من احلى ما ابتكر الانسان للمنافسة والتشجيع الجوائز والهدايا... وما طالعتنا به الصحف مساء الامس من فوز رئيس الوزراء التركي اردوغان بجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الاسلام واحدة من تلك الجوائز.
لما يتعلق بمناصرته الاسلام امرا" لا غبار عليه فهو رئيس حزب اعتلى سدة الحكم باسم الاسلام ، وبه يحقق نجاحاته على الساحة السياسية التركية ويعزف وقتما يريد على وتر الخلافة العثمانية وما لها في نفوس الاسلامين من حنين.. اما الشطر المتعلق بمناصرة القضية الفلسطينية فلقد استوقفني في مقارنة بين موقفه الذي اعتبر من اشجع المواقف في الانسحاب من جلسة جمعته بالرئيس الاسرائيلي والملاسنة التي وقعت اثر مذبحة غزة التي ادمت الضمير الانساني .. لكن لو كان هناك وجه عدل لمقارنة هذه المناصرةالكلامية مع المناصرة التي قدمتها دولة البرازيل عندما استقبلت اعداد الفلسطيني المهجرين من العراق بعد ان استهدفتهم عن قصد خناجر مسمومة ،راحت تطيح بهم ، وتمثل باجسادهم ، بوحشية فخرجوا من البلد الذي ما كان خطاب رئيسه يوما" يخلو من الحديث عنهم وانهم الغاية ، والامنية الكبرى وتحرير فلسطين هو الهدف المنشود.. لكنهم بقوا في بلده ضيوفا" ومنعوا من اخذ الجنسية العراقية بحجة عدم السماح بضياع القضية الفلسطنية !! .. كما فعلت كل الدول العربية الاخرى تقريبا ، بعدم منحهم حق التجنس. بقي الفلسطنيون علماء واطباء ، مهندسون وفنانون. المتزوجون منهم من عراقيات حتى ان ابناء بعضهم لا يرطن الا بالعراقية .. بقوا يحملون وثائق تؤكد انهم ليسوا عراقيين !
ونصبت لهم خياما تفتقد ابسط مقومات الحياة علىالحدود العراقية الاردنية والسورية.. وتبارت القنوات الفضائية التي تدفع الملايين لنقل مباراة كرة القدم العالمي في عرض اخبار تشردهم دون عرض اي مساعدة لهم ... وراحت تتحسر على مصير اخواننا الفلسطنين ، ولا حل حتى جاءت المنظمات الانسانية وسجلت احوالهم البائسة ،وبعد حين تم الفرج وقبلت بلجوئهم البرازيل .. ابناء القضية العادلة والتي لا يمر يوم دون ان نسمع محطات الفضاء والاعلام تبكي وتنوح ، وتتبارى بالخطب الحماسية عنهم .. من نموت لتحيا قضيتهم.. المادة الاكثر دسامة في الهاب الجماهير ،واثارة حماسهم ، لا احد يريدهم ، لا مكان يقبلهم في بلادهم العربية. وتقبلهم دولة في اقاصي الارض ، وتوفر لهم المسكن ودورات تدريبية علىاللغة البرتغالية لانهم ـ الفلسطنيون ـ ظلوا العمر كله يتحدثون العربية التي ما اعادت تفيدهم في بلد المنفى.
من اغرب المفارقات ان يسمي الاسرائليون الفلسطنين في داخل الارض المحتلة بالعرب .. وهم عندهم عرب .. الا العرب فيسمونهم بالفلسطنين ولا يمنحونهم حق العروبة علىاراضيهم ،واولها تلك الاوراق التي تسمى بالجوازات .عجبي!!
على اي حال ذهب الفلسطنيون الى البرازيل وافتخرت القنوات بالتسابق لتغطية الحدث . وقالت فلسطنية طاعنة في السن تجلس على مقعد تعلم اللغة البرتغالية ، بهدوئها الفلسطني .. انها زعلانة على ما أصابها من العرب .. لكنها تحبهم .. لا تملك الا ان تحب اهلها الذين تسببوا باقصائها الى اخر الارض.
لم تنتظر البرازيل من العرب اي شكر وتقدير على قبولها بابناء قضيتهم المركزية كما يدعون .. لكن الا تستحق ان تنصف ولو بنصف الجائزة التي نالها السيد اردوغان لانها قامت لوحدها بعمل للقضية الفلسطنية ، وليس خطابا" على المنابر .. فلو كان الامر جوائز للخطابات لكان هناك الكثير من هو اجدر في الحصول علىالجائزة من اردوغان ..وطبعا" من ابناء عمومة الفلسطنين من الحكام والقادةالعرب .
مع اعتذاري الكبير للمفكر العربي الفلسطيني عزمي بشارة، والدكتور مصطفى البرغوثي لانني لم اتمكن رغم محاولتي ان اقنن لغتي بطريقة اكثر دبلوماسية في الطرح ، مثل لغتهما التي تعرض الجرح العربي عامة والفلسطيني خاصة ،وتدعنا نفكر..
د . شـــــــــذى احمد
شذى احمد
shathaah@maktoob.com
الحوار المتمدن - العدد: 2941 - 2010 / 3 / 11
المحور: القضية الفلسطينية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.