------------ --------
Share |

حرية المرأة وقميص عثمان



أسماء بن قادة
الزوجة الثانية للقرضاوي


اعتاد العرب أن يضربوا المثل بقميص عثمان كما يعلم الجميع كناية عن طلب الثأر للخليفة الراشدي الرابع عثمان بن عفان رض من قاتليه. لست بصدد الحديث عن الحدث ومفارقاته فهناك من خصص عمره للخوض فيه و يدلو كل يوم دلوه كي يخبرنا بالحقيقة المطلقة كما يفصلها. إنما كما يقال الأمثلة تضرب ولا تقاس ولذا فان حرية المرأة. الانتصار لقضاياها صار مثل قميص عثمان يتمسح به القاصي والداني من اجل نيل مأرب شخصية والوصول إلى أهدافه وأطماعه بغض النظر عن موقف المرأة . إنها مثل الموضة السائدة في هوليوود في تبني الممثلات لأطفال سود من أفريقا وبيع صور تبنيهم بملايين الدولارات والتنافس فيما يبينهن عمن تحوز على حصة اكبر من المال والاهتمام الإعلامي. فلا أفريقا غادرت فقرها وضمن مستقبل صغارها ولا ارتاحت وهدأت نفوس أمهات يطحنهن العوز والحاجة في إيجاد مخرج لمشاكلهن المستعصية .
إن اللعب بأوراق المرأة وحريتها لعبة رابحة إذا ما تم عزف موسيقاها حتى ولو بمهارة متواضعة!. لكن لما يتعامل المتعاطين لقضاياها بازدواجية في التعرض لهذه المواضيع أو الأشخاص فهذا أمر أخر.
كل هذا خطر ببالي و انأ اقرأ نص الحوار الذي أجرته جريدة الشروق القطرية مع السيدة أسماء زوج القرضاوي.
حتى لحظة قراءة المقال أو اللقاء الصحفي كنا جميعا نظن بان القرضاوي قد استغفل طفلة وتزوجها ولم يكن لها إرادة لا هي ولا أهلها ربما اشتراها ببعض المال. وإذا بنا نلتقي بسيدة ذات حسب ونسب ومكانة اجتماعية رفيعة تضعها في مصاف النساء المتقدمات في مجال عملها وذات مؤهل اجتماعي رفيع وقد توجته بحصولها على الدكتوراه وهي سيدة مجتمع من الطراز الرفيع وتمثل النساء في المحافل والمؤتمرات الدولية ولها صولات وجولات في ميادين الفكر والثقافة وقد تلقت ارفع تعليم في بيت أبيها عالم الرياضيات بن قادة . ولم يستغفلها القرضاوي ولم يتزوجها وهي ابنة الخامسة او الثامنة عشر كما اجتهدت وسائل الأعلام والصحف العديدة على ترويجه.
قد يفغر الأصدقاء قبل الخصوم ألفاه دهشة وهم يقرؤون ذلك ظنا منهم بأنني أدافع عن القرضاوي (وان كنت اعتقد في يوم ما إن كان هناك لزاما في قضية ما وكان هو ضحية فيها فلن أتردد ليس حبا به بل احتراما للقلم الذي يفترض به النزاهة والموضوعية بالطرح) والأمر غير ذلك بالمرة. كل ما بالأمر أنني اكره الكيل بمكيالين. لما تجلد صحف ومواقع الإنسان العربي في بقاع الأرض العربية ليل نهار وتستخف به وبخياراته وحركاته وسكناته بكل أطيافه واتجاهاته المذهبية وتصوره مسخا أم مخلوقا بربريا مسكونا بالدناءة وخسة الأفعال. لمن ولمصلحة من؟. شرحت السيدة ظروف زواج الشيخ ولكنه ليس الشيخ الأول الذي يعشق ويتزوج وان كنت من الرافضين بشدة تعدد الأزواج وقهر المرأة والزواج من صغيرة بالسن. لكن أن يسمى ما قام به بأنه فضيحة الفضائح لأنه تزوج وهي التي نشرت القصائد التي جالت بها نفسه وما أفصح عنه من لواعج قلبه فهذا أمر يدعو إلى التساؤل. لما التحديد. لما التخصيص. خذ مثلا ابرز نجوم العالم الجديد والسينما كرروا الخطأ نفسه ها هو كلينت استوود يتزوج وهو في منتصف السبعينات من صبية في عمر أسماء فلما لا يكون عمله فضيحة. وكذلك توم كروز ترك أجمل امرأة وتزوج بمن تصغره بما يزيد عن الربع قرن، وبلا خجل لم نسمع نقدا واحدا. ثم القائمة تطول ولا تقصر . هذا شرودر المستشار السابق لألمانيا تزوج خمس مرات و أخرها فتاة تصغره بما لا يقل عن الثلاثين سنة أو يزيد .
رأيت في احد الأيام برنامجا يستهجن تهافت الصغيرات الفاشلات على أحضان الأثرياء العجائز واستسهالهن الحياة وطرق العيش بالتمتع بالجاه والمال ولكن الأمر لم يكن كذلك مع الجزائرية التي ولدت في بيت رفيع النسب ومستوى معاشي مميز وتلقت تعليما عاليا يؤهلها كما عبرت كي تكون من ضمن النخبة من النساء اللواتي يقدن التغيير.
إن الحرص على أظهار زواج القرضاوي من أسماء على انه مخالف للطبيعة وانه فضيحة وعار إنما المقصود منه ضرب الرجل في شخصه لا يعني قضية المرأة بأي حال من الأحوال ولا مصالحها. حتى لو أخطأت أسماء بالموافقة ولم تستمع لنصيحة والدها الثمينة من أن الزواج سيدمرها شخصيا فهي تعكس تجربة شخصية كان من الممكن أن تنجح أو تفشل، ومن تجاربنا مهما كانت مرارتها نتعلم.

