------------ --------
Share |

صور من المعركة ـ المؤذن في فراش أمي ـ




(( عندما كنا مواطنين بدرجة مرعوب كنا نعيش زمن الحرب. يعرضون لنا على شاشات التلفاز صورا لقتلى .كانت الصور صامتة . لا تقل لنا ولا نقل عنها شيئا كنا نحدق بها وهي تحمل عنوان صور من المعركة .. كانت معركة طويلة واحدة تدور في جبهات بعيدة.تحرقنا بشظاياها، وتخطف خيرة رجالنا... مضى زمانها وانتهت . كبرنا صرنا بدرجة مذهول ولم يعد التلفاز يعرض علينا صورا صامتة لقتلى فحسب بل صارت تصاحبها كل الوسائل المساعدة من صراخ وعويل وتصريحات تعددت جبهاتها لكن غايتها ظلت واحدة تريد حياتنا. لتلقي بجثث أيامنا على قارعة العبث كل يوم )


في التاريخ كانت الأمور تنعطف دراماتيكيا في بعض الأحيان لأسباب بسيطة. كان من الممكن حلها مثلا باتصال هاتفي كما قالت لي إحدى الصديقات. أو بتسجيل فلم لكي يغني عن مجلدات تبرير.
لما أقص عليكم ذلك.لكي ابدأ بسرد قصة بطلها رجل دين فاسد ـ جنبكم الله شر الفاسدين ـ ولمن يشك بوجود رجل دين فاسد فما عليه إلا بالبحث على موقع يوتيوب وسوف يسطر لك العشرات منهم.
احدهم بطل قصتنا وهو مؤذن. حيث تبدأ القصة بولد هرول ليخبر أباه بمرارة قائلاً: أبي .. أبي لقد رأيت المؤذن في فراش أمي
لكن الأب الذي ربوه كحالنا قبل ظهور اليوتيوب على الإيمان بان كل ما يلمع ذهبا ، وكل رجال الدين أخيار ولا يمكن أن يكون احدهم فاسدا أبدا رد عليه قائلاُ: الله كريم ابني .. الله ينتقم منه.

الصورة الأولى : إحدى الفنادق الفخمة

يجلسون يحتسون المشروبات. ويتناولون الفطائر. يلتفت بعضهم بين الحين والأخر لربطة عنقه فيمد يده لإصلاحها. أو إعادتها إلى مكانها. يتحدثون عن العراق. والأحوال. ما ألت إليه الأمور.أوضاعه الاجتماعية . عدد الشركات التي راحت تعمل هناك. ولما وصل الأمر للحكام الجدد انبرى احدهم قائلا: فدوى لعينكم خلونا بعيد عن السياسة . ماذا اخذ الذين أضاعوا العمر بالسياسة. اتركوها تصفى لوحدها . لا بد وان تصفى يوم. تهز الأغلبية رأسها بالإيجاب ويتم التصويت على الموافقة بالإجماع.

مازال الصبي يعاني مرارة زيارة المؤذن لفراش أمه. ومازال الأب يواسيه بكرم الله . وانتقامه من المؤذن.

الصورة الثانية: العراقيون في الأسواق

اكتظت مدن عربية مثل عمان ودمشق. القاهرة. بيروت بأعداد غفيرة من العراقيين. سكنوا بيوتا مهدمة،وغير مؤثثة. جاعوا. حرم أطفالهم من حق الذهاب إلى المدارس الاعتيادية. بعضهم أفلس وصار يمتهن أحقر المهن .يذل نفسه من اجل قليل من المال .من يمرض من الأطفال عليه مواجهة الموت بصمت فلا يملك الوالدين تكاليف علاجه . حكام بغداد الجدد آذانهم صماء عن صراخ الأطفال وعويل الأمهات.
يلتقي احدهم ببعض أصدقائه: ما الحل
الثاني: أي حل لاحل . لا غد ولا مستقبل للعراقيين
الثالت: هل سرق العراق
الرابع: هل تعرفون الأحزاب التي تحكم
الخامس : أي أحزاب كلها فاسدة
الاول: لكن بعضها يحاول عمل شيء
الثالث: مهزلة
الاول: دعونا نتابع حزبا او جهة سياسية يمكنها عمل شيء لنا وجمع اصوات لها.
الرابع: من كل عقلك ؟.
الاول : لم لا؟
الرابع: لا شأن لنا بالسياسة . وقد لا يتركونك حيا. ويطردونك حتى من هنا.
الخامس: عمي خلينا بعيد عن السياسة.
الاول: وكيف ستنتخب ان لم تعرف الاسم المرشح.
الرابع: وهل سيتركوننا ننتخب . سرقوا المرة الماضية الصناديق ووقفوا بأبواب المراكز الانتخابية ومنعوا من لا يريدونه.
الاول: الا نغير من هذا الحال.
الرابع: عمي بأي شيء بفقرنا ،وجوعنا . بتشردنا نغير. بالأرض التي نفترشها كل ليلة.
الاول: بتشكيل مجموعات تعمل لتغيير ذلك.
الثالث: عمي من كل عقلك . السياسة لا تصاحب المشردين أمثالنا. عمي خلونا بعيد عن السياسة. ضاع كل شيء ضاع.

