------------ --------
Share |

سميرة







سميرة ابراهيم المصرية الثائرة






شذى احمد


2012 / 1 / 31


لكل الثائرين نصيب من التضحيات عندما يقررون الخروج عن السائد وينذرون أنفسهم للتغيير والثورة. النساء يقدمن في بعض الأحيان تضحيات مضاعفة بسبب طبيعتهن وطبيعة المجتمعات التي يحيين فيها. فمازالت للأسف الشديد المجتمعات الشرقية تتعامل معهن وفق أحكام ومقاييس الجنس وما أطروه بها من اطر بالية الغاية منها قهر إرادتها وإنسانيتها وتحجيم مشاركتها بالحياة ومنعها من التمرد على واقعها المرير.
الثورة المصرية واحدة من تلك الشواهد الشاخصة فبعد مضي عدة أشهر على قيامها استلم زمام الأمور بالبلاد أناس لم يكن لهم بأقل تقدير الفضل في تفجيرها مع هذا راحوا يضعون قوانينهم وشروطهم على الشارع والشعب. من ضمن الحوادث المخجلة التي أفرزتها تلك السلوكيات ما عرف بكشف العذرية وهو إجراء غاية في القسوة والفجاجة استعمل ضد الفتيات الثائرات المطالبات بإعادة الثورة المصرية إلى مسارها الصحيح. وكان الغاية منه هو كبح جماح الثورة النسوية وثانيا تخويف المرأة وإرجاعها إلى البيت منكسرة خائفة من مصير يشابه ذاك الذي مورس بحق صاحبتها او حتى بحقها علها لا تجبر عليه مرة أخرى.
والاهم هو ذلك الإفراز الحي لعقلية من شرعه تؤكد العقلية البدائية الذكورية التي لا تليق أبدا بمجتمع متحضر يخطو بثبات في الألفية الثالثة ويريد النهضة والرقي.
تعرضت المصريات إلى الصعق بالكهرباء والى وحشية وفظاظة لا مثيل لها في إجراء فحص جائر لا تقره الأخلاق والأعراف والقيم . والهدف منه تسقيط كل من تحتج ونعتها بنعوت مخزية منها عابث وفاسق وما يلحق بها من مسميات مقيتة وفرض القيود على الحريات.
واحدة قالت لا سميرة تلك الفتاة التي جاءت من أقصى الصعيد فلاحة تعرف تماما ما يعني الشرف وتعرف الأخلاق والسلوك القويم هي لا أولئك الذين اقروا ذاك الإجراء البائس . خرجت تشرح الضيم والإهانة التي لحقت بها وهي تتعرض لهذا الفحص الدنيء النوايا والتفاصيل. وقالت بأعلى صوتها: لو لم أكن بنتا غير متزوجة للفقوا لي قضية دعارة.
الشرف والقيم والأخلاق كلها كفيلة بفحص لا يمكنه أبدا ان يثبت حقيقة ولأسباب يعجز مقال عن شرحها. فالبكارة ليست دمية في رف كل فتاة محددة القسمات والصفات كلما أريد فحص مكانها هرع إليه .بل له اختلافاته وأنواعه وأشكاله ، وقد لا يكون موجود أصلا او تمزق يوما ما بحادث ما دون علم الفتاة نفسها بالأمر.
الطب والعلم يقران هذه الحقيقة وبالشروحات والشواهد الحية . هذا الموضوع الذي يشكل احد عقد الشرق العربي ومقياس للشرف فيه . لكن ما دخل العذرية وكشفها بفتاة خرجت تطالب بالتغيير. ما علاقة الكشف بأناس يريدون الاستحواذ على السلطة وتجير ارادة شعب، فتخرج شابات البلد وشبانها مطالبين برجوع ثورتهم إلى مسارها الصحيح. لما هذا هو ديدن الشرق. تحدثه عن معلومة في التاريخ يحيلك إلى تاريخك الشخصي. تقول له قرأت في الكتاب الفلاني ذاك الأمر فيقول لك اما أنت وأنت .. لما حدود الشخص دوما هي الحكم كلما وجد الباغي نفسه محاصر. والظالم على وشك السقوط . والكاذب على باب افتضاح امره. والدعي على باب كشف كل أوراقه.
يعيد الأمر هذا المرء إلى مهزلة استضافة احد القنوات الدينية للعلامة القمني وكيف راح المضيف ينهش بلحمه وكلما أراد القمني العودة لصلب الموضوع قيل له : يا راجل ده أنت و أنت .. اسكت الم يظهر لنا. من اين لك الحديث بهذا .. من أنت لتتحدث بهذا.
لا يحق للناس التفكير. لا يحق للمرأة التظاهر الا في مسيرات تعضيدية لأولي الأمر والا فان فحص العذرية ينتظرها.ولا يحق لها وللرجل المفكر طرق باب العلم والبحث والتمحيص بما يفرض عليه من عقيدة ودين لان واجبه يقضي ببقائه متلقي فحسب.
ولولا إرادة وقوة صلابة البعض لظل الوضع على ما هو عليه لعشرات السنوات القادمة. ولولا كون سميرة فلاحة مصرية باسلة تربت على قيم الصدق والإباء. وممتلئة بكل عنفوان الفلاح المصري ونزاهته . والاهم اعتداده وثقته بنفسه ورضعت الاعتزاز بكرامتها. لظل فحص العذرية ساري المفعول يذل المصريات الأبيات ويحط من مكانتهن وكرامتهن.
الثورات بكل تضحياتها تبقى قاصرة عن إحداث التغييرات الجسام لأننا باختصار ننسى ان أنظمة قمعية عديدة تسكننا ومنذ قرون لا نريد لمسها، فأجهزتها القمعية شرسة . وان لم نثر عليها تبقى تنفرد في حكمنا بدكتاتورية العن من تلك التي اعتقدت بعض الشعوب العربية بانها أزاحتها عن السلطة.





 
-----
Share |
------