------------ --------
Share |

رضعوا وما خلوه يرضع





شذى احمد



صالح الحمداني كاتب عراقي ساخر.. تتسم سطوره بالبساطة واللمحة الذكية ومع هذا تقطر مرارة واسى على ما إل إليه حال العراق والدمار والتمزق الذي يعيشه من بداية الاحتلال الى يومنا هذا.
في مقالته المعنونة ب .. نعله على عرضك حمودي يروي لنا الحمداني يوميات جندي عليه واجب تأدية الخدمة الإلزامية والمعاناة التي يمر بها ولا يلتفت إليه احد ، يطلعنا على مشاعره الدفينة واشتهائه للحب بطريقة لا تخلو من براعة وحلاوة تتميز بها سطوره . باختصار يصور رحلته من بغداد الى الموصل حيث مكان خدمته ومشاركته الرحلة شابة جميلة ترضع صغيرها.. ولأن الصغير عنيد فإنها اعتادت كما يبدو على تهديده بالقول: "حمودي .. ترضع لو أخلي عمو يرضع !!"يتلقف (الجندي ) الذي تكالبت عليه الصعاب والمصائب التهديد بمزيج من الأمل والفرح وينتظر بفارغ الصبر أن يعاند حمودي وهو الرضيع ويصدق الملاك وهي السيدة الشابة كما وصفها في وعيدها!. لكن حمودي كان يرضخ لإرادة أمه فما كان من الجندي في نهاية المشوار وهو يغادر الأزبري كما اعتادوا تسمية مثل هذا النوع من السيارات في كراج الموصل إلا أن يلتفت الى حمودي بلوعة قائلا" نعله على عرضك حمودي، لا خليتنه نرضع .. ولا خليتنا ننزل بتكريت!!".
ويسترسل قلمه ليطول باقي القائمة في لعناته فيدون.......

نعله على عرضك بريمر: لا أنت حكمت البلاد كمحتل، ووضعت لنا دستورا ً– كما فعلتم في اليابان المحتلة – ولا أنت سلمت الأمور بيد حكومة انتقالية تضع دستورا ً وتدعوا لانتخابات، ولا (ظلينا على بنيان أول العام !) .
تركتنا بيد الجماعه يتعلمون برؤوسنا فن الحلاقة، وذهبت إلى واشنطن دي سي! لتلعب الغولف وحدك، وبقينا نحن هنا يتدرب علينا مجاهدو القاعدة ومن خلفهم عزت الدوري وقاسم سليماني وأسامة بن لادن على (فن دخول الجنة ، والزواج من 72 حوريه في ليلة واحده ، بدون استخدام الفياغرا أو الدبس وراشي!) .


عند انتهائي من قراءة مقالة الحمداني ، واستماعي لزفراته ، ومشاركته الأسى أظن بان بريمر رضع حتى الشبع هو ومن أتى بهم ، وان من حرم نعمة الرضاعة من ضرع أمه الوطن هو العراقي لأنهم ما خلوه يرضع.. بل ضرجوا ضرع الوطن بدماء أولاده. مسكين العراقي لم يعد حقلا لكل اللاعبين بقدره كما سطرهم قلم صالح الحمداني يرتع منه كل من هب ودب ويحقق به إغراضه سواءا الذين ذكرهم أم الذين لم يذكرهم مقاله ولهم أطماع في العراق لا تخفى على احد وفي مقدمتهم كما اصطلح على تسميته دول الجوار،ومن يعمل لها في العراق فحسب بل صار ضرعه حكرا على من يرضع بلا رحمة حتى الشبع، ثم يدير ظهره مغادرا دون كلمة شكر ، أو امتنان لان وقته لا يتسع وقد صار لتوه من أصحاب الثروات الطائلة والعقارات الفخمة في بلاد الغرب وعليه رعايتها.

إن الوازع الأخلاقي يفترض بالأمريكان أن يتحملوا مسؤولياتهم إزاء البلد الغارق في الاضطرابات والفوضى وعدم الاستقرار , وان يساهموا في إعماره مثلما كانت لهم اليد الطولى في دماره. عليهم الدفاع عن سمعتهم ،وان يكونوا أوفياء لآبائهم الذين أعانوا أعدائهم في الحرب العالمية الثانية اليابان وألمانيا وأعادوا بنائها وساهموا في نهضتها. عليهم تقديم المساعدة للعراق بشكل صحيح وليس صوري كما تطالعنا شبكات الأخبار ، فليس انسحابهم بكافي وليس كلمات الإطراء التي تشيع بان العراقيين قادرين على تحمل مسؤولية امن بلدهم وحدها بكافية لكي تعيد ما سحقته ألتهم الحربية وجحافلهم التي زحفت الى العراق واحتلته.
سيرد علي متحدث باسمهم ساخرا.....لكنهم ضحوا لأعمار العراق ما يقارب ال600مليار دولار حتى عام 2008 ،ولم يتم بها اعمار وبناء البلد بل سرقت بحسب المتحدث الأمريكي كما نشر في تحقيق معد فياض المنشور بعنوان ((7سنوات أحالت بغداد الى خراب...)) قد يكون ذلك صحيحا. لكنهم كانوا بطريقة مباشرة سببا في سيطرة الجماعات الفاسدة على مقاليد الحكم .
حتى تصرفاتهم التي اتصفت حينا بالا مسؤولية، والأخرى بالأمر الناهي ليست من الحكمة بمكان. عليهم أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث بحكم دوائرهم التحليلية وقدراتهم السياسية وباعهم الطويل في حل الأزمات العالمية للمساعدة في إيجاد أفضل الحلول للازمة العراقية ودعم القرار الصحيح . فلا يعقل أن تلعب الإدارة الأمريكية دور الحمل الوديع أخر الأمر وهي المحتل الذي تلطخت صفحات احتلاله بالأخطاء الكبيرة من فضائع السجون الى سوء التعامل مع الشعب المحتل والأزمات، فتدعي فجأة بأنها ضيف طيب ومهذب يرتدي بدلته الأنيقة ليرقب اختيار الشعب .. ذلك الذي لم يبقى منه القادر على اتخاذ القرار بسبب الإرهاب والقتل والتشريد.
على إدارة الرئيس اوباما مسؤولية أخلاقية لا تقل أهميتها عن وعوده بتنفيذ أجندته الانتخابية تطلب منه إعانة الشعب العراقي الذي تسببت إدارة سلفه في معاناته الحالية .وان يسجل في السلم انتصارا يستحق أن يذكر له.



2010 / 9 / 30

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

-----
Share |
------