عاد الولد ليكرر شكواه . و أعاد عليه الأب نفس العبارة : الله كريم ابني . الله موجود. الله ينتقم منه.

الصورة الثالثة: مراكز اجتماعية

نجحوا بفخر بتأسيس مقر للجالية في إحدى الدول الأوربية. يجتمعون فيه . يقيمون الحفلات. والندوات ، المعارض. يستضيفون الشخصيات المهمة . المشهورة. تطرأ على بال احد المتحمسين فكرة إقامة حفلة خطابية للتعريف بما يجري بالعراق، وفضح التجاوزات والمفاسد هناك. يقدم اقتراحه على رئيس المقر يتردد الأخير في الموافقة يتحجج بمناقشة الطلب مع أعضاء الهيئة الإدارية. ثم ينتهي الأمر برفضه. هناك إشكالات عديدة. هناك من يسافر إلى العراق، ويخشى تعرضه للقتل والتصفية. هناك الأقارب والأصدقاء. علاوة على ذلك فالأمور ليست واضحة مع من الحق نحن لا نعيش هناك لنعرف بالضبط ما يحصل . الإعلام يضخم الصورة. ويرتزق من وراء ذلك.

رجع الولد يتطاير الشرر من عينيه إلى أبيه. يهم بقول شيء لكنه يعدل عنه ويدير ظهره راجعا من حيث أتى. في رأسه تتكرر الصور. ويسمع نفسه يصرخ بلا انقطاع.. المؤذن في فراش أمي.


الصورة الرابعة:القَبول

منذ تعارفن على بعضهن البعض في إحدى مدارس اللغة وهن يتبادلن الزيارات بانتظام. جئن من خلفيات متعددة. ومستويات ثقافية واجتماعية متباينة. يثرثرن بمواضيع تتعلق بالمأكل والمشرب. ومشاكل الأطفال. وزياراتهن وطلبات الإدارة، و... حتى يصل الأمر للعراق. حيث تدلي كل واحدة منهن بدلوها . ثم تلتفت إحداهن قائلة: تصفى تصفى .. لن تبقى الأحوال هكذا للأبد . رغم كل المشاكل ستنقشع الغيوم . وتصفو السماء. دعونا نتناول الطعام الآن.

الولد مسرعا لأبيه: أبي أبي لقد مات المؤذن
الأب يصيح بظفر: الم اقل لك يا ولدي الله كريم سوف ينتقم منه
الولد يزم شفتيه متبرما: نعم يا أبي الله كريم . لكنه لم ينتقم منه. أنا من ألقيت بالمؤذن من فوق المأذنة. وان لم افعل لكان المؤذن إلى الآن في فراش أمي.






Shatha

الخسائر البشرية في العراق خمسة أضعاف أفغانستان !




هل نزف شعب مثل شعب العراق. وهل سينتهي نزيف شعب بانتهاء خيراته نذر من سراقه وحكامه وطغاته وعصابات استحوذت عليه وعلى قراراته. هل سينتهي كل هذا بنهاية قهره وثرواته ام موعودون بالفناء على ايدي السراق والدخلاء

صور من المعركة ـ العازفتان ـ



(( عندما كنا مواطنين بدرجة مرعوب كنا نعيش زمن الحرب. يعرضون لنا على شاشات التلفاز صورا لقتلى .كانت الصور صامتة . لا تقل لنا ولا نقل عنها شيئا كنا نحدق بها وهي تحمل عنوان صور من المعركة .. كانت معركة طويلة واحدة تدور في جبهات بعيدة.تحرقنا بشظاياها، وتخطف خيرة رجالنا... مضى زمانها وانتهت . كبرنا صرنا بدرجة مذهول ولم يعد التلفاز يعرض علينا صورا صامتة لقتلى فحسب بل صارت تصاحبها كل الوسائل المساعدة من صراخ وعويل وتصريحات تعددت جبهاتها لكن غايتها ظلت واحدة تريد حياتنا. لتلقي بجثث أيامنا على قارعة العبث كل يوم ))



صورة ـ عازفة الناي ـ

فتية .تالة ملتصقة بأمها أكثر من المعتاد. بهية كزهرة ترتعش وريقاتها كلما تحرشت بها قطرات النهر الهاربة من القوارب التي تمخره. في حقيبتها ناي ونوتات لمعزوفات عديدة. عتق البعض منها، والأخر ما زال ينتظر الهرم في مشاوير التمرين الطويلة

۩ هذا مشهدي .. عظاتي ، انقراضي كيفما تشاء
بالسم ، بالحضور على صليب وردة
بالغياب مجداً
بجهل سنبلةٍ كيف المياه ،باحتساب رثائي خردلاً
بمشكاة غربتي ـ أعني ظلامي


صورة ـ عازفة البيانو ـ


ملابس عصرية. سنوات ذهبت محسومة لقرار حبس اليدين بين تواقيع لأوراق رسمية ، والعزف على البيانو. مضت الأيام .منحت لذبول عودها شهادات مرموقة علقت على لوحة وجهها ، لم ترتكب من اجلها حماقة الحب أو تنخرط في لعبة أنثى. وليخففوا عن حزن الوحدة يمنحوها بين الحين والأخر الألقاب التي تبرئ ساحتهم من ذنبها وتواسيها... فهي مشجعة لفريق رياضي ,متسوقة لأحدث الفساتين والأحذية ,متعلمة تعليما عاليا..و أول سوداء تشغل منصب متقدما في مؤسسة تعليمية وغيره. حتى وصلت لمنصب وزير خارجية لتقرير مصائرهم أولئك القابعين خلف المحيطات والبحار.

