرقوا مزيدا من الدماء الزاكية

لم يخلق الرحمان أجمل منظرا



من لا طمين على صدور عارية

يسترخصون دماءهم ولعلها

عادت لأرخص من براز الماشية

سلمت يدا أمكم إيران لما صدرّت

لبلادكم هاذي التكنولوجيا العالية

هاذي الزناجل المسننة التي

تذر الظهور مسننات دامية

تلك الخناجر والسيوف هوت بكل صلابة

فوق الرؤوس اللامعات الخاويات


لا تجعلوا الجوّال يفسد عيشكم

فهو باغٍ أتاكم من بلاد باغية

عاشوركم ملأ الشوارع (قيمةً)!

ورمضانكم ملأ البيوت زلابية

ومواكبُ العَزَواتِ تَتْری كلما

مرّت مناسبة تفرّخ ثانية

فلم التذمر والتشكي وحياتكم راغدة

وعلائم الفرح والبشر عليكم بادية


هذا العراق وهاذي مأساته

إن العراق يسير بكم نحو الهاوية






















--------------------------------------------------------------------------------
  قصيده لعراقي ابو ابوه مشعول














الغلاف السميك قال الراوي

       
shatha. rose. shatha ahmed
احد الكتاب المشاركين في فعاليات المهرجان العالمي للكتاب في لايبزك
كتابة وتصوير: شذى احمد

الشوارع مليئة بالاعلانات المغرية
الحقائب مكتظة بالكثير من المسليات
الاجهزة واللعب وكل ما يخطر على البال في متناول اليد
والمال متوفر على الاغلب لاقتناء كل ما يريده الفرد او على الاقل الكثير مما يرغب في اقتناءه.
لكن رغم كل ذلك يمكنك مشاهدة كل ذلك هناك

مشاهدة رقم -6-
لايبزك منتصف مارس 2015


سواء بصحبة مكبرات صوت واجهزة تسجيل ومايكروفونات متقدمة ام على الهواء مباشرة بدون اي منها.

عند زاوية عدد الحاضرين فيها يزيد عن الخمسين او المئة حتى. ام في مكان اخر لا يتعدى الحضور بضعة مستمعين. انتشرت هناك حلقات قراءة الكتب. منظر مذهل يوحي بالكثير. الكثير ممن افترشوا الارض. او جلسوا يستمعون للراوي. سواءا كان امرأة ام رجل . كهل ام شاب . موهوب بالقراءة ام بالغ الجدية يقرأ برتابة. شديد الاناقة والهندام . ام بسيط المظهر حد التسكع. يقرأ في كتابه ام في اوراق طبع فيها اجزاء منه يرغب في اسماعها الحضور.

الكل يستمع بعضهم حتى ينتهي الراوي ، والبعض الاخر يذهب قبل ذلك . البعض يأتي متأخرا. لكنه يستعلم جيدا اين هو، ولمن يستمع. فالمطويات موزعة بكل مكان. والبرامج ترافق الدليل العام حيث يمكنك االحصول عليها بدون عناء من على الرفوف المفتوحة.

هناك المشاهير من الكتاب والكاتبات جاءوا ليرضوا فضول قرائهم. او ليعقدوا حلقات نقاش بعد القراءة يتبادلون واياهم الاراء عن تجاربهم. ويستمعوا لوجهات نظرهم المتعددة بشأن ما كتبوا ويكتبون.

حفلات توقيع الكتب على قدم وساق. وعربات مكتظة باخر الاصدارات للكتاب المرموقين تباع وتوقع بنفس الوقت.

وتندهش اذ تجد قضايانا العربية وحروبنا في جدول اعمال مشاهيرهم. وتستمع لخطبهم وتعليلاتهم لما يحدث. فتهز رأسك موافقا هنا، ومستغربا هناك . ومتحسرا تارة لان لا احد من بلداننا التي تحترق جاء الى هناك ليسمع صوت الناس ويشرح بعمق ودراية ما يحدث.
رغم كثرتهم وتعدد ارائهم على قنوات اعلامنا العربية ،لكنك لا تلمح لهم اثرا هناك في واحد من اهم الاحداث الثقافية العالمية التي يحتاج لوجودهم فيه.

حتى التجارب اليافعة من كتاب العالم الثالث حضروا متعكزين بهذا النهم الكبير لمعرفة الاخر الذي يتمتع به الزوار.

