------------ --------
Share |

ايات شيطانية وشيفرة دافتشي

سلمان رشدي
 
و
دان براون

Dan Brown and Blythe Brown - Cannes - 'The Da Vinci Code' World Premiere & Opening Gala


بعضهم يشتري الشهرة .. وبعضهم تشتريه. ميخائيل نعيمة
تتفق مقولة الأديب هذه على اثنين من مشاهير الأدب اشتركا عن غير قصد واتفاق مسبق ببعض الصفات التي جعلت من روايتيه لهما مثار اهتمام الناس عامة ،وتناولتها اقلام المتخصصين بعناية اكبر. واثارت حفيظة رجال الدين ورجال السياسة وصناع القرار على السواء.
العمل الادبي الاول صدر عام 1988 للكاتب العالمي سلمان رشدي بعنوان ايات شيطانية . العنوان المستمد عن آيات قرآنية محذوفة منه بعنوان الغرانيق. ذاع صيت الاديب الانكليزي الجنسية الهندي الاصل في كل مكان بعدما قدمت له المصالح السياسية والصراعات الدينية في بعض مناطق العالم الاسلامي دعاية قلما حلم بها أديب. منها إهدار دمه على يد الخميني في ايران . ومساومة على بناء مسجد في الهند. ومنع اقامة مؤتمر في افريقيا . وأقلام مجدت روايته بكل ما يخفز القارئ لقرائتها ذما وتقريضا مرفقة في احيان كثيرة بعبارة لم اقرأ الرواية ولا اريد قرائتها !!. الرواية تتناول الإسلام ونبيه ونسائه ونصوصه،وتقدم رأيها في الكثير مما يعتبره أتباع الديانة مقدس ولكنها تنأى بنفسها من اعتبارها عملا دينيا أو هكذا يقدمها المدافعون عن الرواية.
العمل الأدبي الثاني شفرة دافنشي للكاتب الأمريكي دان براون 2004فيها يسرد بأسلوب المغامرات البوليسية رحلة عالم تلقى دعوة من باريس اجبر على القيام بمغامرات عديدة لم تكن في حسبانه وهو القادم لإلقاء محاضرة بالرموز وألغازها .الرواية تعرضت للمسيحية بالصميم وادعت زواج المسيح من ماريا حيث رحل عن العالم تاركا إياه حاملا متحدية إيمان إتباعه بإلوهيته وترفعه عن الغرائز وكونه أتى للعالم لهدف وغاية واحدة وهي خلاص الإنسان وتناول إلى جانب ذلك العصبية الدينية التي تمارسها بعض الطوائف . اغضب بروان الفاتيكان كثيرا وأصدرت بيانا نصحت به رعاياها بعدم قراءة الرواية والترويج لها.
ولكي امضي بالحديث عن العملين أقول أولا
أدين بكل ما يملكه الإنسان البسيط مثلي من إمكانيات كل أعمال الإجرام والقتل والتصفية التي تمارس ضد أي مفكر وكاتب واذكر من يقرأ هذا بمصير عالم يقتل مبدعيه وكتابه ومفكريه الحالك السواد.
ثانيا قرأت الروايتين
لذا فلن أقف بصف صناع دعاية الكاتب سلمان رشدي بغضبهم المتصنع وعباراتهم الرنانة. ولا ارغب الانضمام لفريق صادق جلال العظم الذي تناوله بالعرض والتحليل مادحا إياه باسهاب وهو يسرد المقارنات والمصادر التي اعتمدها سلمان في كتابة الرواية لتنتهي كقارئ بالسؤال كيف استطاعت كولاجات سلمان آن تنال كل هذه الشهرة وهو لم يكلف نفسه عناء الإبداع الحقيقي بل ترجمه أعمال أخر أو كما يعرف بلغة السينما العربية مصرنة الأفلام بأخذها مثلما هي بعلاتها ليقدمها الممثلون باللهجة المصرية وتغير الأسماء بأسماء عربية لكي يصبح فلما عربيا وهنا اصبحت رواية إسلامية .
هكذا فعل سلمان رشدي في العديد من ركائز روايته حين تعامل مع نتاج أدباء سبقوه ،ثم أسلمتها ودفعها لنا عملا شاء القدر أن يجعل منه اسما على كل لسان. وللأمانة كان قد بدأ بتحقيق نجاحات مهمة قبل صدور الرواية بأطفال منتصف الليل والعار ولكنهما لم يصنعان منه سلمان رشدي الذي يعرفه القاصي والداني هذا اليوم . وحياته المهددة بسبب التطرف والغوغاء الإسلامي صارت بمصاف حياة أهم رؤساء الدول والملوك.
الى يومنا هذا ينسحب سلمان من بعض الفعاليات بسبب تعرضه لتهديد بالقتل من قبل جماعات متطرفة. كما ورد أخيرا ذلك في البي بي سي وانسحابه من مهرجان جابيور في الهند خوفا على حياته.
