!!
اولا" وقبل كل شيء هل اتحدث مع ابن محمد مهدي الجواهري ام تشابه اسماء .. وان كان من السذاجة الاعتقاد بان التشابه يبلغ الى هذا الحد .. لقد سبق لي اللقاء بالابن الاكبر لاسطورتنا الجواهري الاستاذ فرات وسمعت منه الكثير من الذي لا يمل من اراء الجواهري في هذا وذاك ... وكنت مثل كل الحالمين نفصل الحكايا على قصائد واشعار الجواهري فتلتقي هنا وتدهش هناك ونعود كما كنا ضمئى لما يشبع فضولنا عنه ..
اعود للتعليق الذي لم استطع للاسف الشديد الاجابة عليه مباشرة لغلق باب التعليقات بعد ثلاثة ايام من نشر الموضوع وفق قوانين الحوار المتمدن وربما كتبتم تعليقكم في الدقائق الاخيرة فلم يتسنى لي فرصة التعليق .. ولاهمية الموضوع و النقاط التي تضمنتها سطور تعليقك وجدتني مجبرة على الرد بموضوع مستقل عل وعسى تتمكن من قراءته .
كتب الدكتور المهندس كفاح محمد مهدي الجواهري انه على رغم اتفاقه معي بالافكار الا انه يختلف بأمرين اولهما ان لاحرب بين المسلمين والمسيحيين او بين الاسلام والمسيحية .. والاجابة بالتأكيد حضرة الدكتور نعم .. ان كنت تعني بين الشعوب او الافراد على مستويات الوعي والادراك والاعتدال في المعتقد والمنشأ والمذهب فانا معك اما على مستوى الايدلوجيات او مستوى الامتداد والانتشار والهيمنة والتأثير بين سكان المعمورة فالاجابة الف نعم ونعم على مستوى الف ليلة وليلة .. وبالمناسبة حتى كتاب الف ليلة وليلة سيكون من ابرز حججي عليك لانه مليئ بالقصص التي تؤكد هذا الصراع وفي ذروة انتشار الاسلام وقوته وهيمنته وسطوته على مقاليد الحكم وادارة شؤون البلاد الاسلامية المترامية الاطراف.
لقد كانت المعارك التي تديرها القوى المسيطرة سواءا" في الطرف الاسلامي المتمثل في الخلافة او الطرف النصراني تهدف الى هدف واحد وهو بسط النفوذ والهيمنة واضعاف الطرف الاخر او تهميشه في مناطق النفوذ .ولك مثال ماعرف بالفتوحات الاسلامية والذي امتد منذ عصر الخلافاء الراشدين ثم الخلافتين الاموية والعباسية واضمحلال نفوذهما وهزيمتها على يد المغول ثم ظهور الامبراطورية العثمانية التي وصلت الى ابواب فيينا. كل هذه حروب في ذاكرة الشعوب لا يمكننا سيدي الدكتور المهندس ان نمحوها بحسن نية ، ثم محاولة الطرف الاخر التعويض عن خسائره وهزائمه ونجاحه في تجيش الحملات التي عرفت بالصليبية وكيف اوجد في المسيحية التي عرفت بانها ديانة التسامح والمحبة والتسليم بحب الله الذي ضحى بنفسه لخلاص البشرية رغم كل ذلك وجدت اسبابا" للضحك على اتباعها وتجيشهم لحرب دامت ثلاثة قرون وعرفت كما اسفلت بالصليبية وقد بلغ فيها الاستخفاف بعقول الناس ان القساوسة كانوا يعدون المحاربين بالجنة ووزعوا عليهم مفاتيحها قبل ان يرث منهم هذا التقليد الامام الخميني ويوزع على جنوده مفاتيح عرفت بنفس الاسم بمفاتيح الجنة . من هنا ترى ان التاريخ شاهد حي على الحروب العسكرية بين الطرفين. اما الحروب الاخرى فهي الحروب الثقافية والاعلامية ، وتشويه سمعة الاخر والتعرض له وعدم تقديره حق قدره فخذ على سبيل المثال لا الحصر ان اوربا ظلت تمثل القائد صلاح الدين الايوبي بصور شنيعة بعد هزيمة جيوشها على يده وتصوره ادبياتها ووثائقها على انه اقرب الى المتوحش البربري منه الى الخصم الذي انتصر لعدالة قضيته وتحرير بلاده من الغزاة ايا" كانت ادعاءاتهم وتفنيداتهم لا سباب احتلال بلاده . ولم ينصف هذا القائد الا في وقت متأخر تماما ربما في نهايات القرن العشرين عندما ظهرت تيارات فكرية تدعو الى اعادة دراسة التاريخ والظواهر والاحداث وتحليلها بعقلانية وبنظرة بعيدة عن التعصب والتعنت والاحكام المسبقة .