الكثير حضر فتتسارع نبضات قلبك سائلا اين كتابنا . مثقفينا. ماذا عن وزارات اعلام الدول العربية. لعلهم هناك . ربما تهت في متاهة هذا البناء الضخم المأهول. والعرب هناك بسحرهم ،وجمال نتاجهم الفكري وبهاء معروضاتهم التي تمثل روعة منشوراتهم وكتبهم القيمة .. اين اين ربما هناك في الرواق التالي . لعلهم في قاعات ضحمة يكتظون متزاحمين يتنافسون في تمثيلنا وتعريف العالم بفكرنا ونتاجنا الحضاري الطيب.





و.. للحديث بقية.

عيد الأم




تحية لتلك التي الهمتني العزة

تحية لتلك التي الهمتني معنى الكرامة

تحية لتلك التي انحني امام سيرتها اجلالا واحتراما

لتلك التي ولدت بالفطرة صلبة الكبرياء كالصخر وناعمة ورقيقة القلب كجنح فراشة

تحية لتلك التي لا تغفو في ظل احد ، بل تتقاسم سنين عمرها الشمس وظلها.

القيض وعذوبة الصباحات الندية.

لتلك التي ولدت حرة بروحها وعقلها وانسانيتها وقيادتها لاسرتها

تلك التي ولدت سيدة صانعة الحياة وتسلم الراية لجيلها التالي حرة عظيمة ملهمة للبقاء والحياة.

تحية لكل امرأة عظيمة لم تفلح اصفاد المجتمع الصدئة من تكبيلها

تحية لكل ام حقيقية في عيدها المجيد

الغلاف السميك قطع الخشب

جانب من المعرض ومبيعاته وصناعاته وحرفه المتعددة

كتابة وتصوير: شذى احمد


الشوارع مليئة بالاعلانات المغرية
الحقائب مكتظة بالكثير من المسليات
الاجهزة واللعب وكل ما يخطر على البال في متناول اليد
والمال متوفر على الاغلب لاقتناء كل ما يريده الفرد او على الاقل الكثير مما يرغب في اقتناءه.
لكن رغم كل ذلك يمكنك مشاهدة كل ذلك هناك

مشاهدة رقم -9-
لايبزك منتصف مارس 2015


الصناعات المرافقة للمعرض من الحرف اليدوية

لما تبدو هذه الكراسي بهذه الغرابة. اي نوع من الواج الكتابة هذه. مابالها طاولات الكتابة رفيعة او مدببة . ماهذا اول انواع الدراجات الخشبيه..؟. يقول العارض لا انها طاولة للكتابة اعتمد صانعها تصميمها بهذا الشكل. كرسي تلتصق به طاولة لا تتسع الا لكتاب ومكان جانبي لبعض اللوازم المدرسية. كان هم المصنع يومها تكريس الطالب جل وقته للدراسة . وضمان وضعية مريحة وصحية.
الكرسي بطاولته يبدو قديما بمعنى انه لم ينجح فيأخذ طريقه الى المدارس ولا حتى لبيوت الطلاب.
مع هذا يبدو قريبا من الرحلات المدرسية . هل استنسخ المصنع التالي الفكرة طورها وطوعها لاحتياجات المدرسة والتلميذ بشكل افضل.


ما هذه المكائن الكبيرة الضخمة. وهذه الكمية من السواد في كل مكان. هل كانت الطباعة على هذا القدر من الصعوبة محفوفة بمخاطر صحية للاصباغ والاحبار المستعملة بها.
كل تلك الالواح الخشبية والاسطوانات التي أكل عليها الزمان وشرب. كانت محطات وقفت عليها البشرية قبل الانتقال للتالية لتصل بعدها الى ما هي عليه اليوم.

مع هذا حضرت . جاء القديم ليقول كنت البداية حتى وصلت بكم لهنا.
من حروف غوتنبرغ حتى تقنية الهواتف النقالة او الذكية
لمن يريد الاستماع كان له حديث اخر. يمكنك البداية باي شيء مادمت تريد حقا التعلم او التعليم .

كومة اخشاب قادرة على انتاج العاب مسلية في حديقة مدرسية متواضعة او ساحة عامة يتمتع بها الصغار.

قطع اخشاب مهملة تصقل وتصنع فتبث بها حياة فكرة تفرح الاطفال وتعلمهم.
الكثير قالته ورشات الحرف والصناعات اليدوية التي ـ ربما يستغرب القارئ العربي ـ مازالت محض اهتمام ورعاية المؤسسات التربوية والتعليمية بالغرب.

مع هذا فما زلنا لم ننقل لك روائع المشاركات العربية، منتوجاتهم وصناعاتهم اليدوية التي تتحدى الحروب والموت والدمار.هناك في قاعة قريبة لم يبق الكثير للوصول اليها.