لكن السؤال الذي ظل يراودني سنوات بينما أقارن بين العملين اللذين تناول كل منهما صميم الديانة التي انتمى إليها كاتبيها. سؤالي هو ما نصيب المرأة فيهما. المرأة التي تعمل في كل الإعمال الأدبية والفكرية الا باستثناءات قليلة عمل العامل المساعد في المعادلات الكيميائية تسرع في نجاح وشهرة ووصول هذا لمبتغاه وتلك الجماعة لغايتها ،لتبقى هي بالتالي لا نصيب لها من كل الحقول التي حرثت باسمها .
الطريف موقف المسلمين من شيفرة دافنشي المؤيد والمحتفل ولا شك لغاية في نفس يعقوب ، لكن هل أراد براون فقط التعرض لشخص المسيح والكتابة عنه كانسان . أم كانت له رسائل كثيرة أخر.
مايعنيني في المقارنة هنا نقطة واحدة حسبما يسمح به وقت وطبيعة مقال عام. تلك التي تتعلق بالمرأة
سلمان رشدي لم يتناول المرأة تناولا إنسانيا حالما ومنصفا ومساندا ومهموما بمعاناتها. بل استفز كل تاريخها ،وأهدر كفاحها عندما حجمها بالحجاب(الماخور) و أطلق على نساء ماحوند بالعمل لقب عاهرات وبأسماء يعرفها جميع أتباع الديانة الإسلامية . فبماذا أفاد اقتباسه وتحذلقه وأسلمته لعمل ـ رابيليه ـ المسيحي الذي أحال احد الأديرة انتقاما في روايته الى ماخور اسماه انتي مقتصا من الرهبنة والتبتل في جعل المكان مشاعا للجميع وعنوانه افعل ما تشاء.. هل فجر سلمان رشدي بداخل المرأة المسلمة الثورة مثلا أم بث فيها روح التمرد... إما كان الاجدر به البحث في حياة نسوة وجدن أنفسهن مجبرات على العيش في كنف رجل يملك سلطة السماء والأرض. لكل منهن حياة مختلفة عن الاخرى. ليجبرن بعد موته على البقاء وحيدات محنطات بلقب انهي طموح وحلم أيا منهن بمجرد التفكير للاقتران برجل أخر فهن أمهات المؤمنين وسوف يلحقن بزوجهن الأعلى قدرا بين البشر ولا يحق لأحد لمسهن من بعده وهناك حديث صحيح بان المرأة تلحق بأخر أزواجها لثبات صحة هذه القصة. حتى الصبية التي لم تبلغ الثامنة عشر. صارت أما للمؤمنين بمن فيهم الكهول والشيوخ والشباب على حد سواء. هل تناول سلمان أيا من أوجاعهن وإرهاصاتهن أم التفت إليها . لا لأن المرأة ببساطة لا تدخل ضمن حسابات الكتاب كهم أساسي خصوصا عندما يكونون في معارك كتلك التي يخوضها سلمان مع معتقده ورغبته في هدم المعبد بمن فيه.
استعار ببساطة سلمان رشدي فكرة رابيليه وثورته على حياة الأديرة والرهبنة ليكررها بلا عناء حقيقي ويلصقها بلا مسوغ بروايته .. فبماذا أفاد المرأة وماذا قدم لها؟. حق لي السؤال أريد أن اعرف هل رغب بتحريك ساكن في نفسي.. وأي ساكن هذا. لقد أشعرني سلمان بالخيبة كامراة أولا لأنني ببساطة لم أكن في دائرة اهتمامه. ثانيا لأنه أساء كثيرا للآخرين وهم يحاولون النهوض بالمغيبين ويتناولون حياة نساء النبي محمد مستعرضين إياها بالكثير من الإنصاف والموضوعية والاحترام.
رغم كل خلافات المناهضين للإسلام وكارهيه لا احد منهم يستطيع النيل من خديجة واتهامها بسوء الاخلاق لأنها امرأة عاشت وفق شروط عصرها باحترام ولها مكانة. كذلك أم سلمى التي رفضت بأدب واحترام طلب النبي محمد للزواج ولكنه أصر على زواجها فوافقت حيث لا خيار آخر أمامها.ثم زوجة ابنه بالتبني ومحنتها بين رفضها الزواج من ربيبه وعودته لطلبها. والسبايا منهن وظروفهن جويرية صفيه . وماريا ورحلتها مع العبودية من مصر الى مكة . وسؤدة وإحزانها بالهجر وحفظها لماء وجهها بالتنازل عن حقها. خلف كل واحدة من هؤلاء النسوة قصة تستحق إعادة النظر. وهن نساء يستحقن منا الكثير من الإنصاف وان لا نكون كالغوغاء في إطلاق الأحكام الكيدية أو ذم وشتم وسب من نريد النيل منه.