۩ أنامل الآثار ممحوة كالقبول
زقاق يرفرف و أعلام لا تؤدى



صورة ـ عازفة الناي ـ

تذهب لمدرستها كل يوم ما زال الوقت مبكرا بين بداية العام وموسم الربيع القادم. وما زالت براعمها تتحسس الأرض رويدا رويدا. وما زالت شمسها ترتفع في سماء بغداد ببطء وهدوء. لكنها مثل كل مثيلاتها موعودة بلعنة . ومبتلاة بحلولها.

۩ سنوات نحيفة تميل عنك
لئلا تساقط أسنانك اللبنية اقترف نفسك
.....
لكنها بعناد تجيب

۩ من يزج خيوله عليه احتمالي
يسعل البقاء ولا تنهض السنبلة


صورة ـ الخرائط ـ أمريكا ـ

ها هي لعبة الانتخابات تحملها إلى البيت الأبيض. هناك ما زالوا يخططون ويقررون سياسات الكثير من الدول ويضعون حدا لرتابة أيامها بإشغالها او إشعالها بالحروب. في الأفق تلوح بوادر حرب وعليهم الإعداد لها. وعليها حفظ الكثير لقوله في المحافل الدولية. تتقاسم مع صقور أم نسور... كيفما يحلو لهم تسمية أنفسهم طاولة النقاش. ثم يهيئون شيئا تقول عن يوم ذاك...
أفردنا خرائط ذلك البلد، فإذا بنا وجوه حائرة تتطلع لبعضها البعض ولا تعرف كيف ولا من أين ستبدأ

۩ ونحن من ساحة القتل
إلى جهة يابسة
..
العشب ينمو على جسد المسافة
وابن مجاعة، يتسكع فوق الغيم بلا جهة
متناسياً
أن الخرائط جيب واسع
وأن المجد غرفة حزينة وسيجارة تكاد تنكسر



صورة ـ المعزوفة ـ بغداد

تنال القنابل والغارات من المدينة الموجوعة بالأحزان ـ بغداد ـ ما تناله. في بعض أيامها تتسامى على الوجع، وكاللبوة تلتفت لجراحها علها تطببها ثم تنهض من جديد. تدخل عازفة الناي مدرستها . تستل نايها الجميل فيبتهج للمساتها، ويهيئ نفسه للإفصاح عن عشقه لها.
تتسلل ألحانها إلى خلف الجدار يمر الجنود المدججين بالسلاح و آلة الحرب ،فتهفو نفوسهم إلى مدنهم .عوائلهم. أحبائهم. لحظات السلام التي لم تعرفها نفوسهم مذ وطأة ارض العراق. وأمانهم الذي انتزعته منهم حماقات حملتهم الرعناء و أثارها.
يدخلون حيث لا يمنعهم احد . يفاجئون الجميع العزل. لم تزل واقفة. يتحمس الجنود للاستماع إلى أنغام جميلة لم تطرق أذانهم من قبل لتمنحهم بعض البهجة بهذا الجو القاتم الكئيب.

ـ اعزفي لنا بعض الألحان. طلب منها قائدهم
ـ اعتذر لا ولن اعزف لكم ردت عليه بأدب وتحدي.
ـ لماذا ؟ سألها مندهشا
ـ لأنكم محتلون . أنا لا اعزف لمن يحتل بلادي أي لحن . لو كنتم ضيوفي لعزفت لكم بكل أمتنان. لكنكم في بلادي اليوم محتلين. لن اعزف لكم.

القائد والجنود حيارى. اسقط من يدهم. وأخرستهم العازفة . أرعبهم الناي الصامت. وأخصى عربدتهم. فلا حفلة خاصة أو عامة للموت في حضرة اللحن الوفي للشواطئ والنخيل ودموع الثكلى.

۩ لغز اكتفائك نهر ولغزي جرعة
أجول حدٌ التصفيق وارتعد حتى جعلتني زجاجاً


يغادرون المكان يجرون أذيال الخيبة، ويتملكهم الحزن والجزع من إيجاد موطئ قدم في البيوت والقلوب التي جاءوها غزاة. مذهولون من جبروت إنسان لا يهزم على هذه الأرض.