اليوم عليك ان تلتفت الى اسرع وسائل النصر والهيمنة انتشارا" في العالم وهو الاعلام لتعرف ان الحرب بين الطرفين بالتحديد على اشدها ..لان قدر الديانتين كان الدولة بمعنى ان الديانة الاسلامية كانت دين الدولة في الشرق لردح طويل من الزمن لا بل امتد للغرب عندما استطاع المسلمون السيطرة على اسبانيا بما عرفناه في ادبياتنا بفتح الاندلس والاثار الشاخصة هناك التي تدل على ذلك ، والتأثير الكبير على الحياة الفكرية والاجتماعية في اسبانيا الى يومنا هذا.وانتشار المسيحية في اوربا والتي تسمى باوربا المسيحية واصرارها على الحفاظ على هويتها المسيحية . وما رفض اوربا لانضمام تركيا للاتحاد الا لانها دولة اسلامية ورغم كل التغييرات والقوانين التي سنها اتاتورك لجعل تركيا اقرب منها الى اوربا منها الى الشرق المسلم فان ذلك لم يشفع لتركيا . وتتذرع ذول اوربية عديدة واحزاب محافظة بالكثير من الذرائع والحجج لمنع دخول تركيا للاتحاد الاوربي .. بينما قبلت في عضويتها دولا" اقل نجاحا" ومكانة وفقيرة ورغم وطأة الفقر وما تلحقه بانضمامها للاتحاد الاوربي من مشاكل وتحديات الا ان اوربا المعتزة بمسيحيتها تجدها اقل ضررا" من انضمام تركيا المسلمة!!!
وعندما احتل العراق وبدات الجماعات المتطرفة تنال من الابرياء في هذا البلد المنكوب والجريح نال مسيحي العراق ما نال الاخرين من الضيم والقتل والتنكيل فماذا فعلت اوربا اتخذت قرارا" لايقل صبيانية عن تطرف الجماعات الاسلامية وان كان اقل منه ضررا" بقبول اعداد اللاجئين المسيحين في اراضيها بلا شرط كلاجئين .وهي لا تحل بذلك المشكلة بل تساهم بالاضرار بالتنوع الذي كان يتمتع به العراق وربما اخلت بتاريخ المنطقة على المدى البعيد عندما يختفي المسيحيون من بلدانهم الاصلية وينصهرون في المجتمعات الجديدة. لكن لماذا فعلت اوربا ذلك لانها تجد ان هويتها المسيحية تفرض عليها حماية من يشاركونها بالدين الواحد . الا ترى معي ان ذلك شكل من اشكال الصراع بين الطرفين. والاحداث الدامية في مصر وما يتعرض له المسيحيون من قتل وحرق للمنازل والكنائس اليس ذلك باحد اوجه الصراع .. ثم انتقال شظايا الصراع الى اطراف اخرى من العالم والاحداث الاخيرة في ماليزيا وكيفية حرق خمس كنائس دفعة واحدة فقط ولاسباب واهية هي استخدام المسيحيون لكلمةالله التي هي حكر على المسلمين كما صرحوا بذلك ! اليس كل ذلك من اوجه الاحتقان والصراع الواضح بين الطرفين. اما ما ينشر ويبث على القنوات الاعلامية المختلفة من تلفاز الى راديو وصحافة وعلى شبكات الانترنيت فاني اترك لك حرية الابحار لانه بحر مترامي لا افق لسواحله. اليس كل هذا و ذاك شواهد على الصراع والحرب بينهما. اننا اعتدنا على الكلمات الرقيقة واللطيفة في التعاطي مع قضايانا وهذا ما جعل امكانية معالجتها غير ممكنة وغير عملية . ان بعض الظواهر والقضايا لا تقبل ابدا المجاملة بل تستدعي الحلول من قبل العقلاء ، وقرارات ودراسات مستفيضة وجادة لايجاد نقاط تفاهم مشتركة لحلها لا التغاضي عنها وانكارها.
