يذهب بعض العلمانيين مباشرة الى جوهر المشاكل التي تعاني منها المرأة المسلمة التي تشرع وتنص من اجلها القوانين يذهب هؤلاء الى مسألة غاية في الأهمية وهي حرية المرأة الجنسية.هذا اللغم الموقوت يؤجج نار مستعرة لا تخمد في المجتمعات الإسلامية القائمة التي فصلت وسنت لها قوانين ممارستها له، وانتهى الأمر حسبما تعتقد وفق الشريعة والسنة.
تذكرني دعوة بعض المعلقين الموقعين بأسماء مستعارة ك ربيع الحياة والحلاج على موضوع( العالم اوسع مما بين فخذيها) المتعلق بمسألة الحرية الجنسية للمرأة ولما لا توجد إجابات صريحة وواضحة عنه. مؤكدين حق المرأة في امتلاك الجسد والتصرف به الخ من الأطروحات. يذكرني هذا في شعارات البعض هنا في أوربا عندما يحاججون الأسر العربية كون الحرية الجسدية حرية شخصية . لكن الحقيقة تتجلى في كون المهاجرون أكثر تعنتا وتعصبا من أولئك الآباء في البلدان التي جاءوا منها. قبل عدة شهور قام أب بقتل طفلته البالغة من العمر 13سنة بحجة شكه بسلوكها ، وكانت الفتاة قد تبنتها احد المؤسسات الاجتماعية وبدأت برعايتها ، فما كان من الأب الا ان أرداها قتيلة بالرصاص وسط هلع، وسخط عارم في أوساط المجتمع الألماني .
هذا الأب هو نموذج للرد على أسئلة السادة المتسائلين . فجسد المرأة أهم ركائز المجتمع الشرقي . فبالسيطرة عليه يتسنى لهذه المجموعة او تلك تحقيق أهدافها السياسية والسلطوية.
حريتها . حقوقها. مكانتها . كلها شعارات ثانوية يتم تناولها بين الحين والأخر من قبل هذا الطرف او ذاك . لكنهم متفقون جميعا على ان قهرها والسيطرة عليها وكبح جماح طموحها هو الهدف الذي عليهم عدم التنازل عنه.
قد يختلفون فرقا ومذاهب وطوائف في تفسيرات النصوص الدينية ، وفي النصرة لهذا الرمز الديني او ذاك. قد يفندون بنفس طويل حجج خصومهم في سبيل إثبات نظرياتهم ،وتوجيه أتباعهم. لكن المرأة بالذات تبقى قاسم مشترك لا يختلفون عليه. بدءا من حجابها مرورا بنقابها والذي يصرحون بشأنه تصريحات عديدة بعضها مطاط و آخر بوحي بالوقوف الى جانب المرأة وفهم قضاياها ومعاناتها. وصولا الى زواجها وكل ما يتعلق بحياتها وواجباتها.
لا يختلفون على ان لا سن لتزويجها وهو أهم ركائز حريتها الجنسية
لا يختلفون على ملكيتها لولي أمرها وهو العمود الفقري لحريتها الشخصية
ويعتبر باطلا زواجها من دون موافقته والعقد ملغي. لذا فذهابهم باتجاهات شتى بهذه الحيثيات لا يهم . فبينما يفتي البعض بجواز تزويجها رضيعة والتمتع بها بهذا السن ، يذهب أخر متفضلا بضرورة تأجيل ذلك الى سنوات تالية . لكن لن تجد طائفة تخرج وتعطيها اكثر من حق استشارتها في حالة تزويجها اذا كانت بكر واخذ موافقتها اذا كانت ثيب.
اليوم تنتصر الأحزاب الدينية والتيارات الإسلامية في العديد من البلدان العربية التي شهدت ما يسمى بثورات الربيع العربي. وها هو البرلمان المصري يضم تحت قبته ما يقارب ال70 من الإسلاميين من مختلف المشارب والمذاهب الدينية السلفية والتي يقدر عددها ب400 جماعة لكل منها برنامجها وأحلامها وطموحاتها السياسية ،والسلطوية. منها التي خبرت الحياة السياسية ولها باع طويل كجماعة الإخوان المسلمين ومنها حديثة العهد .لكنها جميعا تتفق على اعتبار الإسلام مصدر التشريع ويتبارون في استحضار نصوصه لخدمة كل خطوة يقومون بها.
المرأة في الإسلام وفقا للنصوص القرآنية والسنة. لا يحق لها ممارسة الجنس الا في اطار المؤسسة الزوجية وسابقا كانت ملك يمين يؤتى بها من البلدان التي تم غزوها كسبايا حرب. وربما بقيت هذه الآثار في بلدان محددة منها اريتريا التي ما زالت المرأة تباع فيها والصومال للأسف الشديد.ولولا الغاء قانون الرق الذي اقره المجتمع المتحضر منذ ما يقارب المائة وخمسين سنة وتبنته الأمم المتحدة . لكانت أسواق السبايا وبيع الجواري منتشرة علنا في كل البلاد الإسلامية.
إذن اي حلم. اي قريحة تفتقت للمطالبة بالحرية الجنسية للمرأة وكيف؟. لكي يتحقق مثل هذا الهدف يفترض ان تملك المرأة قوة فاعلة على ارض الواقع. أين قوتها . في الخروج لانتخاب التيارات الإسلامية المتشددة ،والانضواء تحت شعاراتها.
ام بتسليم زمام أمورها، وذرف دموعها بين يدي الدعاة وهي تقص عليهم مشكلتها او حلمها التي حلمت به ليلة أمس وأقلقها عدم معرفتها تأويله.
أين وعي النسوة . أين دوائر اهتمامهن بما يخطط لهن، اين فعاليتهن الاقتصادية والثقافية و السياسية. ثم قبل هذا وذاك أين الوعي الرسمي الذي يتولد نتيجة الإيمان بدورهن ،ثم اقرار قوانين تحفظ لهن حقوقهن.
وقبل الدعوة الى حريتهن الجسدية . الا يجدر الدعوة الى حريتهن بالمظهر. كتبت ذات مرة و أعود للكتابة المجتمع الإسلامي هو المجتمع الوحيد في إرجاء هذه الأرض الذي يتدخل في لبس المرأة ومظهرها.
ذات مرة خرج علينا المع الشيوخ السلفيين الذي استقبل أخيرا في ليبيا استقبال الفاتحين بعد سقوط ألقذافي. خرج يشرح لنا كيف وضعت تسيبي ليفني الشال الأبيض على رأسها في زيارة إحدى الحاخامات على طريقة رجال السياسة بالعراق اليوم عندما يذهبون يتملقون المرجعيات الدينية. لكنها فعلت ذلك مرة وانتهى الأمر ومن تلقاء نفسها. بينما تكون الغالبية العظمى من المسلمات مجبرات على ارتداء الحجاب بل ومدجنات منذ الصغر كما يفعلون اليوم في أوربا كي تنشأ الفتاة ولا تتمرد على لبسه.
حريتها الجسدية مهمة ، وهي أول وأخر ضربات المعول القوي في تحطيم قيود عبوديتها. ولكي لا يظل مجرد التفكير بهذا الموضوع كوميديا سوداء . لم يغفلوا وضع عشرات الحواجز الكونكريتية التي ترهق كاهل أيا من التنويريين والمرأة على السواء كي يبقى الهدف بعيد . وتبقى طوع اليمين . طوع اليمين يعني كسب نصف المعركة والنصف الأخر كل فريق وتيار وطائفة تخوضه ضد أخرى لكن بعيدا عن المرأة التي لا يختلفون عليها بشيء يذكر.