۩ جناك اغترابك قبطانا نحاسياً
اتحتد كلما جهلت شمسي


هل تبحث عن المنتصر في معركة مثل هذه . لا تشبه ما لقنوه إياك أو ما كتبوه لك في سجلاتهم التي لم تراجعها للتأكد من صحتها. من المنتصر في معركة بين جنود مدججين بالسلاح وعازفة ناي. هل علموك بان الحروب تعادل كفتي الميزان . قوة فريقين والغلبة للأقوى. طيش رصاص ,أشلاء , دماء , حرائق ,خرائب, جرحى , أكوام من النفايات تختلط مع كل شيء , طرقات ملغومة بانكسارات المهزوم ووقاحات المنتصر. إن كانت الإجابة على أكثر من ثلثي الأسئلة السابقة بنعم فأنت موهوم. تعرف لما .. لأننا

۩ على شرفة الحرب
نعلق أعمارنا مثل حبل غسيل


ملاحظات:

۩ النصوص لمن سهوله في قفص للشاعر القدير وسام هاشم

عازفة الناي: فتاة عراقية استضافتها إحدى القنوات الفضائية فتمتعت بعزفها ، وأبهرتني شجاعتها وموقفها الوطني والإنساني الكبير رغم صغر سنها. لكنني غفلت عن اسمها ، فإذا ما كنت محظوظة، وقرأت المقال هي أم احد معارفها فليراسلني كي أدون اسمها.

عازفة البيانو : كما لم يخفى على احد منكم هي وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندليزا رايس.




صور من المعركة مذكرات زوجة الريس




(( عندما كنا مواطنين بدرجة مرعوب كنا نعيش زمن الحرب. يعرضون لنا على شاشات التلفاز صورا لقتلى .كانت الصور صامتة . لا تقل لنا ولا نقل عنها شيئا كنا نحدق بها وهي تحمل عنوان صور من المعركة .. كانت معركة طويلة واحدة تدور في جبهات بعيدة.تحرقنا بشظاياها، وتخطف خيرة رجالنا... مضى زمانها وانتهت . كبرنا صرنا بدرجة مذهول ولم يعد التلفاز يعرض علينا صورا صامتة لقتلى فحسب بل صارت تصاحبها كل الوسائل المساعدة من صراخ وعويل وتصريحات تعددت جبهاتها لكن غايتها ظلت واحدة تريد حياتنا. لتلقي بجثث أيامنا على قارعة العبث كل يوم ))


الصورة الأولى: الصحفية في مكان ما من العالم
بينما راحت تقلب في صفحات الأخبار اليومية كالمعتاد لفت انتباهها خبر نادر مفاده نية زوجة الرئيس العراقي السابق صدام حسين كتابة مذكراتها الشخصية. ضغطت على الرابط وانتظرت لقراءة تفاصيل الخبر

الصورة الثانية: بغداد ـ دعوة ـ
تذكرت الصحفية ذلك اليوم الذي تلقت به دعوة من دار الأزياء العراقية. بلغت بالحضور من قبل المسئول عن القسم بالجريدة وليس في الدعوة أي تفاصيل شفهية أم خطية فلم تتبين إذا ما كانت الدعوة لتكملة الحوار مع المدير العام السيدة فريال الكلدار ... لعله أمر أخر.
هل ستتحدث أخيرا ـ الكلدار ـ عما يجول بخاطرها فلقد تركت في لقائهم الأخير الكثير من العبارات مبتورة. سردت بعض المشاكل ثم عدلت بعد ذلك عن رأيها قائلة بتردد لا يسأل عن أسبابه في عراق يوم ذاك : لا لا داعي لنشر ذلك . ولم تتبعه بتحذير لان الخوف الذي لمحته بعيون الصحفية، كان كفيلا بطمأنتها من عدم ارتكابها لحماقات تحرجها.
لكن ما الذي حصل؟ . راحت الكاتبة تسأل نفسها.

الصورة الثالثة: مذكرات زوجة الريس
قرأت تفاصيل الخبر . ستستعين زوجة الريس المقيمة حاليا بقطر بصحفي فرنسي لمساعدتها على كتابة مذكراتها.



الصورة الرابعة: بغداد دار الأزياء العراقية

وصلت الصحفية يومها إلى دار الأزياء قبل الموعد المحدد . المكان كان بمنتهى الأناقة . تكاد تكون البناية من أجمل البنايات في بغداد .تقع في منطقة هادئة. تلفت انتباهك لو مررت بالشارع الطويل كأنها عروس في كامل زينتها. ومن الداخل زينت النباتات المتسلقة كل زواياها وتسلقت على الحواجز الزجاجية لتعطي مع الإضاءة الخافتة إحساسا منفردا بالارتياح والدهشة. يمكنك بحق وصفها بالأنثى إذا ما قارنتها بالمباني الأخرى بما فيها مركز صدام للفنون رغم سعي الفنانة الكبيرة ليلى العطار في إضفاء لمساتها الأنثوية عليه.

دار الأزياء كانت استثناءا مثل أزياءه لم ولن تجد له شبيها بكل عروض الأزياء سابقا ولا لاحقا. ليس تحيزا بل كانت عبقرية فريال الكلدار في التصميم تحبس الأنفاس. لا تعادلها في الإبداع والروعة امرأة أخرى سوى زها حداد في فن العمارة.


الصورة الرابعة ـ لزوجة الريس

يختتم الخبر على تأكيد نية زوجة الريس نشر مذكراتها الشخصية باللغتين العربية والفرنسية ويتوقع لها مبيعات هائلة. لاشك.