ليس للمرأة أي مصلحة في صراع المصالح . والذين يشتمون القرضاوي ليل نهار معيرين إياه بزواجه من أسماء إنما يعنيهم شخصه وليس المرأة ولا قضاياها. ما الذي قدموه للمرأة. ما الذي تحقق على أيديهم من امتيازات وانجازات للمرأة. ماذا سنوا وأين هي ملاحمهم وبطولاتهم لإخراجها من واقعها المزري. أم أن الأمر مجرد مظاهر خداعة واستغلال ثغرات شخصية للفوز في حملة انتخابية كما فعل خصوم باراك اوباما حين استغلوا صورته باللباس الأفريقي لكي يشوهوا سمعته هزموا وارتقى اوباما سدة الحكم.
قد تنطلي الخدعة على بعض النساء الساذجات اللواتي لا يقرأن ما بين السطور وان كنت اشك بأنهن بأعداد كبيرة فالمرأة الواعية بفطرتها تعرف بيت القصيد . لكنهم لن يستطيعوا أن يستحوذوا على عواطف الكثيرات المدركات للمقاصد الخفية لمثل هذه الحروب وهذه التغطيات الإعلامية. لكي لا نؤكل مثلما أكل الثور الأسود علينا أن نعي جميعا ونتصدى لمثل هذه القصص. وان نمنح الشخصية العربية بعض الاحترام وان لا نهرول لكل عرض مسرحي في طرقات الحي أملا بصولة جديدة لأبي زيد الهلالي في حياتنا. بل علينا أن نعرف بأننا بشر بخياراتنا . هفواتنا. ماضينا وإسقاطاته على الحاضر. تراثنا المتمكن في أدق تفاصيلنا نسير حياتنا وأننا عندما ندافع عن الحق والحقوق علينا في اقل تقدير أن نكون نزيهين في أهدافنا حتى نفوز أو نهزم بها بنبل وكرامة.

د. شـــذى احمد





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

-----
Share |
------