اما ما يخص باسلحة الدمار فانت تورطني للحديث بموضوع صعب وشائك ومتعرج اخر وهو اطول بفصول من مقالي عن الصراع الاسلامي المسيحي تورطني باسباب العدوان وحججه الواهية واسباب قدوم تلك القوات والجيوش الجرارة ومن دعمها و من الذي مدها، ومن نحر وريد صغيرتنا على ضفاف دجلة وخنق الصوت في حنجرة الشاعر وهو يحي سفحها الذي ابعد مرغما" عنه . عد الى الوثائق والتحالفات والصفقات التي تمت بين كثير من البلدان العربية والقوات الغازية لتدمير العراق وحرمانه من فرصته الطبيعية من الالتحاق بالمجتمع الانساني والتطور الحضاري . وهو قادر ومؤهل لذلك بقدرات ابنائه المتميزة وكفاءاتهم الخلاقة. عد اليها ستجد ان الكثير من الاسئلة قد اعطيت اجوبتها وان كانت الاجوبة مريرة وتدمي القلب. هم لا يستطيعون لوحدهم هكذا الذهاب مثلما كان يقرر القائد العام للقوات المسلحة ويرسل حملانه الوديعة للموت في سبيل كلمته او غاياته او اهدافه هم يحتاجون الى موافقات وقناعات وتسهيلات توطد اسباب خروجهم وضوء اخضر من مندوبي شعوبهم في البرلمانات . وكان للاسف الشديد ابناء من شعبك هم من قدموها لهم فحلقوا باحلامهم قبل بارجاتهم ودكوا البيوت على رؤوس ساكنيها.
كل هذا تعرفه لا شك .. وانت ترى اليوم ان القضاء الانكليزي على سبيل المثال يثير قضية كذب بلير واسلحة الدمار وتضليله للرأي العام الانلكيزي ويحاكمه على ذلك ولخسارته لسمعته السياسية فلقد استبعد من منصب رفيع في المفوضية الاوربية . انهم لا يفعلون ذلك من اجلك بل من اجل انجازاتهم المدنية التي تعبوا عليها لكي تكون حقيقة والملايين التي ضحت بها اوربا في حربيها العالميتن والدروس والعبر التي خرجت بها من مرارة هذه الحروب وويلاتها.
عبارتك الرقيقة الدفاع عن النفس بارقى شيء في الخليقة استوقفتني كثيرا" الفكر البشري في الطرف الاخر.. لا تزعل عيوني دكتور انت غير مخير بالدفاع من دونه لانك بلا حول ولا قوة ان الحكومات العربية هي من تقرر لك ، وان كنت من المخالفين او المناهضين لقراراتها فلك اماكن محجوزة سلفا" في فنادق سجونها الفاخرة واقصاءاتها الوحشية ، ثم انضم اليهم التطرف الاسلامي او مايعرف بفرق الارهاب لتكتمل حبات السبحة كما يقول المثل ويصبح القمع على اشده. هل تستطيع ان تعطيني احصائية كم عدد المسيرات السلمية التي نظمتها منتديات المجتمع المدني في كل البلاد العربية للاعتراض على اتفاقية او مشروع او صفقة عقدتها هذه الحكومة العربية او تلك .. لقد سقطت حكومة المستشار جيرهارد شرودر ودعا الى انتخابات مبكرة في المانيا لان قوانينه التي سنها لغرض ترشيد الميزانية والادخار لم ترضي معارضيه فقال عندها دع الشعب يقرر ونزل للانتخابات .. فاين هي ملياراتك التي تستل من شريان دمك ونفطك وما هو قرارك فيها ايها العربي في كل الاقطار العربية.