الصورة الخامسة: بغداد ـ دار الأزياء العراقية.

حيت الصحفية السكرتيرة عند دخولها المبني .بدت الثانية مشغولة. واستغربت من الأعداد الغفيرة للنسوة الحاضرات. لم تكد تسأل عن السبب حتى أتاها جواب قطعي : انتظري . سيبدأ البرنامج بعد قليل. بعد قليل امتد من الساعة الثامنة حتى العاشرة. لم يذهب وقت الصحفية سداً بل كان المكان أشبه بإحدى ساحات فينسيا في مهرجانها التنكري السنوي . نسوة من مختلف المشارب والحلل والملل. بدينات ونحيفات. يرتدين ملابس لم تعتد الصحفية على رؤيتها في الأسواق والمحلات. هن لا يشبهنها ولا يشبهن النسوة اللواتي يتبضعن في أسواق وشوارع بغداد. ثم طلب منهن الاصطفاف صفين فلبين الطلب ولم يتوقفن عن الحديث والثرثرة. من الواضح جدا إنهن صديقات . لكن لما كل هذا. و إذا ما كان هناك عرضا ما كالذي يحصل في مهرجان بابل مثلا فلما هذا التعتيم . وهذه الإجراءات المشددة.


الصورة السادسة:

في قاعة صغيرة لا تتسع لما يزيد عن الخمسين شخصا عرضت فتيات تشكيلة من الأزياء الحديثة. صاحبها صوت مقدمة يشرح برنامج دار الأزياء، في حملة أطلق عليها أسم ( كسر الحصار ) أم شيء من هذا القبيل. والغرض مساهمة دار الأزياء في إعانة الأسر العراقية التي تعاني العوز والفقر في ارتداء ملابس بأسعار معقولة، وفي نفس الوقت بتصاميم حديثة وجذابة.!!!. دار الأزياء تقود الحملة أمر مذهل. كي ترتدي البسيطات من العراقيات أزياءً تجمع بين الكلفة القليلة والتصميم المتميز. خطوة بغاية الروعة. وتفكير ينم عن إحساس بهموم المجتمع لرفع مستواه وتحدي الحصار المفروض عليه وهو مهم جدا. تنبع أهميته بارتداء المرأة لأزياء بديعة تحسدها عليه الكثير من نساء العالم رغم الحصار.

الصورة السابعة:

جلست بالصف الأمامي سيدة العراق الأولى يومذاك ـ زوجة الريس ـ والى جانبها المدير العام المصمم لكل هذه الأزياء فريال الكلدار .ولفيف من النسوة. ؛(حلوة لفيف أليس كذلك من وحي أجواء أجمل الأماكن في بغداد ).
جلست الصحفية مع باقي الصحفيات في الصف الأخير. فقالت إحداهن: لو تمكنا من اخذ تصريح صحفي لها تعني طبعا زوجة الريس. ردت الصحفية: اذهبي إليها قولي لها ذلك ؟ . فردت مفزوعة : لا عيني أخاف. لا تعرف الصحفية من أين أتت بالشجاعة فقامت من مكانها ووقفت خلف كرسي زوجة الريس انحنت إليها وهمست : سيدتي . هل يمكنك الإدلاء بحديث صحفي للجريدة. دون أن تلتفت إليها زوجة الريس ردت وهي تشير بأصبعها: لا لا أدلي بأي حديث للصحافة. رجعت الصحفية أدراجها وهي تهز رأسها للأخريات بان المحاولة باءت بالفشل.

الصورة الثامنة: أروقة وقاعات دار الأزياء العراقية

بعد انتهاء العرض صحب زوجة الريس في جولتها للاطلاع على منتوجات دار الأزياء من الألبسة التي من المفترض تخصيصها للعراقية في الحملة التي تحمل شعار مساعدة الأسر العراقية و كسر الحصار .. أو أي كلام يشبه ذلك . صحبها النسوة اللواتي دار الحديث على أنهن زوجات الوزراء و أعضاء القيادات ورجال الدولة.
حرصت الصحفية على الاقتراب بما تسمح له المسافة من زوجة الريس علها تخرج بشاردة أو واردة تنفعها في كتابة تقرير يستحق القراءة.
وفي إحدى المحاورات مع المصممة تمكنت من سماع الحوار التالي بين زوجة الريس وبينها
زوجة الريس: كم سعر هذه القطعة؟
المصممة: جعلناها بخمسين دينار ، لتتمكن المرأة البسيطة من شرائها
زوجة الريس معترضة: ماذا خمسون دينار . هذا أقل من سعر شكولاته. قليل جدا . اجعلوها أكثر . ماذا يعني خمسون؟.
المصممة:.... لا كلمة كما توقعت عزيزي القارئ سيدة كنت أم سيد.

الصور التاسعة:

ما أن غادرت زوجة الريس المبني حتى أعلن عن البيع المباشر للمعروضات .

