شذى احمد
2012 / 1 / 30
في أسرع رد فعل لتجيش المشاعر ضد من يعارض النقاب سيخرج من يقول .. ولما لا يحمى وطيس المعركة هكذا للعراة . بحجة أن العري يخدش العين ويؤثر على المجتمع لكن الحشمة والأخلاق هي المقصودة من كل هذه الجلبة التي يراد بها حق بينما هي باطل.
الحقيقة التي لا يعرفها القارئ الشرقي المسلم وغير المسلم،و كل من يقرأ بالعربية . أن هذا غير صحيح بالمرة.
فبعد الانتباه للفرق بين الاثنين الأول يخفي تماما شخصيته وجنسه وكل تفاصيل حياته ويقفز على المجتمع وقوانينه ويتعالى عليها ويدعي بأنها لا تعنيه في الوقت الذي يتمتع به بكل حقوقه كمواطن ويريد كذلك الحفاظ على تلك الحقوق بل القتال من اجلها. في هذا الوقت يكون الشخص الذي يتحجج به متخليا عن كل تلك الحقوق بل على العكس تحت طائلة القانون بالكامل وبلا رتوش. هذا ما يهم المجتمع بشأن أفراده يعطيهم الحرية نعم شريطة أن لا يتعدى بعضهم على حق بعض ويسلب منه حريته.
وهناك أمر في غاية الأهمية ولا يطبل ويزمر له لأنه باختصار تشريع قانوني ساري المفعول. في دولة مثل ألمانيا هناك قانون يعاقب فيه الفرد ويقتاد ا لى السجن كل من ارتدى قناعا وأخفى وجهه. هل هناك أكثر من هذا القانون صراحة وهل النقاب الا شكل من أشكال الأقنعة الغرض منها التستر والتخفي ، وطمس الهوية والذي يفتح الباب على مصراعيها لكل أنواع الاحتيال والجريمة ما دام المجتمع لا يعرف من خلف هذا القناع القاتم.
لم يخرج الألمان مسيرات ولم يطبلوا ويزمروا يوما ما . بل على العكس هذا القانون بالنسبة لهم احد الركائز التي تؤمن الأمن والاستقرار ، وتحقق العدالة الاجتماعية. وتوفر للمواطنين المساواة التي هي حلم المجتمعات المتمدنة.
بقي شأن العري.. رغم قطع الحركات اليسارية المتطرفة لأشواط بعيدة في تطرفها بمفهوم الحرية. ورغم طرح بعضها لنفسها على انها بديل للحرية المطلقة ومطالبتها بسن قوانين لا تقرها الأحزاب المحافظة ولا المؤسسات الدينية ، رغم كل هذه المشاكل والتعقيدات يبقى القانون حكما جادا بين العبث والجد بين الحرية والانفلات.
في ألمانيا لا يقر القانون بمنع العري لكنه يصيغ قانون يعاقب بموجبه من يخرج بمظهر القصد منه لفت الانتباه وعرقلة الحياة العامة. هذا لوحده كافي للرد على من يريد للمواطن الحياة دوما بحالة تشنج وكراهية واحتقان للقول القانون مسنون حتى قبل رغبة بعض النسوة بالتظاهر بالتدين والذي يرفضه الإسلام أصلا. فالنقاب هو التظاهر بالتقوى الزائدة وعندما تكون لوحدها او مع بضعة نسوة في المدينة التي لا يلتفت احدهم للأخر لأنهم يرتدون ملابس غير ملفته يكون النقاب او حتى الحجاب تظاهر بالدين وليس تدينا والبون شاسع.
هنا تسقط حجج المنقبين تباعا ودعاة النقاب ، ومن يهيجون الرأي العام المسلم ومنظمات حقوق الإنسان لجعل المسألة تبدو كأنما هي ضرب بالصميم لهويتهم الدينية واعتداء على حريتهم. ومن المفارقات ان تكون المرأة التي هي محور الموضوع أما مغيبة قهرا بالنقاب او مؤدلجة وأيضا قهرا للدفاع عنه. وفي كلا الحالتين قرارها الحقيقي ورؤيتها غائبة
أما المنقبون الذين انتشروا كالجراد على صفحات الأعلام الالكتروني يلتهمون الحقول الخضراء من الاستقرار ، وراغبين في يباب التقاء الناس ودمار أحلامهم بالتعلم والتأثر والتأثير في كل فروع العلم. فلا علاج لهم إلا بتثقيف الأفراد لأنفسهم وتحضيرها لفضح وكشف مخططاتهم.
ليس كل ما يلمع ذهبا. والتسرع بالتعاطي مع مخططاتهم يخلق لمثل هؤلاء من المنقبين أجواء مثالية للعمل . فهم قد يكونوا مأجورين وهذا مسرح عملهم . وقد يكونوا أعضاء منظمات ومؤسسات تهدف الى هدم كل بناء يريد النهوض بوجه الواقع المتخلف المرير. التأثير على الرأي العام وتوجيهه وفق أطروحاتهم التي تكون على الأغلب مبتذلة ورخيصة متمثلة بلغة السباب والشتم والشخصنة الغاية منها خلق أجواء مضعضعة وفوضى وسحب القراء الى زوايا معتمة والى نقاشات عقيمة تلهيهم وتحيدهم عن أهداف الكتابة وتمنع تلاقح الأفكار ونموها كل ذلك يحقق لهم البقاء والدوام. ويعطيهم أسس النجاح ويغريهم بالمواصلة.
طرق المنقبين لا حصر لها . لكنك كقارئ تريد الاستماع للآراء كل ما عليك وأنت تقرأ لهذا وذاك السؤال عن شكله وحقيقة هويته فان تعذر عليك رويتها او بدت لك أشباح راقصة متخفية تحت ذرائع عدة وتدعي الوطنية والمبدئية والأخلاق عندها ستعرف لما ينتشر المنقبون كالجراد على صفحات النت ، ولما انحط مستوى اللغة في بعضها حتى صرت تخجل من زيارته وخير الأمثلة اليوتيوب والتعليقات الجارحة الخارجة عن الحياء حيث تمتلئ الصفحات بعبارات تعافها النفس.
تحرك الموقع العالمي تويتر للحد من مثل هذه التصرفات الخارجة عن روح الحضارة التي نشأ من اجلها وبدأت بمتابعة وحذف التعليقات والمشاركات التي لا تعتمد على الموضوعية في الطرح والكتابة لكي يبقى الموقع محافظا على سمعته ومكانته.
قبل يومين فقط لحقت هولندا بفرنسا بسن قانون صريح وواضح يمنع ارتداء النقاب وهي دولة يعيش على أراضيها قرابة المليون مسلم.
النقاب بكل أنواعه سواء حجب الوجه أم الهوية هو اغتصاب لسلطة المجتمع في جعل أفراده سواسية أمامه في الحقوق والواجبات وفي نفس الوقت يتمرغ فيه القانون بتراب الذل الذي ينثره بوجهه مرتدو النقاب سواء كانوا نساء أم رجال.