في كتابه ذهنية التحريم حاول صادق جلال العظم تناول رواية آيات شيطانية بالكثير والكثير من الجهد معتبرا إياها من الإعمال الأدبية الخالدة وقارنها بروائع الكتب التي استقى منها سليمان مادته الخام قبل الكتابة مدعيا بان همه الإنساني ورغبته الواعية بتغيير أحوال المسلمين هي ما دفعته لكتابة روايته آيات شيطانية. وتساءلت وأين المرأة من كل هذا ليس بنكتة الحجاب وأسماء عاهرات روايته. ما هكذا تورد الإبل. لكن قد لا يلام سلمان على ذلك فهو مثل كل مسلم ينشأ معتبرا المرأة اقل منه ، حتى إذا ما كبر وتمرد وتبنى أفكارا وقيما مختلفة تكرم عليها بتغيير بعض أرائه وفي داخله يبقى ذلك السيد الملتبس بين المنشأ وامتيازات العقيدة وبين حقوق عليه مشاركتها مع المرأة.
لم يعاني دان براون من هذا بل على العكس نشأته في بيت عالم رياضيات وأم متعلمة ثم زوجة عالمة تاريخ جعل منه إنسان متسامح مع نفسه ومع المرأة فتجد المرأة في قصصه تنبؤا مراكز مرموقة. تتمتع بذكاء حاد لها حضور كبير. وفي شيفرة دافنشي قاتل من اجلها كل مسلمات المسيحية التي نشأ عليها ليجعل منها شريكة ووريثة للمسيح. وفي الوقت الذي يتركك سلمان رشدي تشعرين بالامتعاض من تناوله المرأة بهذه الطريقة الفجة التي لم يعترض عليها احد يا للعجب بل اعترضوا على الأسماء إي الثورة كانت ضد المساس بأملاك محرمة وليس الأملاك نفسها كأنها قطع جامدة غير متحركة لا شان لها ولا قيمة بل قيمتها من قيمة مالكها. وهذا لعمري أمر محزن بل مخزي لمن يدعي احترام المرأة وفهم قيم العدالة والإنسانية.
في ذروة امتعاضك من تجاوز سلمان على قيم المرأة مهما ادعى المدافعين عنه من أحقيته في تناول إي موضوع وأي حادثة لخدمة أدبه تماما مثلما يفعل المتعصبون الدعاة على النقيض عندما تكون مادتهم ليل نهار المرأة والمحرمات عليها. ما الفرق هنا استخفاف واحتقار لها وتدنيسها وهناك قهرها وتأكيد قيم عبوديتها
على الجانب الأخر تناول دان براون المرأة بمزيد من التقدير والقدسية وإذا ما فرغت من قراءة أخر سطر تقول بينك وبين نفسك حتى لو هناك احتمال بقدر او بأخر لمثل هذا فان الرواية لم تتناول المسيح بسوء وان بدا الرأي غير مقبول عند أتباع الديانة المسيحية .. لكن الرواية لم تمسه بسوء بل على العكس كما علق احد المؤرخين تجعله اقرب الى القلب حيث تضفي عليه قصة الحب مزيدا من الرومانسية الحالمة . وبهذا لم يسئ براون للمسيح رغم انه عاد لينصف المرأة ويرفع عنها حيف المكيدة التي دبرت لها على طول التاريخ بجعلها عاهرة، ويعطيها نصيبا من اهتمامه ومكانة رفيعة تستحقها.
بقي القول أن دان براون لا يتواني في كل مناسبة وهو الكاتب الشاب الباسم المفعم بالحيوية والنشاط لا يتوانى بإغداق الألقاب على زوجته واصفا إياها بأنها أجمل واذكي امرأة بالعالم وهي.... بينما وصفت الصحف سلمان رشدي الذي تعثر بزيجاته الثلاث ولم يستطع البقاء معهن . رغم زواجه من عارضة أزياء جميلة تصغره ب 28سنة والذي أطلقت بسببها عليهما الصحافة لقب الحسناء والوحش للبعد الشاسع بينهما. ترى هل لتراكم الذكريات المرة والإحساس بالغربة بين الهند وباكستان وانكلترا. والإحساس الدائم بالقهر والتربية التي يتلقاها مسلمي الهند والمعاملة السيئة لهم من قبل الآخرين باعتبارهم من الأقليات كل هذه من الأسباب التي جعلت من سلمان رشدي الهندي المنطوي يتعثر بعلاقاته مع المرأة ويكون نصيب المرأة بكتاباته للأسف اقل بكثير من نصيبها بكتابات دان براون . سؤال يعنيني كامرأة أكثر من عنايتي لمن الغلبة في الصراخ والتنديد بأدبه وكتاباته . لأنني بالحقوقي.أمراة خارج حسابات المتصارعين. باحثة عن حقوقي ..كما قال طاغور ثقيلة هي قيودي ..والحرية كل مناي، وأشعر بالخجل وأنا أحبو إليها.




كتابة : شذى احمد


 
-----
Share |
------