من جديد تثبت المصممة امتيازها. فلقد صممت ملابس عصرية وليس تراثية كالتي تقدمها كل عام بمنتهى الروعة . خيالها وذوقها لا نظير له. انقضت النسوة ـ زوجات المسئولين الكبار ـ لحجز وشراء كل ما تم عرضه. وكلفت كل واحدة منهن خادمتها بحمل ما يمكنها حمله.

بعد اقل من ساعة كان المكان أشبه بحقل غزته أسراب الجراد . الدمى عارية والرفوف شبه خالية.
انتهت الحملة لصالح المرأة المحرومة على أفضل وجه، واستثمرت من قبل عراقيات خير استثمار وأتت أوكلها.

الصورة العاشرة: الصحفية في مكان ما من العالم

تحدق في صورة زوجة الريس المنشورة وفستانها الأنيق جدا. مؤكد هو من تصميم دار الأزياء. تدفقت كل تلك الصور أمامها وفكرت... بماذا ستتحفنا زوجة الريس. لا نريد سماع قصصا عن غرامياته وان كانت من أحب المواضيع لتخدير الناس أو لتسليتهم. لا نرغب كثيرا في معرفة كيف كان يأكل ويشرب وينام ويجلس الريس نحن نعرف أكثر منها. فلو كان عمر احدنا أربعين سنة فاخصم منها النصف استحصلها سيادته ضريبة إجبارية دفعها الواحد منا، وهو يتطلع إلى ابتسامة سيادته وبدلات سيادته. وأحاديث سيادته. وعربات سيادته الرئاسية في أعياد ميلاده الميمون. وفي زيارات سيادته التفقدية اليومية لبيوتنا ونعرف والكلام لزوجة الريس كي تحرص على اختيار الأفضل لجعل المذكرات مشوقة. نعرف كيف كان يتمدد سيادته وكيف كان يشعل السيكار وما زلنا نحفظ عن ظهر قلب أغان تمجد سيادته وما زلنا نرددها كلما أردنا.. ربما نكاية بما ضاع ويضيع منا...
بيت بيت زار الشعب بيت بيت بيت
لا بين بوجه التعب بيت بيت بيت

لذا عليك سيدتي زوجة الريس البحث بعناية عما تريدين إخبارنا به . فالكثير تولاه نيابة عنك الوشاة والخدم الذين كانوا يملئون قصوركم، وحصة الأسد في أسرار الريس رواها لنا بنفسه بطريقته الخاصة.

وعذرا سيدتي ألف عذر .. لا تغامري بذكر بطولات لك ومواقف وطنية لان دار الأزياء تؤكد بأنك لم تعرفينها يوما ما . أنت الثرية التي ولدت وفي فمها ملعقة من ذهب. فلم تكن لك نشاطات واهتمامات بالشعب ومعاناته، ولم تدخل السياسة في دائرة اهتماماتك يوما ما، ذلك أفضل و إلا كانوا وضعوا صورتك مع صور الآخرين في قائمة المطلوبين . ربما يتوجب عليك شكر الريس في مذكراتك لصنيعه معك و إبعادك عن دائرة حكمه. وما زلنا ننتظر بلهفة وشوق ما الجديد الذي ستخبريننا عنه ، وتراهنين بأننا لم نعرفه.
ثم وهو الأهم ما الذي ستأتي به مذكراتك المزمع نشرها من نتائج ايجابية تساهم في فك الحصار عن العراقيين والعراقيات خاصة. الحصار المتعدد الأوجه والأشكال الذي يعانون منه قبل وبعد سقوط بغداد. هل اعدد لك بعضا منه... حصار كرامة مهدورة. حصار تشرد وتهجير . حصار نزع السيادة. حصار الاحتلال . حصار التمزق. حصار القتل والاغتيال. حصار البطالة. حصار نقص الخدمات.حصار اليتم . حصار الترمل. حصار الجوع . حصار المستقبل المجهول. والذي كان لسيادته ـ بطل المذكرات ـ نصيب فيه بسبب سياسته وخططه الحربية الفاشلة. وهل ستكفي عائدات البيع لكسر طوق الحصار عن العراقيات أم ستبقى فوائده للساكنات بالمنطقة الخضراء من نساء المسئولين الجدد، وهن يمرحن اليوم بقصوركم الفاخرة.
يؤسفنا بأننا سوف لن نتلقى الرد عن كل هذه الأسئلة.


صور من المعركة ـ بين ضفتي جدة ـ




صور من المعركة

بين ضفتي جدة...

(( عندما كنا مواطنين بدرجة مرعوب كنا نعيش زمن الحرب. يعرضون لنا على شاشات التلفاز صورا لقتلى .كانت الصور صامتة . لا تقل لنا ولا نقل عنها شيئا كنا نحدق بها وهي تحمل عنوان صور من المعركة .. كانت معركة طويلة واحدة تدور في جبهات بعيدة.تحرقنا بشظاياها، وتخطف خيرة رجالنا... مضى زمانها وانتهت . كبرنا صرنا بدرجة مذهول ولم يعد التلفاز يعرض علينا صورا صامتة لقتلى فحسب بل صارت تصاحبها كل الوسائل المساعدة من صراخ وعويل وتصريحات تعددت جبهاتها لكن غايتها ظلت واحدة تريد حياتنا. لتلقي بجثث أيامنا على قارعة العبث كل يوم ))

وتكتمل فيك يا سيدة النهرين دورة الحياة . كما دورة القمر. فلنصفك الأول.. الما.. آه ،ولنصفك الثاني ...جدة.. وجع يفلق الحجر .