و.. للحديث بقية.





الصاحب بن عباد
لو أدركت عبد الرحمن بن عيسى الهمذاني مصنف كتاب الألفاظ الكتابية ، لأمرت بقطع يده،
فلما سئل عن السبب قال:
’’ لأنه جمع شذور العربية الجزلة في أوراق يسيرة ، فأضاعها في أفواه صبيان المكاتب ،
ورفع عن المتأدبين تعب الدرس والحفظ الكثير’’.


اليوم من يقرأ هذا يضحك .. لا بل يستخف به حيث لم يعد احد من الصبية يفتح الكتاب أصلا. بالمناسبة ليس فقط في البلاد العربية او الشرقية بل حتى الغربية صارت الكتب المقررة لا تصفح ويتبارى المعلمون بالبحث عن طرق ووسائل تعليمهم المقرر بأبسط الطرق ،وأكثرها تشويقا دون الاعتماد على الكتاب!.
لكن هذا ليس موضوعنا بل الموضوع الذي رغبت من مقدمتي التطرق له هو سياقة الشواهد على أمور كادت تصبح بديهيات... بل لا يلتفت إليها احد. مثل أعلام النهضة وعطائهم الثر في إيقاظ الشعوب العربية التي كانت غارقة بالجهل والأمية في القرن العشرين . فلو سمع ال الياس بكلام الهمذاني لما صار بين أيدي متعلمي اللغات قواميسهم اللغوية التي فتحت أفاق المعرفة للاطلاع على اللغات الحية الأخرى. 
ولو لم يكن بتاريخنا أعلام النهضة من المسيحيين في كل من لبنان وسوريا وفلسطين ومصر والعراق .. من الذين احتكوا قبل غيرهم بالحضارة الغربية ، فاحضروا المطابع وساهموا بالنشر لما بدأت اي بوادر حقيقية لشعوب المنطقة للتخلص من الاستعمار... والبحث عن هويتها ومستقبلها وان تعثر كل ذلك كطفل يحبو ثم يهرول ويعود فينكفئ ليحبو لأسباب اجتماعية وسياسية من العسير اختصارها هنا. 
البحث في قائمة هؤلاء الأعلام يقود من فقد مروءة الأنصاف وحس العدالة الى أسماء لا يمكنه تجاهلها والتعتيم على حضورها القوي . فباستعراض سريع نجد بان مؤسس المسرح المصري الحديث هو نجيب الريحاني المسيحي من أصل عراقي حيث وضع وزوجته بديعة مصابني اللبنانية و السورية الأصل اللبنات الأساسية لأول مدرسة فنية خرجت الأسماء التي ما زالت روائعها الفنية الى يومنا هذا.
وفي الأدب سجل جبران خليل جبران اسمه في قائمة الأهم بين أدباء وشعراء العالم. ورسائله حبه العذري مع الأديبة مي زيادة سطرت للحب العربي فصولا انضمت لأحلى قصص الحب وأشهرها على مر التاريخ. لن تنتهي قوائم الأدباء والشعراء إذا ما بدأت بها ،ولكن الا يكفي العالم اقصد كل العالم بان العرب يصحون على صوت كروانهم فيروز كل صباح ويتناولونه مع أول فنجان قهوة بكل شهية!. 
إضافة الى روائع الشعراء من المسيحيين ،والكتاب .المثقفين .الفنانين ..هناك العلماء والأطباء . فاليوم يفتخر العالم العربي بالدكتور احمد زويل ونوبله بالكيمياء والحقيقة انه العالم الثاني بعد الدكتور العربي اللبناني الأصل بيتر مدور. حيث حصل على نوبل بالطب عام 1960 فتجاربه وأبحاثه ساهمت في فتوحات لاحقة في علم زراعة الأعضاء ،والارتقاء بالطب،ودوره في إنقاذ حياة الإنسان .
النماذج أعلاه قطرات ندى من سماء حبلى بعطاء لم ينضب من أبناء الديانة المسيحية الحالمة بنهضة شعوبها والعاشقة لأوطانها، والمعتزة بها... وإلا ما كانت لتقدم كل هذا البذل والعطاء السخيين لو لم يكن همها الإنسان والخير له آيا كانت ديانته وطائفته. 
وككل الأحداث التي تتسارع وتتلاحق أصاب العلاقة المسيحية مع باقي الطوائف بأوطانها الكدر. فبروز التيارات الإسلامية المتشددة لم يكن وبالا على المجتمع المسلم الذي راح يحصد أرواح أبنائه ويدعو الى تقييد حريته والعودة به الى الوراء فحسب، بل ساهم بأعماله العنيفة ،واعتدائه السافر على مجمل الحريات والمسيحيين والمرأة .. ساهم كل ذلك الى بروز تيار مسيحي يقارعه العداء بنفس الوسائل والأساليب وان كان إعلاميا على الأقل. 
فرغم تعاطف الكثير من المثقفين مع القنوات التي كرست رسالتها للنيل من الإسلام ونبيه أول الأمر معتبرة ذلك جزء من حرية الرأي الا أنها تمادت لحد الرغبة بنسف كل أسس الديانة الإسلامية بطريقة استفزازية متناسين بان الديانات تشكل الى حد كبير تاريخ الشعوب وفلكلورها وعاداتها وتقاليدها.. ومن المتعذر سلخ الشعوب عنها مهما كانت الأهداف والنوايا طيبة وراغبة بإخلاص بخلاصهم كما يردد المبشرون على الدوام!!.
وراحت رسائلها المتشددة تثير الضغينة بنفوس الكثير من المسلمين، ولأنها قنوات تبث من أماكن أمنة في أوربا وأمريكا ،فهي بعيدة عن المواجهة التي يتلقاها المسيحي البسيط الذي ربما لا يعرف أساسا بوجودها، وتبدو المعارك الطاحنة بينها وبين التشدد الإسلامي تجاوزت كل حدود التجاور ، وتحولت الى استفزاز يبررونه على الدوام بترديد عبارات والاستشهاد بآيات وأحاديث لم يكن ليلتفت اليها من قبل والا ما كان المسيحيون ليحيوا الى جانب المسلمين 14 قرنا ، وما كانوا ليحققوا نهضة ببلدان لم تحيل بينهم وبين إعطائهم زمام القيادة في المجالات التي أبدعوا فيها، ولما وجدت أصلا أرضا خصبة ومعبدة لقبول إبداعاتهم الفكرية والفنية والثقافية والأدبية. 
فلم محمد رسول الإسلام الذي عرف أخيرا بانه من إنتاج مجموعة من أقباط أمريكا 
بعض مشاهده محملة على الرابط التالي 
http://schataly.blogspot.de/2012/09/blog-post.html

