------------ --------
Share |

التصفية الروحية




التصفية الروحية

عندما تجاذبت معهن أطراف الجدال توجست خيفة ..هناك أطنان من الموروث المثقل بتركة الرفض والشجب والغضب وكل المشاعر السلبية. وهناك سوء الظن المزروع عمدا في نفوسنا لأننا نساء. كان الرجال لا تغار كان الرجال لا تحسد كان الرجال لا ينتابها الغضب من بعضها كان الرجال لا تنتابها الرغبة بالاستحواذ كأنها لا تمكر ولا تكيد كان كيدهم لا تزول منه الجبال ربما ببساطة لأنه بحجمها أو اكبر منها. كأنهم لا يظلمون لا يقهرون لا يسودون العيش ولا يدمرون ويحرقون الأخضر باليابس عندما يريدون إن كان كل هذا لا فلما لم تعرف الأرض منذ نهاية عصر الأمومة وعبادة الآلهة الأم أي طعم للسلام . ولما تتلاحق الحروب وينتشر الشر والغزو والاستعباد والرق. لما إلى يومنا هذا تبحر السفن والبارحات قاطعة مئات الآلاف من الأميال كي تغزو بلدا أخر. إن كان لا لما هناك بدع اجهزة الأمن والمخابرات والاغتيالات والتصفيات الجسدية وقوانين حظر زواج بنات هذا البلد الذي يملكون من غير أبناءه وان كان لا فلما يسترقون ويستعبدون بعضهم البعض . ولما يسرقون ويقتلون ويسبون ويدمرون.
فكرت بكل ذلك وعرفت بان وساوسي هي وضعية بمعنى هناك من حشاها في رأسي تربيةً وهي لا أساس لها من الصحة بل هي بأفضل الأحوال عبارة عن تهويل وتضخيم لحقيقتنا كبشر وردود أفعالنا إزاء الأفعال والتصرفات التي تصدر من الآخرين .

هدأت من روعي وأمسكت نفسي وقلت أما الآن وإلا فلا قلبت كما تقلب أي امرأة أخرى أدراج دولابي لأرى أي الملابس تسنحكم مظهري اليومي وأيها انزوت في أركان مظلمة قصية لا لسبب فقط لأنني اعتدت على غيرها وصارت تتفنن في إقناعي بدوامها مستغلة بلادة التطبع الذي يغلب على بني البشر ذكورا وإناث ويسيرهم.


وجدت بان علي أن أرى الكثير الذي كنت وما زلت غافلة عنه وأبرزها لغتنا وتعاطينا مع الأحداث. عشرات الوثائق والكتب بل مئات منها تتحدث عن سلبيّ التاريخ وأشرارهم والمصير المريع الذي واجهه بعضهم ولأننا مبرمجون كنا نميل وما زلنا للذي يراد لنا الميل له . النازيون كانوا أشرارا فصارت أحكامنا كلها عليهم بالمطلق سيئة ليس هم وحدهم بل كل من عمل في زمنهم حتى ألحدائقي الذي سقى الزرع. والطباخ والخباز اللحام الاسكافي المعلم أولهم لأنهم لقنوه درسا عليه أن يتلوه والشباب الذي سرق منه حماسه وعبئ برأسه أفكارا مسمومة تنص على تفوق عرقهم الآري ـ ولا احد يعرف من أين تفتقت قريحتهم عن مبدأ سمج كهذا ـ وصاروا ينظرون للآخرين كأنهم حشرات أو عبيد لهم. قلت عبيد كم تبدو الكلمة مألوفة ورددت ملايين المرات في كتب تاريخنا الناصع.
أخافتني وفرملتني كل هذه الملاحظات المبذولة بسخاء على صفحة أيامي . فقررت أن ادفعها وابحث عن جديد لم ارتديه. أن أقول مرة واحدة ما يصدر عن الأفعال من رد فعل وما علينا أن نراه من رد الفعل ذلك . اليوم نحن نعيش عصرا نازيا وان كنت أصدقكم القول ولا يتهمني احد بالمغالاة اشعر بان الدهر الذي عشناه على هذه الأرض كان كله نازيا. لما ..لأنني لم أجد يوما ما وصلت به إمبراطورية أو قوة عظمى إلى السلطة والتحكم بزمام الأمور إلا وأجبرت الجميع على قبوله . انظروا أغسطس الذي اعتنق المسيحية بالصدفة والذي يعتبره الكثير من المسيح نموذجا وهو ابعد ما يكون عن الرجل الصالح فرض الديانة على رعيته. وفي الشرق فرض الإسلام سلطانه على كل البلاد التي دخلها وسمى احتلالها له فتوحا.
التتار المغول حتى العثمانيون الذين استغلوا الإسلام شعارا لإمبراطوريتهم ثقيلة الظل فرضوا شروطهم واتبعوا سياسة التتريك رغم أن لغة القرآن عربية!. ولما أراد الغرب إزاحتها أخر الأمر بعد أن اكتملت عوامل هزيمتها فرضوا بالنار والحديد قوانينهم وعقائدهم وخياراتهم وخرجت الشعوب من حكم طويل رتيب إلى استعمار مسلح قاس ولئيم أذاقها بسبب تأخرها مر العذاب وقطع أوصالها. حتى حركات التحرر الكبيرة فرضت قوانينها بالقوة الثورة الاشتراكية حكمت البلدان التي بإمرتها بالنار والحديد وفرضت عليها طوقا أمنيا خانقا ومنعت عنها الاختلاط بالآخرين وحجرت الحريات الفردية وصارت قوانينها هي السائدة. أمريكا التي تتبجح بأنها الدولة الحلم والتي يحقق بها الفرد ذاته وكل ما يريد تعاملت مع هذه الحقيقة على الدوام بوجهين مختلفين صافحت بحرارة الجلادين والدكتاتوريات العفنة ونشرت تقارير حقوق الإنسان. دعمت الحكومات الفاسدة وأمدت المتمردين على خصومها بالسلاح والمال كما فعلت بمتمردي أفغان وكوبا . من كل هذا وذاك تبقى حقيقة الكلمة التي تحكم كل هذه الإمبراطوريات وتتحكم بنا هي في مخارج حروفنا. بعد سقوط بغداد عليك أن لا تنعت صدام إلا بالطاغية ونظامه بالمقبور . نهبت كل أثار ذلك العهد كأننا في مغارة علي بابا. ومسحت آثار حقبة من الزمن في هذه البقعة من الأرض هي حق إنساني عام مثلما هو حق عراقي خاص. إن مساطر الاختيار الجاهز للسطور والكلمات تجعل المعالجة لأي قضية عقيمة و عديمة النفع. الغرب يتصالح مع تاريخه ينبش بطون الكتب يقرأ تاريخه بتأني بلا انفعال وبلا تشنج. عندما أنتج الألمان فلم هتلر لم يستفز قرارهم أحدا من شعبهم أولا قبل الآخرين الذين ينظرون لهم دوما بعيون الرقيب المتابع لأنهم محصوا تاريخهم الحديث وأشبعوه درسا وتحليلا ودراسة ثم نشروا عنه ألاف الأفلام والوثائق ولم يتركوا شاردة وواردة عن تاريخه لم يحفظوها ويحللوها ويقدموها لكي تكون مادة للتاريخ يطلع عليها كل من يريد في هذا العالم.