أيتها الماجدة التي منحت للحزن والصبر والجلد أمجادا تكفيها ابد الدهر. مر بك الكثير ويمر. ثم تشد لمأساتك الرحال وتخط المجلدات قصصك بلا كلل ولا ملل.

ـ مثل هذه ـ

اصطحب فريق عمله، وسافر إلى بلد عربي يخطب فيه مثل كل البلاد العربية الأخرى السياسي والمفكر ورجل الدين من الصباح حتى غروب الشمس عن الشرف العربي والنخوة. وصون المرأة .قيمتها .كنوزها وجواهرها.... وبعد انقضاء الدوام الرسمي للشمس يغلقون أبواب مروءتهم، ويتقاسمون جوع وعوز بعضهن بشهية وحماسة لا تضاهيها ألا خطبهم



الصورة الأولى

يسيران في احد الأزقة خيم السكون والظلام على الطريق. وتعمدت الكاميرا تعتيم المكان كي لا تبدو ملامح المتحدثة كان الموضوع الذي تعده القناة الأجنبية يتناول نتائج الحرب على المجتمع العراقي وانزلاق بعض بناته للعمل كفتيات ليل. سردت القليل من كثير أرادت الاحتفاظ به. واختفت من صوتها أي دلالة.كأنه استنفذ كل مشاوير الرجاء والتأمل والاستعطاف وحتى سخرية النخوة التي لم يصادفها في طريقه كان طريقه ملغوم فانتهى لحمل أنقاضه على أوتار تهرأت من الصمت ألقسري
°كانت لنا فيها ، إذا غنى المغنّي ، ذكريات
غرقت جزيرتنا وما عاد الغناء
إلا بكاءْ
...
أكذا نموت بهذه الأرض الخراب ؟
ويجفّ قنديلُ الطفولةِ في التراب ؟
أهكذا شمس النهار
تخبو وليس بموقد الفقراءِ نارْ ؟

الصورة الثانية

أحداهن في مكان ما من العالم ، تقلب في الخضرة وتنفض عن قميصها ما علق به. تواصل الحديث مع صاحبتها و بغتة كمن لمعت في ذهنه فكرة ما قالت لها ..أتعرفين يقولون بان هناك عر... يصنعن العجب في .... تطلعت لها الأخرى بدهشة حقيقية وتساءلت في نفسها... هل يعقل أن تبلغ بالناس الضعة هذا الحد. ويصب المرء جام غضبه على المذبوح لسوء استخدامه سكين قاتله؟. ماذا لو لم تكن هي هناك في بلد يحفظ لها كرامتها .ماذا لو كانت بلا زوج ولا ولد ولا سقف ولا مأوى؟.
ماذا لو لفظتها المدن وعزت عليها الخيارات ، وتقاذفتها المحن؟ . لما تكابر بعض النساء ولا تقوى سواعدهن ألا على جلد نساء مثلهن.
°أهكذا تمضي السنون ؟
ونحنُ مِنْ مَنْفَى إلى مَنْفَى ومن بابٍ لبابْ
نَذْوِي كَمَا تَذْوِي الزَّنَابِقُ في التُّرَابْ
فُقَرَاء ، يا قَمَرِي ، نَمُوت
وقطارُنا أبداً يَفُوت

الصورة الثالثة
يسألها مراسل القناة الأجنبية. هل أنت متعلمة . أين وصلتي بتحصيلك العلمي . وهل جربت العمل بشهادتك؟. ترد عليه بلوعة: أنا خريجة كلية الإدارة والاقتصاد، وعملت في العراق سنوات حاولت جاهدة إيجاد عمل لي هنا لكن بلا فائدة . لا مكان قبل بي. و أوصدت كل الأبواب بوجهي كما أوصدت أبواب بلدي من قبل.
° مُدُنٌ بلا فجرٍ يُغطّيها الجليد
هجرتْ كنائسَهَا عصافيرُ الربيعْ
فَلِمَنْ تُغَنِّي ؟ والمقاهي أوصدتْ أبوابَهَا
وَلِمَنْ تُصَلِّي ؟ أيها القلبُ الصَّدِيع
والليلُ ماتْ
الصورة الرابعة
وفود من المنظمات الإنسانية. وكبار نجوم السينما والفن تزور اللاجئين العراقيين ، وتطلع على أوضاعهم. تستمع لكلمات السخط من بعض العائدين من تلك اللقاءات لعدم تمكنهم من التكلم مع احدهم ، وبريق أمل وفرحة لا تصدق في عيون البعض الأخر. تمر الشهور والسنوات ولا الجزع ولا الفرح يحصدون الذي حصدته كاميرات الإعلام من تلك الزيارات شيئا. يبقون معذبين، وتنظم ببؤسهم ومعاناتهم جداول لزيارات قادمة لنجوم سوف يضيفون لسجلهم المهني صورا من تلك الزيارات وهذه في أماكن متفرقة من العالم ومنها زياراتهم للاجئين العراق المحرومين والفقراء . والذين لا يجدون ثمن رغيف خبز أو بساط يتمددون عليه فوق بحار النفط التي يستخرجها نيابة عنهم الأوغاد وينهبوها.
¤ للحزن نافذةٌ، في القلب، سيدتي
وللمساءات.. أشعارٌ ومصباحُ
معتّقٌ خمر أحزاني.... أيشربهُ
قلبي، وفي كل جرح منه أقداحُ
تسافر الريحُ ، ويلي، في ضفائرها
ومن يطارد ريحاً كيف يرتاحُ

