------------ --------
Share |

شوية عليه وشويه عليك




شذى احمد



تكثر وتزداد الأحاديث الطرق والوسائل التي تلتقي بالنتيجة كلها لتخدم غاية واحدة وهي تكفين المرأة بدواعي حفظها وهي الدر المكنون والجوهر المصون من أن تنالها الأيدي والعيون.

يرصد بعض الكتاب والكاتبات حالات تبدو لشدة سذاجتها مخزية ومعيبة عندما يكن رواتها من الدعاة، والممتهنين الدين ونصوصه.
من هذه الحالات تلك التي حدثنا عنها الدكتور يونس حنون في مقاله ...غض بصرك تصبح مليونيراَ. حيث يلف ويدور الشيخ لكي يقنع جمهور المستمعين من المسلمين البسطاء الذين لم يسبق لهم الاطلاع على طبيعة الحياة لا في أمريكا ولا في بلاد غربية عموما بان النساء مبتذلات والاغتصاب هو الشغل الشاغل لرجالها وتغتصب حسبما جاء في المقال أمرآة كل ثلاث ثوان.. زمن قياسي كيف يصدقه مجنون قبل العاقل.
إن الهدف من مثل هذه الأحاديث وتداولها يوميا يبدو بالظاهر هدفا تربويا. لكنه في الحقيقة هدفا تبريرياً يريد من خلاله أولئك الدعاة من الشيوخ الإيحاء بسعة معلوماتهم وصدق رسالتهم وصحة النصوص التي يجب أن لا تناقش وإلا فان النتيجة ما نراه في بلاد الغرب.
يذكرني المقال بحادثة عشتها ولم اسمعها من احد الدعاة في إحدى القاطرات حيث صعدت شابة مبهرة الهيئة ترتدي ملابس متميزة يمكن وصفها باختصار بتنوره قصيرة للغاية ومعطف طويل جدا ولو أضفت .. كانت فارعة الطول ينطبق عليها الوصف الدارج كأنها ناقة أو منارة كما يحلو للعراقيين تسمية الفارعات فستعرف لما أدارت عنق كل من كان متواجدا يومها في القطار ولم تترك شبرا من ارض الصبر في نفوس من رآها منهم إلا وأحرقته بجمالها وفتنها وحضورها الملفت . لما جلست انحسر معطفها جانباً فانكشفت سيقانها المتناسقة الطويلة لتربك ريشة مايكل أنجلو الذي كان سيحتاج لساعات حتى يستعيد هدوءه واضطرابات قلبه قبل بدأ عمله في تخليد لوحة على هذا القدر من الروعة.
احدهم لم يصبر وسأخيب ظن زميلي يونس حنون وأقول انه أجنبي مليون بالمائة أشقر مثلها ولا يقل عنها وسامة ربما رأى نفسه كفؤا لها لكي يعلن بأنه نظير لهذا الجمال المتفرد. تحرش بعبارات هامسة ورأس يرتفع وينخفض كمن يجس نبض الخصم وردود فعله. فما كان منها إلا أن رفعت إليه رأسها قائلة بنبرات حادة قاطعة كل طريق للمساواة أو لإطالة الحديث غير المجدي على الأقل بالنسبة لها: أصمت ..أم تريد العقاب .
ماذا حصل الجلوس صامتون كان على رأسهم الطير . الفارس المغوار نكس رأسه ولم يرفعه والمعطف لم يسحب ليغطي عفوا اقصد ليطفئ نيران استعرت في قلوب شباب كانوا يعيشون في أمن وسلام في ساعة الصباح تلك . لم يحصل كل ذلك مضى القطار من محطة الى أخرى ونزلت الفارعة في محطتها وظلت تحرسها أيائل التحضر ، والحرية التي كفلها لها مجتمع يعتني بالكثير غير جمالها من بناء الى ثقافة الى تقنية الى تصميم الشوارع الى تنظيم الطرق والمواصلات مرورا ببناء محطات للوقود النظيف والطاقة الشمسية . بناء المصانع والمعامل إنشاء مركبات تسبر غور الفضاء . معالجة مشاكل البطالة التكافل الاجتماعي متابعة الأحزاب السياسية والحرص على معرفة الممولين لحملاتهم الانتخابية حماية تراث البلد و.. عشرات الملايين الأخر من الاهتمامات التي تفوق إن لم يسبق بعضنا الهاجس الشرقي فيقول يوازي بجماله وروعته ومتعته ساقي ناقة باهرة الجمال .
إن من يكفن المرأة وترتعد فرائضه لما يبدو منها ويسيل زبده مسكين يشكو تشوها خلقيا فاضحا في فقرات عنقه منعه من أن يرتفع برأسه ليرى بان في الحياة الكثير الذي يستحق اهتمامه والعيش من اجله. كل ما عليه فعله الابتعاد قليلا من كهوف الشهوة والشبق والرغبة المريضة بالجنس الى اهتمامات أعمق تعطي لباقي خلاياه وأعضاءه قيمة على الأقل موازية لتلك التي يمنحها لشهوته. عليهم تعليم الرجل في الشرق سواء في البلاد العربية أم الإسلامية بأنه لا يقل فتنه وجمالا وسحرا عن المرأة وانه ليس ظلاً يتبعها بل عليه أن يكون شمساً تنشدها هي أيضا. لم يخافون ذلك ربما كي لا ينقلب السحر على الساحر ويظهر من يقول ماذا عن مظهر الرجل وأناقته وجمال طلعته وحسن هندامه. الرجل بدوره يفتن المرأة فهل يظن واضعي النصوص والمحاضرات الأخلاقية الطويلة والخطب إن المرأة من حجر لا يحركها الرجل فلما لا يترتب عليه ما يترتب عليها هذا سيضع الحجاب ودعاته في محنة قاسية لكن الواجب يقول إن الحياة تتطلب الاحترام والتقدير بين الاثنين فلقد مللنا من قصة الذئب والغزال صرنا نسكن المدن المتحضرة ولدينا قوانين عليها تنظيم سلوكنا والرجل صار يشغله الكثير ويستثمر وقته في انجازات مهمة غيرت وتغير مجرى الحياة ولم تعد الأنثى واغتصابها همه كما كان في العصر الطباشيري لبني البشر. على اعتبار إن العصر الطباشيري تسميه خاصة بالديناصورات . وقفة ذكية وتستحق التقدير من كتابنا وكاتباتنا الواعين وهم يرصدون مثل هذه الحالات،وتتناولها أقلامهم بالتحليل كي يعرف الناس حجم الأضرار التي تلحق بحياتهم جراء سيطرة مثل هؤلاء الدعاة المبالغين وحجرهم لإرادة الإنسان البسيط ، وتغيب وعيه. علهم ينجحون في إيقاظ السبات منهم والمغيبين . ثم لتصدح الشواطئ بعدها بلحن عذب فتردد الحناجر المعافاة من وباء الهم الجنسي الأوحد بأغنية رقيقة تقول كلماتها..
ما تخليش الدنيا (الدعاة ) تلعب بيه وبيك
خلي شويه عليه وشويه عليك.

د. شـــذى


2010 / 10 / 3

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

-----
Share |
------