أما العرب فهم عبيد السيد بدءا من الحاكم الذي يحدد حجم ونوع ومقدار المفردات ونوع التناول لأي شخصية بناءا على موقفه الشخصي منها وعبيد للاصطفاف والخيارات الفكرية والسياسية . فرجال الدين لا يتناولون ابدأ شخصية فكرية أو فنية ـمعاذ الله ـ بالخير . وعلى العلمانيين أن يتجنبوا ذكر أي محاسن للدين حتى تأثيراته الفلكلورية أو الاجتماعية أو التربوية أو حتى التعبوية التي ساهمت في تأجيج حماس الناس ضد غاز أو محتل. لا لان هذا يعني نكوصا عن مبادئ كلا الطرفين. بهذا نحن عبيد إن لم نكن ضحايا للتصفية الروحية كل يوم. ضيقة عبارتنا. ركيكة دراساتنا. عقيمة أطروحاتنا وحلولنا وننتظر من يأتي ليحاضر لنا في المناهج البحثية وطرق البحث ومدارسه التي تنبثق في بلدان العالم المتحضر والتي لا تعني بأحسن الأحوال القائمين على الأمر فينا لأنها لا تناسب بعرضها وطولها الأسمال البالية التي نملكها والتي لا نريد استبدالها .
لم تغضب ايا من صديقاتي ولم ينقطع حبل المودة بيننا بل زادنا اختلاف الرأي تقاربا رغم أنني عن نفسي شذبت أغصانا كثيرة من شجرتي بصحيح ما طرحن. وعدت أتأمل متى أنجو بنفسي من التصفية الروحية حلم قد يبدو بعيد المنال لكنني سابقي احلم بقول ما أريد قوله و لا اردد كالببغاء ما تريده السلطة التي تحكم سوق القوة أن اردده.

د. شــــذى احمد



هناك تعليق واحد:

  1. قد يكون ما نقرأه فوق السطور مغاير لما بينها،سؤالي هو....ماذا نريد؟ومن سيحدد ان كنّا على خطأ ام على صواب؟واذا كنّا ندعي الديمقراطية حسب مانكتب ونقول،فالديمقراطية تعني صوت الأغلبية! فكيف بنا وحال الأغلبية لايتوافق مع ماننشده؟!كما كانت ماتسمى اغلبية لاترى ولا تستشرف ماجرى وحصل.
    لاأخاف على روحي من التصفية ولكني حائر بكيف ان آتي الأخرين بأرواح جديدة؟
    ومن ثم،هل نحن مؤهلون لأن نصدر الأحكام؟ وبموجب اية معايير،وهل هذه المعايير متفق عليها، وهل هنالك من يضع هذه المعايير، وهل ان هذه المعايير تتغير حسب متطلبات المرحلة الزمنية؟وكثير غير مثل هذه الأسئلة،كيف نخاطب من لايفهم لغة الخطاب؟
    من هم المطالبون بأن يجلسوا ويتكلموا ويضعوا اسسا جديدة لمرحلة جديدة يقوموا بموجبها بأرساء مفاهيم ومعايير جديدة....من هؤلاء؟ أننتظر جودو جديد لينقذنا؟ وينقذنا من ماذا؟ لعل جهنم افضل من الجنة؟لا ندري...ولم يأتنا احد ممن ذهبوا ليخبرنا الحقيقة.

    تقبلي شكري وتقديري

    ردحذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

-----
Share |
------