الصورة الخامسة
يسألها مسترسلا: هل فكرتي باللجوء وطرقتي أبوابه. الظلام لا يبين لك ولنا انفعالاتها ولا ردود الفعل من تلقيها لهذا السؤال. لكنها قالت ما لا يملك الليل على إخفاءه قالت برأسها عدة مرات لا أمل لا فائدة . تابع : هل لك أسرة ؟. أجابت: أمي وأختي الصغرى. بفضول مهني لمنح التحقيق مزيد من الإثارة: هل ستسمحين لأختك لتسلك نفس الطريق ؟. حيث لا يخطر على البال تصيح : لن اقبل . سأقتلها قبل إذا أرادت ذلك
*.. نساء يعدن الينا هبات الطبيعة ـ تاريخنا كان تاريخها ـ كان للوقت وقت لنولد فيها ونرجع منها اليها
الصورة السادسة
بعضهم يتسامر ويقترح البلد القادم للاستجمام، في أوربا الحياة ليست مريحة وممتعة فحسب بل ومثيرة. هناك تسهيلات دائمة للرحلات لسياحية. بلا مشاكل خروج ودخول. اقترح احدهم : دعونا نذهب لأحد البلاد العربية. رد الثاني: أي والله يا جماعة منذ زمن لم نذهب . هتف الثالث مبتهجا: يقال انه في ... هناك النساء رائعات الم تروا الأشرطة التي يسيل لها اللعاب على اليوتيوب . على الأقل تحكي لغتك وتفهمها وتفهمك .. يا أخي مليت من النساء اللواتي لا يعرفن حرفا واحد مما أقوله لهن في لحظات الحب وانفجر الباقون بالضحك.. سيشد العزم المهاجر عائدا لها لكن فقط لكي يحدثها ويغازل قهرها بالفراش ويا سعدها بلغتها
* ونحن نودع نيراننا، لا نرد التحية ... لا تكتبوا
علينا وصايا الإله الجديد، إله الحديد، ولا تطلبوا
معاهدة للسلام مع الميتين، فلم يبق منهم أحد
يبشركم بالسلام مع النفس والآخرين
الصورة السابعة
يحاول بعد تلك الجولة الملغومة بالشوك والشجون البحث عن سؤال يطيب به عن خاطر محدثته ويخفف من ثقل حضوره ، والألم الذي سببه لها...هل تتواصلين مع الأصدقاء . هل هنا بعض من أصدقائك القدامى . أم استبدلتهم بجدد. هل تلتقون وما هي الأحاديث التي تدور بينكم؟. كأنه سمع زفرة ... كان لي أصدقاء و أصحاب في الجامعة ثم العمل وكانت بيننا علاقات طيبة. هنا تبخر كل ذلك . انقلبت حياتي وصار الليل نهاري. ولم يعد لي ما أقصه أو اسمعه من احد. أتحاشى جاراتي كي لا يتمادين بالسؤال عن عملي ويفتضح أمري. ضاع الصحاب كما ضاع الوطن.
¤ وكيف أرى الصحبَ
مَنْ غُيّبوا في الزنازين
أو كرّشوا في الموازين
أو سُلّموا للترابْ
انها محنةٌ - بعد عشرين -
أنْ تبصرَ الجسرَ غيرَ الذي قد عبرتَ
السماواتِ غيرَ السماواتِ
والناسَ مسكونةً بالغيابْ


وتبقى رحلتها واحدة من الرحلات غير المسلية ،لا تشبه نصوص الأغاني الخفيفة و إيقاعها السريع، رحلة سيدة تصنع من انكسارها درعا تحمي به أخرى كي تبرر لنفسها أحقيتها بالحياة ، ولتوفر لأختها الأمان بعدما ضنت الدنيا عليها به. ماذا عن الذين أضاعوها، واستمتعوا بحرق عودها بعدما منعوا عليها المساندة والمساعدة. هل لحياتهم ما يبررها أم هم هنا فقط ليستمتعوا بالحرائق التي يشعلونها في كل مكان.


ملاحظة: النصوص حسب ورودهم بالنص لكل من الشعراء
° الشاعر الكبير عبد الوهاب البياتي
¤ الشاعر الكبير عدنان الصائغ
* الشاعر الكبير محمود درويش


 صور من المعركة ـ الما ـ : الحوار

لقراءة السلسلة المنشورة من صور من المعركة

صور من المعركة ـ الما ـ : صحافتنا


-----
Share |
------