...باختصار هو واحد من هذه الرسائل السلفية المسيحية ولم اجد وصفا اقرب منه لنعت صانعيه .فهم اظهروا تطرفا وتشددا لا يوازيه الا تطرف السلفية . فالفلم إضافة لكونه ضعيف . هش .رديء العرض والفحوى ومفكك التفاصيل ، وبدائي الصنع يدل على رعونة وسذاجة ، وسطحية من قام بكتابة السيناريو ـ هذا أصلا اذا كان فيه سيناريو ـ ومن قام بأداء أدواره الإشارات والتلميحات الجنسية التي وردت به لا تليق بمسيحي الشرق والغرب على السواء لأدائه. فكيف يدعون خدمة المسيح والرب ، وهم يؤدون حركات ومشاهد لا تليق بأخلاق وسلوك المسيحي الذي عرفنا عنه دماثة الخلق ، والرغبة بالتحلي بأخلاق المسيح، وتطبيق وصاياه بحب من يعاديه .... وكل وصاياه الإنسانية التي تدعو الى المحبة والسلام.
الفلم لم ينل من شخصية النبي محمد بكل المقاييس. لقد غفل صانعوه عن حقيقة شديدة الأهمية الا وهي ان المبالغة تدفع المتلقي الى استلام رسالة معاكسة لما أريد بثها. لقد دفع الكره بالمتشددين والمتعصبين والحاقدين صانعي الفلم الى الإسراف بالمبالغة في النيل من النبي محمد مما منح المشاهد إحساسا بالتقزز والقرف ، والنفور منه .... فما الذي حصدوه ؟. 

تماما مثلما حصل مع الرسوم الكاريكاتورية انتابت المسلمين مشاعر غضب عارمة. وهل يمتحن المسيحيون المتشددون سطوتهم وقوتهم في هذه المرحلة بالذات بينما تحكم التيارات الإسلامية قبضتها على السلطة في كل البلدان العربية التي غيرت أنظمتها الثورات الجماهيرية مثل تونس ومصر وليبيا. ما الذي تريده التيارات المسيحية المتشددة بعرض فلم لا تزيد عباراته وفحواه عن التكرار الدائم لنفس الحجج والنصوص التي يراد منها تشويه صورة النبي محمد في نظر العالم. ولكن هذه المرة بوقاحة اكبر وان جاء بمشاهد تمثيلية لممثلين هواة لا يتسلحون بموهبة تعينهم على أداء شخوصهم بل كره لا يقبل به الدين المسيحي ولا يدعو اليه بل ينكره ، ولا يحترم حامله والمنادي به.

