بفاطمة النجار ووصيتها بدأت رحلة امتدت لساعتين من الزمن. قدم
خلالها اعضاء المسرح الالماني مسرحيتهم
الاخيرة 100 ثانية.
ما هي الثيمة
الرئيسية لهذا العمل غير التقليدي ، والذي هزني في هذه الظروف المأساوية
للتشرد، والتشرذم والضياع التي يعاني منه العراقيون والسوريون.
لمشاهدته بعد انقطاع عن متابعة المسرح قارب ال 18 سنة.
فتأتي الاجابة مباشرة النهاية والبحث فيها ..
نهاية كل انسان التي تعادل بدايته بل تتفوق عنها اهمية
من اول لحظة ومن اول سرد للممثلة كاترينا ماتس
(85 سنة) حيث بدأت تقص حكاية فاطمة النجار المعروفة للقاصي والداني منا، وظروف
اختيارها لنهايتها ليعقبها فيما بعد سرد نهايات عديدة لا حصر لها لو كان الوقت
ممتدا لما لا نهاية . لكنه حدد ب 48 حكاية ونهاية
موثقة بقناعة اصحابها من البشر ،وهم كما يصف العمل المسرحي المخلوق الوحيد
الذي يبحث عن ذاته خلافا للمخلوقات الاخر التي تكتفي بالغذاء والتكاثر.
ذلك العمل الذي يحبس الانفاس لكثافة المشاهد
،وقهرها بزمن السرد حيث لا يترك لها متسع من الوقت للاستعارة والتزويق ، ام ادلجة
المشاهد ، وتحزبه لهذه القصة ام تلك.
كان للإحداث الدموية التي شهدتها البلدان العربية
منذ اضرام بائع الخضار محمد البوعزيزي النار في نفسه ،والتي يعتبرها الكثير الشرارة للثورات
التي اطاحت بالعديد من الانظمة العربية
كانت من اوائل السرديات التي رويت بوجع واسى. ورغم ضغط الوقت صرخ الراوي مايكل غولدبيرغ.. اضرم النار في نفسه من
اجل عربةالخضار.. احترق لكنهم لم يعيدوا له عربته!!!.
وتوالت السرديات بسرد
مكثف تلاحقه عقارب ساعة لاترحم للمراقب.
رغم ايقاع السرد المحدد بالزمن الا انه مر بازمنة
غابرة. غاص في اعماق الشخصيات والاحداث. والايدلوجيات الاديان اليهودية المسيحية
الاسلام. اتباعها ، وطرق سياقتهم لنهاياتهم لتصدح بموتهم حناجر مرددة .. انتم الضحايا الذين سيسطر الخلود
تضحياتهم باشرف المداد دمائكم!.
وكما الاديان تقنع
الكثير من البشر لاحتيار نهايتهم بخطاباتها
المؤججة للمشاعر كذلك الايدلوجيات
الشيوعية ..الماركسية واللينية . الفاشية . وصولا لما يسمى بالارهاب والتطرف
الديني.
فطالما هناك المغريات من
72 حورية تنظر على ابواب العالم الاخر. والجنة هناك من هو مستعد للموت في سبيلها!!
لكن بحث الانسان الدائم
عن مغزى الحياة والغاية منه يبقى بلا اجابة واضحة ومحددة .لاي شعب وحضارة. هناك من
يموت حبا. اخر بحثا عن تحقيق غاية. ولما رفعت الستار تم عرض حالات احتضار مريع لانسان اخر قد يكون في أي مكان لكنه
بالحقيقة العصري الذي تسحقه الحياة
اليومية اللاهث خلف متطلبات مزيفة ليتناغم مع المجتمع الجديد. المرأة وخرافة
الجمال وعملياته والطب الذي تحول الى اداة لمسخ الانسانية.. تلهث بلا كلل من عملية لاخرى.. لتبدو باحسن مظهر عملية وابر
للانف والارداف والصدر اخفاق دائم واصرار على المواصلة حتى ينتهي الامر بها بعد
عمليات البروفسور الدكتور الدكتور الدكتور تلك الالقاب التي لا تنتهي لشراء
الزبائن .. انتهى الامر بها بان لم تعد تسمع خفقات القلب كما تنهدت فبكي مولنباور....
يا للأسى.
المسرحية تنازلت عن
تقليديات العرض ومألوفه بحثا عن مصداقية الطرح ما الجدوى من الحياة واي سبب وجيه للموت في
سبيله.!! هذه القطعة المسرحية المميزة استغنت بدورها عن عريض الجمهور ، وفرشت
خشبة المسرح بكراسي سمرتها بترتيب خاص وعرض ممثليها نصوصها من بين الحاضرين .
وعندما توارت وجوه بعض الحاضرين عن رؤية حاضرنا وطرق نهايتنا. توقف العرض الذي
استمر ساعتين بلا توقف
ساعتان والجمهور على
خشبة المسرح ليتقدم مايكل غولدنبيرغ .ليصطحب اول اثنين قائلا لهم : اختاروا الاماكن التي تروق لكم.
وعاد وأبطال المسرحية ليحملوا باقي الحضور الذين اختاروا اماكنهم بدورهم اما كراسيهم التي تركوها لتوهم على خشبة
المسرح فقد اضيئت بشموع جميلة لتنتهي المسرحية كما ابتدأت بأنوار خافتة.. لاول مرة
ترى بعرض مسرحي نهايتك .. يصحبك رفيق رقيق ومهذب لتختار مقعدك ومكانك ..وهو بالحقيقة نهايتك.
مئات الاسئلة
والاستفسارات تحملك اياها تلك القطعة الفنية المتقنة التي زينتها الموسيقى الهادئة
للمثل المبدع والموسيقى كامل جمال والاستضافة الموفقة لرائعة فيروز .. لما بدا
يتثنى طيلة فترة العرض. اسئلة تحمل جمهور المسرحية رسالة مهمة لنقلها لدوائرهم
الانسانية الصغيرة منها والكبيرة. الرفيعة المستوى ام التي من عامة الناس .
ما المغزى من الحياة .
وكيف نختار نهايتنا. وعن ماذا نحن مستعدون للموت . وفي سبيل من
؟
سؤال كبير. يستحق
التفكير به جديا افضل من أي سؤال اخر. لانه باختصار نهاية الطريق. حيث لا نخلف
بعده الا ضوء خافت قد ينير او لا ينير .