اصابنا الاعياء
كل يوم والاعلام والمؤسسات الفارغة الا من الربح الاعمى تتندر علينا بما لا يعد ولا يحصى من الاحصائيات والنتائج غير المجدية لاستفتاءات عقيمة لا تغني من جوع . فيقومون بتوزيع استبيان ـ هذا ان تم بالفعل الله اعلم ـ على مجموعة عشوائية لا تزيد اعدادها في احسن الحالات عن بضعة الاف ابالغ اليس كذلك ؟ . لسؤالهم من تحمل اجمل ابتسامة . اجمل امرأة . اجمل تسريحة شعر. الاكثر اناقة. الاكثر اغراء. ال .. ال .. الى ما لا نهاية من الاستفتاءات التي تتفتق عنها قريحة من يرغبون في تسيس الاعلام حيث التفاهة والسطحية والربح السريع ويبرمجون عقول المراهقين والشباب لما يحقق لهم اعلى نسب من الارباح والعوائد المالية .
فالموضة لا غنى عنها في اوساط المراهقين من سن الثانية عشر حتى مراحل متقدمة من الشباب. وهم عبيد اي صرعة من نوع الهاتف الى قصة الشعر حتى لون ونوع الحزام واحمر الشفاه. وهذا كثير لكنه واقع الحال في كل المجتمعات المتقدمة منها وغير المتقدمة.
والغريب في الامر ان الناس تنساق كبارها وصغارها وراء هذه النتائج غير المعروفة والمؤكدة وان كانت مؤكدة فما يعني اين يقول الف او الفين بان براد بيت الرجل الاكثر اثارة بالعالم من بين قائمة تضم عشرة تنتهي بساركوزي مثلا !!!!.
ماذا يعنينا ان كانت خصلات شعر هايدي كلوم قد صففت لتبدو شبيهة لمستشارة المانيا واي عزاء لها بذلك . او اذا ما كان توم كروز او مايكل جاكسن منحرفين جنسيا.
ان هذا الاعلام امضى فتكا بكل محاولات الاصلاح والتجديد وبناء الفكر الانساني واعتى من الموجات المتطرفة الظلامية لان الثانية يردعها من التغلغل في نفوس الناس والنشئ الجديد المصير الاسود الكريه الذي يؤول اليه اكثر اتباعها ثم لان النفس تعاف من الاستماع الى زعيقهم العالي. اما هذا الاعلام غير الهادف الذي يسرق منا كل الخيارات وابنائنا على وجه الخصوص ويهدر ثروات الشعوب فانه يندس ببريق الوانه البهلوانية ومعسول كلامه ونظراته البريئة التي لا تسأل فقط تندس وتمضي في طريقها وهدفها الى عقول الجميع وجيوبهم.
صار من العار ان تحمل هاتفا خلويا بموديل قديم لان ذلك علامة من علامات التخلف. ومعيبا ان تذهب الى الحلاق ولا تقص شعرك وفق اخر صرعات الموضة لان ذلك تحجر وخروج عن الصف.
مخزي على الفتاة ان لا تعرف قائمة المغنيات الهابطات واغانيهن ومغامراتهن ومن تركن ومن تزوجن ، ومن سرقت زوج من ، ومن حملت ومن وضعت وكم كيلو خسرت تلك والى اي الحلاقين والمنتجعات تذهب ، ما لونها المفضل ماسر نظرتها الساهمة . هل التقى النجم الفلاني طليقته هل واعد فلان النجمة الفلانية . ما هي تكاليف طلاق المطرب من الممثلة . اين يقضيا عطلتهما. هل ستتبنى الممثلة تلك مزيدا من الاولاد او بالاصح هل ستشتريهم ـ ولكن عندما نكتب نتذكر فقط ان الاديان شرعت العبودية ـ وكم ستربح على كل منهم من صور ومتابعة وحصرية وغير حصرية؟!!.
اربعة وعشرين ساعة اليوم . بين مدرسة يقضي اولادها الوقت اما سارحين او خافضين رؤوسهم ليس احتراما للمعلمة او المعلم لا بل للابحار في شبكات الانترنيت لمعرفة اخر الالعاب واخبار النجوم واغنيات الراب الصاخبة التي لا يعرف لها طعم او رائحة . او تبادل مقاطع الافلام الاباحية او الفاضحة . واخرى يعودون فيها الى البيت ويتصنعون الاعذار كي يعودوا لمشاهدة ما تقاسموه سرا بالمدارس.
وفتيات موزعات بين الرابح والرابحةفي السوبر ومشتقاته من البرامج ثم بعض الاغاني وفضول وتطلع للنجمات واحلام بالموضة والنجومية. او تتلاقفهم الدعوات الحثيثة للتطرف ومكافحة الضلالة ومشاريع لا تريدهم الا وقودا مشتعلة لمصالح واهداف سياسية ،واطماع سلطوية بغيضة.
بين هذا التيار وذاك فان الواقع مرير تزداد مرارته لان الغد لا ينبئ بمصير زاهر ان لم يتم معاينة هذه المصائب واجراء استفتاءات ناجعة لمعضلاتها يحدد بها عمر المشترك والحلول المقترحة . لا ختيار افضل عاقل لقبول هذا الكم الهائل من الجنون ومعالجته
اســـــتودعكم
والى اللقاء
د . شـــــــــذى احمد
shathaah@maktoob.com
العدد: 3017 - 2010 / 5 / 28
المحور: المجتمع المدني
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.