يتمنى كل محب للسلام اليوم ان لا تتصاعد موجات العنف التي تغذيها التيارات المتشددة في البلاد الإسلامية عموما ،والعربية خاصة. ويتمنى كل إنسان يرغب بالتعايش مع الأخر ايا كانت معتقداته ، وصفاته أن لا تتفاقم المسألة لتكبر ككرة الثلج مسببة أضرارا اكبر ، وتوتر العلاقات ما بين المسلمين والمسيحيين وان كان العدد الأكبر من كلا الطرفين ليس لهم اي ذنب بما حصل ويحصل.
قد يسوق البعض العشرات بل المئات من الأمثلة التي تضع اللوم على المجتمع الإسلامي . من سرعة الغضب. الى تبني العنف. الى الحروب والقتل الدامي بين أبناء الطوائف لا بل أحيانا بين أبناء الطائفة نفسها.... قائمة قد تبدأ ولا تنتهي. لكن رغم ذلك فالأمر هنا مختلف. 
الأحداث الحالية والمشهد السياسي الحالي في اغلب الأقطار العربية لا يسمح بمثل هذا النوع من الإساءة ، ان من صنع الفلم يقود المسيحيين الى محرقة ،ويؤجج نيرانها المستعرة بأطروحات لا تغني المسيحي الشرقي من جوع بحثه عن حقوقه.
لا تؤخذ الحقوق العادلة بإعطاء مبررات للمتشددين من الإسلاميين لإيجاد خطاب يلتف حوله العامة من المسلمين ، ولا يبقى بالساحة احد للاستماع الى صوت العقل والحكمة .
اذا ما استمر التشدد المسيحي فقط رغبة بالتبشير بإنتاج مواد مثل هذه ، رديئة ومباشرة الإساءة فان مسيحيو الشرق وحدهم من سيدفع الثمن . لن يهتم المتشدد الذي حزم حقائبه وأمره على احتقار كل الانجاز الحضاري، والعلاقات بين الشعوب والأديان . واعد نفسه للموت والفوز بحورياته... هذا لا يهمه ما يقوله فرج فوده ولا نصر حامد أبو زيد ولا السيد القمني ولا السعداوي ولا القصيبي ولا ايا من أعلام الفكر . هذا سيخرج للشهادة وهو لا يعرف احد سوى من سلحه لرحلة العالم الثاني منوم فيفجرونه بأجهزة تحكم عن بعد.
بدت بوادر الردود العنيفة الرافضة للفلم على السفارات الأمريكية في كل من مصر وليبيا وقتل الدبلوماسيين ، وتتصاعد موجات العداء وكالمعتاد هناك من سيستثمرها لتحقيق مصالحه الآنية منها والمستقبلية. لكن السؤال الأهم ألان لما كل هذا ؟ . بماذا أفاد صانعو الفلم المسيحية؟. كيف يجوز لهم خلق كل مشاعر الكره والعداء بين الديانتين . من أعطاهم هذا الحق بخلق مثل هذا الجو المسموم والمشحون بمشاعر العداء والكراهية. 
الرسائل العظيمة نبيلة وخالية من نوايا الدمار. ما زالت سمعة المسيحية الشرقية نقية من العداء وداعية للمحبة والسلام أقول الشرقية بعدما لطختها الغربية بحروب وقتال ودمار وظلم وطغيان على مراحل متعددة ليس هنا مجال لسردها. فلما يريد المغامرون تدمير هذه السمعة الطيبة . وتعريض المسيحيين لمزيد من المعاناة في ظل أجواء أصلا متأزمة . فهناك حملات تهجير قصرية في العراق للمسيحيين وكلما امتد تيار إسلامي متشدد ببلد عربي كان المسيحيون أول المستهدفين ان لم يكونوا الهدف الثاني بعد المرأة . فلما يمنح هؤلاء المغامرين مسيحيي الشرق والبلدان العربية على طبق من ذهب لهؤلاء. وختاما هل يبحث صانعي الفلم الفاشل عن مكان لهم بين عظماء المسيحية ممن ساهموا بصدارة وريادة في نهضة الكثير من البلدان العربية هل يبحثون لهم عن مكان بينهم هيهات. الإبداع هو محبة لا يفهمها بالتأكيد صانعو هذا الفلم الرديء.
-----
Share |
------