واما ما يخص باهدار دم سلمان رشدي فان هذا الحدث وصم المسلمين بالارهاب والوحشية لانهم لا يستطيعون تحمل الرأي الاخر او القبول بالفكر الحر.. واهدار دم يعني اصدار حكم الموت بحق اي انسان في العالم لانه يخالفك وهذا رعب وارهاب ما بعده رعب وارهاب .. لقد اعطيت بنفسك عن قصد الحق والمشروعية للغرب عندما قلت ان الشرق اهدر دم سلمان بينما الغرب لم يفعل شيئا" مع دان براون كاتب شيفرة دافنشي واقول لك ان الحضارية او ضبط النفس الذي مارسته الكنيسة مع كتاب دافنشي والفلم الذي رأته المعمورة وكان بحق رائعا" انما استوحته من تعاطي المسلمين مع ما ينشر ويقال بحق معتقداتهم ودينهم وتنكيلهم بالمنتقدين. فلقد اكتفت الفاتيكان بالتصريح انها لا تنصح اتباعها بقرائته . بينما حولت السلطة الدينية في الشرق او فرع منها ان اعتبرنا الثورة الاسلامية في ايران انها من مصادر القرار الاسلامي من سلمان رشدي الى ضحية ورمز لرفض القهر والظلم والوصاية على الفكر والعقل الانساني الحر.
والنقطةالاخيرة هي الانتخابات وان لم اكن اقصد بالتحديد كيفية سير العملية الانتخابية في الغرب وهي بحق نزيهة وعادلة وخالية من التلاعب والتزوير معك حق .. لكنني قصدت اننا لم يكن ولم يخرج صوتنا مطالبا" باي شيء يخص الضفة الاخرى اي شيء وان قلنا فانما يشكل شخصي او يكون هما" لمفكر عربي او مثقف او متخصص واعني الاثنين بالطبع سواءا" كان سيدا" ام سيدة بالتأكيد. وقبل ان اختم ردي وانا انتظر مقالتك التي ستشرح لنا جميعا" وانا منهم بالطبع كما وعدت بالتفصيل وجهات نظرك حول المواضيع المتعلقة في موضوع مناقشتنا . اود ان اقول انك اوجزت واجدت حين كتبت في نهاية تعليقك ... ان اصواتنا لا تسرق في الانتخابات فحسب ، بل وتزهق ارواحنا وتنهب خيرات بلداننا من قبل مغتصبي الحق الالهي من أبناء جلدتنا..... ابناء جلدتنا... هذا بين القصيد يا ابن الشاعر ياوارث همه ( ان كنت ابن الجواهري) وان لا فانت ايضا ابنه بالنسب كما يفخر كل الالمان بالانتساب لغوته.. اكتب لي متفضلا" عند صدور مقالتك سانتظرها بشوق.. لك كل التقدير ولكل قارئ كريم ، ويسعدني ان همومنا تقوي فينا حس الحياة ومقوماتها.فنتخاطب بهذا الجو الودي الرفيع وهذه النبرة الهادئة والمتعقلة. اتمنى لك وللجميع كل الخير .
شذى احمد
shathaah@maktoob.com
الحوار المتمدن - العدد: 2892 - 2010 / 1 / 18
المحور: العلمانية , الدين , الاسلام السياسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.