------------ --------
Share |

جعفر صديق اوباما






د. شـــذى احمد



فجأة انقطع البريد الالكتروني معلنا عن وصول رسالة إعلامية تخللتها الألوان المتعددة وهي تعلم على الأسماء ، وإشارات واضحة لفقرات تجبر على الانتباه إليها.

الرسالة عرضت فصولا من حرب شعواء بين كاتبين شهيرين تخللت شهرتهما الألقاب والشهادات الأكاديمية مضافا لهذا وذاك الموهبة المميزة في الكتابة والمحاججة والنقد. ماذا إذن كانت رسالة من صديق اعتاد إخفاء آهاته وغضبه ، وأي شعور خاص ومشاركة مجموعته بكل ما بحوزته أيا كان مرسلها وهدفه . تضمنت الرسالة سبا وشتما وقذفا من الكاتب له شخصيا وطردا صريحا يمنعه من مخاطبته.. ثم لحقتها بعد ساعات رسالة الكاتبة التي شتمت ولما حملت كلماتها الكاتب على شتمها، ولان العالم مأهول بالإحداث تعجب جعفر كيف فاتته كل هذه الأحداث ولم يتابعها.
تأمل طويلا الرسالة التي تضمنت كلمات الكاتبة التي أشعلت النار والحرب في نفس الكاتب الذي خانه هدوئه، وراح يشتم بلا رحمة.

أستيقظ جعفر في اليوم التالي وهو يشعر بان الموضوع لا يريد تركه . أنجز أعماله وعندما عاد لأحضان حاسوبه قلب بصفحاته باحثا عن المزيد ليرضي فضوله من المنشور عن الكاتبين عله يقنع نفسه بمعرفة من المخطئ منهما .. قرأ وتصفح وكانت أخبارهما تكفي لتكون مادة لأشهر لا لأسابيع وبينما هو مستغرق في متابعة لقاءات الكاتب وتصريحاته على اليوتيوب تذكر جملا محددة. علها كانت السبب لأعادته أو دفعته لكي يمضي في فضوله وبعثه في صفحات الويب عنهما وتقفي أخبارهما ومتابعة وقائع حربهما الضروس. رجع بسرعة قلب صفحات البريد ، وقرأ..... آه هذه هي تلك العبارة التي استوقفته كما الكثير بل الكثير جدا من الناس عندما يقرؤون موضوعا تصبح اغلب السطور والأفكار الواردة فيه جانبية إلا فكرة أو جملة واحدة معلقة لأنها تلمس وترا خاصا أو ذكرى .
ـ ذكرى رددها جعفر عدة مرات . لقد قرأ لتوه ولمرات دون معرفة السبب لما يقرأ.. الآن عرف ابتسم ثم ما هي إلا لحظات حتى انفجر ضاحكا. تذكر الآن كل شيء في بيتهم العتيق أيام طفولته وصباه.. وأحاديثها تلك الجدة القوية وهي تردد بلا كلل أو ملل قصتها التي أحالتها الى عشرات القصص،وكلها تذكر الأحفاد بالمنصب العظيم الذي تقلدته يوما ما في حياتها كانت خياطة الملكة عالية أم فيصل الثاني ملك العراق .. هكذا صنعت لها فستانها وعدلت من قصتها كم كانت الملكة مهذبة والأميرات في القصر وقصصا لا تنتهي للعجوز التي فصلت قطعة قماش لترتديه امرأة كانت تحمل لقب ملكة.
هذان النجمان في سماء الإعلام يرددان بدورهما قصصا لا تقل تشويقا عن قصة جدته ويفتخران بتعدد مصافحتهم للمشاهير رغم أنهما من المشاهير على الأقل لجمهورهما..ضحك استغرق بالضحك والأفكار تتدافع الى رأسه كأنها شلالات عارمة .. من قال تلك العبارة الشهيرة .... في حياة كل ناجح هناك من يفخر بأنه كان يجلس بالقرب منه على مقاعد الدراسة. الحال هكذا مع المشاهير الكل يتسارع في نقل الأحاديث عنهم والتفاخر بالتقرب منهم وتسطير لقاءاته بهم . وهم لا ينفون ولا يؤكدون فماداموا يذكرون يعني إن شهرتهم مضمونة .

جلس جعفر بعدما مط جسمه، وأدار رأسه تطلع الى أصص النباتات التي على النافذة . انتزع أوراقها الذابلة ودس يده يتفقد تربتها . ثم التفت فإذا به يرى ابنه الصغير يتطلع إليه كمن يريد الحديث معه بادره
ـ هه أنهيت دروسك ؟

ـ كلها رد ابنه وهو يومئ برأسه
تعرف كانت جدتي تجلدنا بقصة صارت حرفية في سردها من كثر ما كررتها حتى وصلت بصياغتها الكمال ..ثم ضحك أراد التماسك فلم يقدر ضحك وعلت ضحكاته، فلم يملك ابنه إلا مجاراته . ضحكا ومرت الدقائق التالية وهما يتطلعان بعيني بعضهما كأنهما يتحاوران ضحكا صافيا. في عبارات متقطعة قال جعفر : كانت جدتي تتباهى بأنها خياطة الملكة عالية . حتى أخر أيامها . لقد ضعف بصرها في أخر أيامها كثيرا . لكنها لم تتوقف عن إسماعنا قصتها وتفاصيل زيارتها لصاحبة الجلالة . كنا نمل بعضنا يهرب ليلعب والبنات كن يتلقين بعد ذلك درسا في فن الخياطة. بعدها تنفس بعمق. نظر لابنه الذي كان يستمع إليه بانتباه شديد وأشفق عليه من مواجهة نفس مصيره مع الجدة، فخاطبه وهو يتصنع التباهي : لو عرفت جدتي اليوم إنني أصادق باراك اوباما وإنني أتلقى على صفحتي في الفيسبوك كل يوم بريدا منه يخبرني بنشاطاته وتحركاته . وان لي الحق بالتعليق على صوره ومبادلته الآراء ربما كانت ..ونظر لابنه يسأله عما يظنه غير أن الصغير ظل صامتا كمن يريد سماع القصة إلى النهاية، فتابع بخباثة: ربما كانت رفعت من أجرها الذي كانت تتقاضاه في خياطة فساتين ملكتها.. وعادا الى الضحك.من جديد. ثم سرح جعفر بفكره بعيدا وهو يقول بمرارة لكن تعرف ما الفرق ما بيني وبين جدتي. هز ابنه رأسه عاجزا . الفرق ربما كان بمقدور جدتي التمتع بمكانتها بين أهلها وأصحابها . وما أنا إلا مثل عشرات الآلاف الذين وجدوا أنفسهم اصدقاءا للملوك والرؤساء والمشاهير تفرحهم لقاءاتهم أو مصافحاتهم. أو حتى خيار أن يكون اسمه معك على النت كما هو حالي مع الرئيس الأمريكي لكن الفرق انه رجل يحكم الإمبراطورية الأولى في العالم .. وأنا لا احل رجل دجاجة . وعادا الى نوبة ضحك من جديد. .



د. شـــذى احمد



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

-----
Share |
------