------------ --------
Share |

العالم أوسع مما بين فخذيها









شذى احمد


2012 / 2 / 2


في إحدى الإيفادات الرسمية أوفد العراق مجموعة من أدبائه بينهم شاعر عراقي مرموق ، وكالمعتاد رافق الوفد من لا شأن له لا بالأدب ولا بالثقافة لكن له شأن كبير بالعشائرية التي ضمنت له الوظيفة.. تلك الدكنة المميزة لملامح المجتمعات العربية والعراق منها. كان هذا في سبعينيات القرن الماضي ، وقد ذهب الوفد الى الاتحاد السوفيتي واحمد الله ان الحاكم يومذاك لم يكن خروشوف والا فسوف تستأصل لي المرارة مما سأعانيه من ردود أفعال مناوئيه والراغبين من مسح اسمه من التاريخ.
المهم لما وصل الوفد الى موسكو وضع لهم السوفيت جدول زيارة تضمن المتاحف والمؤسسات الثقافية وحضور عروض مسرحية وموسيقية منوعة لهذا البلد الغني بالثقافة والأدب والفن .
هذا الذي لا شأن له بالثقافة إنما رافق الوفد على الأغلب كرجل أمن او عين للدولة على أدبائها لمعرفة كل ما يقومون به ومراقبه تحركاتهم كان مبهورا وهو القروي الأمي بجمال الروسيات وحيوية مشاركتهن بالحياة .
من شدة انفعاله وكون عقله لا يدور فيه الا ناعور واحد ولا يحفظ في خزانة تعليمه الا حكايات جدتي والتي لا تعرف المرأة الا بمهمة واحدة وغاية واحدة وجد في تبسط المضيف وحسن ضيافته سببا لإرضاء فضوله وإجابته عن سؤاله الذي راح يشكل محور اهتمامه حتى نسي السبب الذي جاء من اجله لموسكو فسأله بفضاضة عما اذا كانت فتياتهم حقا يضاجعن الشبان بلا زواج . وهل حقا لا يقيمون للشرف وزنا؟. التفت إليه مضيفه وكتم غضبه ، ولم يرد عليه.
لكن المرافق للأدباء ظل يكرر سؤاله كالمحموم كلما لقي مضيفه وفي كل مكان. لم تبهره المتاحف وحلاوة العروض وروعة الفنون ولم تشده أسباب تقدم هذه الدولة التي كانت القطب الثاني في العالم يومها. ولم يأبه بانجازاتها على الأقل الثقافية وهو يصطحب المثقفين ويدعي انه منهم لا كان همه معرفة اذا ما كانت نسوة ذاك البلد خارجات عن التقاليد وهل حقا هن بلا شرف؟.
لما طفح الكيل بمضيفه التفت إليه، وهو يجاهد بضبط أعصابه محدثا إياه بهدوء: يا سيد للشرف عندنا معان ومسميات كثيرة وهو واسع الفهم ومتعدد الاتجاهات . يبدأ بشرف الكلمة ولا ينتهي بشرف المهنة فكل ما يفعله المرء يعد شرفه كلمته . مواقفه . عمله . نظافة يده. إخلاصه لبلده. ولعلمه ..لأسرته ولمبادئه كلها وغيرها مسميات للشرف عندنا . ولكن للأسف الشرف عندكم محصور بمكان صغير بين فخذي المرأة.
أنهى المضيف حديثه ولكن هل انتهت معاناة المرأة بالشرق بصفعه للسائل بهذه الحقائق. الإجابة لا ما زالت المعارك والحروب والفتاوى والدعوات والقتل يدور حول ذلك المفهوم الشرقي للشرف. وشر البلية ما يضحك كون الشرف لا يلزم المتغني به بقوانينه يعني لا يلزم الشرق الرجل بطائلته ولا يحاسبه عليه وليس هناك من قانون عرفي يدينه فدوما الشرف هو ذلك العبء الثقيل على كاهل المرأة . فإذا ما أراد احدهم قهر رجولة أخر رجمه بشرفه وقصد نسائه. واذا ما اراد النيل منه عيره بما قد لا يكون به ويكفي بان يدعي. وما اضطهاد المرأة وسجنها وتعذيبها بسجون الاحتلال ثم الحكومات المتتالية بالعراق الا نوعا من أنواع قهر الرجولة وإذلالها وفق مفهوم الشرف المتعارف عليه.
متى ترتفع الرؤوس المطأطئة بسبب هذا العرف البغيض وتنظر للعالم الواسع ، وتضع لها شروطا أجدى واعدل . تصون الكرامة .تنادي بالمساواة والقيم الإنسانية.
تنطوي تحت ظل هذه النظرة الدونية والتعسفية للمرأة ودورها في الحياة الكثير من الممارسات الجائرة بحقها وحق المجتمعات . جرائم الشرف المزعومة أبشع أنواع هذه الممارسات. حيث تختفي معالم الجريمة ويهلهل المجتمع الذي لا يريد مغادرة قبليته للجاني والذي لا يستبعد ان يكون هو المجرم الذي وجد بسكوت المجتمع فرصة لارتكاب جريمة ومحو أثارها.
المجتمعات التي يضيق بها عالم الرجال فلا يكون ابعد مما بين فخذي امرأة مجتمعات بينها وبين الحضارة والتمدن ما بين السماء والأرض.
الموروث احد العوامل في بقاء هذه الخصلة البائسة تتحكم في بقاء هذا العرف المشين والذي يتسبب في إزهاق أرواح الكثير من النساء في العراق والكثير من البلاد العربية. وحتى المجتمعات الإسلامية التي تتقاسم معها نفس الدين والعادات والتقاليد.
المجتمعات المتمدنة التي يخافها الدعاة ويخشون على أعراض بناتهم منها حلقت بأفاق الكون باحثة عن أسراره ، هذبت سلوكها وشذبت عواطفها وطوعتها وتعاملت مع الغرائز بإنسانية وحضارية. بينما ما زال الكثير من قبلي البلدان الشرقية مطأطئي الرأس يتباهون و يتنابزون ، ويتقاتلون على مساحة لا تتعدى السنتمرات بين فخذي المرأة


فن إدارة الوقت للمرأة العاملة

-----
Share |
------