------------ --------
Share |

الرجال أنواع...






تقفز الى ذهني لدى قراءة بعض تعليقات السادة والسيدات المشتركين في مواضيع الحوار أسئلة أجدها مهمة وتتعلق بالمواضيع التي يتم تناولها من قبل كتاب وكاتبات الحوار حيث يحددها أما حدث جاري او فكرة خارجية او هم عام يكون مشتركا بين شرائح كثيرة كان يكون سياسيا او اجتماعيا او ثقافيا عاماً. أما أنا فلقد أثار اهتمامي رجال الحوار كتابا ومعلقين ( تاركة الحديث عن نساء الحوار لوقت او مقال أخر لخصوصية الحديث عنهن ) ، وتصنيفاتهم إن صح لي التعبير .. فاستوقفني أول المجموعات وهي مجموعة الكتاب بمختلف مشاربهم واتجاهاتهم الفكرية من يمينين ويساريين معتدلين متعصبين، أو من ليبراليين وعلمانيين الى تنويريين إما بتسلسل الزميل شامل عبد العزيز في سلسلته القيمة او بدونه.
وما حققته مشاركتهم الفعلية في تدعيم لغة الحوار المتبادلة بين الكاتبات والكتاب حيث كانوا مدافعين جادين في ساحات الحوار على مواضيعهن ، وكانت لأرائهم التعضيدية وأحيانا الحيادية التي عززت إمكانية التطوير والتطرق الى مواضيع يصعب قراءتها بل يتعذر نشرها في موقع أخر لطبيعة اللغة التي استخدمت بالكتابة أو جرأة الطرح.
فئة أخرى مهمة، وأنت كانت مكتفية بالكتابة على مساحة التعليق الذي لا يقل أهمية في أحيان كثيرة عن الموضوع، بل يكن أشبه بالمكمل له. وهؤلاء بدورهم افرزوا فئة تبشر بالكثير، فمثلا أولئك الذين خبروا لغة التخاطب مع الآخرين عبر قنوات الحوار المتاحة على النت ،صاروا اقل تعصبا لأرائهم وتمتاز لغتهم بالعقلانية والوسطية ،وكثيرا ما تجد أن ما يعنيهم الموضوع بغض النظر عن كاتبه أو كاتبته. لذا ترتفع أهمية تعليقاتهم لتصل لمستوى يقترب من استطلاع أراء العامة في المواضيع المطروحة محققين بذلك خاصية قد تستخدمها كبريات دور الاستفتاء او الصحف العريقة .
لكن وهذا متوفر، وجاهز لأداء مهمته على الدوام هناك الفئة التي تدخل فقط لكي تلقي بحجارتها في بئر الماء مستمتعة بتعكير الأجواء وصفوا النقاشات، وهي على الأغلب اما قادمة لتنفس عن انكساراتها، او مدفوعة بما بات معروفا بطوابير التطبيل والتزمير التي راحت تهيمن على المواقع الحوارية لكتابة الآراء المضادة بغرض بلبلة أفكار العامة وإشاعة شعور بان الرأي الأخر المخالف حاضر بقوة وفعالية.. تتوزع وظيفتها في متابعة هذا وهذه ، والنيل منهم وتسفيه كتاباتهم باستخدام الكلمات النابية والعبارات السمجة المقيتة علهم يتمكنون من إسكاتهم ، او حتى جرحهم وإحراجهم إن تعذر ذلك.
والطريف أنهم يرتكبون أحيانا أخطاءا مضحكة والسبب واضح أن لا سهام بجعبتهم غير تلك التي يرمون . قد يكون الكلام بعيدا كل البعد عما يتحدثون عنه .. ولكنهم كما تقول النكته الالمانية ... عندما كان المستشار الألماني الشهير هلمونت كول في زيارة خارجية دعي لزيارة حديقة الحيوان .. وكان الحديث بالطبع بالانكليزية .. فكان كلما رأى حيوان قال : جميل هذا الفيل .. فأضطر مضيفه لتحمل تعليقاته على مضض حتى ضاق ذرعا ثم سأل مساعده أخيرا: لما يسمي كل ما يراه فيل فقال له : لأنه لا يعرف غيرها بالانكليزية!.
لقد هالني بعد أن قادتني الصدفة أخيرا أن اعرف عدد زوار روابط بعض الأغاني الهابطة فوجدتها تصل للمليون والمليونين والأربعة بل أكثر للرابط الواحد وهو رقم ربما لم يحققه اكثر الكتاب شهرة . اعرف بان استغرابي قد يبدو بلا معنى لدى البعض، فمحطات الأغاني تستقبل ملايين وهذا أيضا صحيح لكن ما قصدته أننا نسمي مستخدمي النت جمهور متعلم أي لا يفتح جهاز التلفاز فحسب ضاغطا على جهاز التحكم من بعد ، بل يذهب ويبحث ثم يعلق ..استمرارا ببحثي أحببت أن اقرأ التعليقات لأهميتها فوجدتها تتسم بالكثير من التسامح والإعجاب والمحبة والاعتزاز ، والانتماء حيث يكفي أن تسمع إن فلان او فلانة غنى بالعراقية مثلا حتى يذود عنه القارئ ويدافع عنه باستماتة . ثم ينبري بحرب مع المخالف تصل الى أبشع صور الشتائم والانتقادات. عندها تساءلت كيف تتعامل النفس البشرية مع الأشياء.. فهنا في صفحات الحوار الهجوم على الأشخاص ، والتعرض لهم بشكل سافر رغم ان الكثير منهم يحمل الهم العام سواءا لبلد عربي او لكل بلاد العرب بينما الذين يصرخون وتصم موسيقاهم النشاز الأذان يستحوذون على اهتمامات الملايين ويتابعون أخبارهم ، ويتبادلون الرسائل بخصوصهم وكل ما يقدمونه للجمهور العريض بعض التفاهات والكثير من الغث الذي سيذهب أدراج الرياح بعد حين.
إن من حسنات التبادل الفكري رغم محدوديته. يكمن في قدرته على مخاطبة العقول التي انتقلت من حركة الجندي الأولى في الشطرنج الى المربع قبل الأخير للانتقال بالحجر الى استبداله بوزير يغير مجرى المباراة ويقول للملك الجاثم على صدورنا دهورا سحيقة كش ملك .. ذلك الملك الذي كشف زيفه والذي لا يملك إلا لغة القدح والردح والشتم والنيل من الآخرين. هذا الملك الذي ما زال للأسف رواده أكثر بكثير من رواد أي منبر عقلاني. ولن أفوت المناسبة دون أن أقول بان المواقع الدينية المتطرفة والغيبية والتي تبث الخزعبلات والأكاذيب لا تقل روادا عن الأولى وبين وهم الخوف والتخويف والترهيب، ووهم الرغبات المكبوتة والجامحة يبقى هم الكثير من المتأملين والباحثين في التعليقات وأراء العامة يبقى همها هو بماذا تفكر وأي شيء يستحوذ على اهتمامها ووسائل الارتقاء بها الى لغة حضارية وسلوك سوي يقدر جهود الكتاب وبثمن أوقاتهم التي صرفوها في الإعداد للمواد المختلفة ومناقشة الفكرة وليس الاهتمام بشخص الكاتب وما يظن به من ظنون.
طابت أوقاتكم جميعا
د. شـــذى






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

-----
Share |
------